رام الله -الاقتصادي- بالتزامن مع حالة الهلع التي تسود أوساط الحكومة الإسرائيلية وأهم المؤسسات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلة جرّاء انتشار حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، بدأت البنوك والصناعات الرئيسية الإسرائيلية تعبّر عن خشيتها من "تسونامي" المقاطعة الاقتصادية التي باتت تلوح في الأفق.
فقد خصصت الهيئة التي تمثل الصناعيين الإسرائيليين "خط BDS ساخناً" للرد السريع على تحدّيات المقاطعة الاقتصادية ضد أي شركة إسرائيلية في العالم، حسب صحفية "غلوبس" الإسرائيلية المتخصصة بالشأن الاقتصادي.
وصرّح شراغا بروش، رئيس هيئة رئاسة منظمات الأعمال الإسرائيلية، والتي تشمل قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة وغيرها، قائلاً: "للأسف، ساءت محاولات المقاطعة وتوسعت في الآونة الأخيرة، وليس من المتوقع أن تزول في المستقبل القريب".
كما نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قبل أيام تقريراً عن خشية البنوك الإسرائيلية من "تسونامي اقتصادي" أوروبي، على خلفية توصيات "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، وهي مؤسسة بحثية مؤثرة في سياسة الاتحاد الأوروبي، بوقف التعاملات المالية الأوروبية مع البنوك الإسرائيلة التي تعمل بشكل غير قانوني في المستعمرات والأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية. وكان المجلس قد أوصى الاتحاد الأوروبي باتخاذ رزمة خطوات عملية هامة باتجاه تطبيق سياساته وقوانينه التي لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية في الارض المحتلة.
عقّبت د.سامية البطمة، أستاذة الاقتصاد في جامعة بيرزيت وناشطة في حركة المقاطعة، قائلة: "على الاتحاد الأوروبي الالتزام بالقواعد والأنظمة الخاصة به فيما يتعلق بعدم الاعتراف بسيادة إسرائيل في الأرض المحتلة. ونظرا للدور الكبير لجميع البنوك والشركات الإسرائيلية في الأنشطة الاستيطانية غير القانونية، فإن تطبيق السياسة الأوروبية بدقة سيكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي برمته. وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الضغط على نمو الاقتصاد والعمالة. وكما كان الحال في جنوب أفريقيا، فقط هذه الضغوط ستضع حداً للاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي".
يُذكر أن أسعار أسهم البنوك الإسرائيلية قد هوت بمعدل 2.3% في 21/7/2015 فور نشر وكالة "رويترز" لتوصيات "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" بخصوص وقف التعامل مع البنوك الإسرائيلية.
بدوره، قال صلاح هنية، رئيس الراصد الاقتصادي وممثلها في اللجنة الوطنية للمقاطعة: "إن البنوك والشركات الإسرائيلية والعالمية المتورطة في الاحتلال الإسرائيلي وانتهاك حقوق شعبنا لا بد أن تدفع ثمناً باهظاً في ميزان أرباحها لتنهي تواطؤها."
وفي سياق منفصل، كشفت إحدى أكبر الصحف الاسكتلندية، The Scotsman، أن هيلاري كلينتون قد استغلت نفوذ الحكومة الأمريكية عام 2009، عندما كانت وزيرة الخارجية، في الضغط على الحكومة البريطانية والسياسيين الاسكتلنديين ومهرجان إدنبرة الفني لإجبار المهرجان على العدول عن قراره برفض تمويل السفارة الإسرائيلية في لندن لعرض فيلم إسرائيلي في المهرجان. وكان المهرجان قد قبل هذا التمويل الإسرائيلي ثم اضطر لإعادته بعد حملة مقاطعة واسعة، قادها المخرج البريطاني الشهير، كِن لوتش ولجان التضامن مع فلسطين في اسكتلندة.
تعليقاً على هذا التواطؤ الأمريكي السافر لحماية إسرائيل من الحملات التي تخوضها حركة المقاطعة BDS عالمياً، قال د. حيدر عيد، أستاذ الأدب في جامعة الأقصى (غزة) وعضو اللجنة التوجيهية للحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافيىة لإسرائيل (PACBI):
"لم نكن نعلم في 2009 أن الرعب الإسرائيلي من انتشار حركة المقاطعة BDS قد وصل وقتها إلى درجة لجوء إسرائيل إلى توظيف الضغط الرسمي الأمريكي لمواجهة حملات مقاطعة ثقافية وفنية وأكاديمية صغيرة نسبياً هنا وهناك. إن هذا التدخل يثبت بشكل قاطع مدى تأثير حملات المقاطعة، بالذات لناحية كشف الوجه الحقيقي لنظام إسرائيل الاحتلال والاستعماري والعنصري".
إن اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل، التي تقود حركة المقاطعة العالمية BDS وتمثل أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات، مستمرة في نضالها الساعي لعزل إسرائيل أكاديمياً وثقافياً واقتصادياً وعسكرياً حتى يمارس شعبنا بكل أجزائه حقّه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وبما يشمل بالحد الأدنى: إنهاء الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي وعودة اللاجئين إلى الديار التي شردوا منها منذ نكبة 1948.