اعتاد المهندس المعماري راسيل بيترسون القول "إن العمل نادلا لتقديم الوجبات في مطعم وتنظيف الحصادة الآلية هما أصعب وظيفتين مارسهما في حياته". بعدها أصبح أبا ملازما لبيته. يضحك ويقول "إنه أمر يفوق بكثير هذين العملين". ويضيف "إنها مهمة صعبة".
منذ 15 عاما باع حصته في شركة معمارية مزدهرة شارك في تأسيسها، ليتفرغ لرعاية طفليه. كان لدى بيترسون وزوجته، اللذين يعيشان في ولاية مينيسوتا "حياة مهنية رفيعة المستوى، ويقضيان الساعات في العمل"، ما ترك لديهما شعورا بأن الآخرين يتولون تنشئة أطفالهم، بينما هما لا يؤديان هذا الدور على النحو المطلوب. لذلك اتخذا قرارا بقي بموجبه بيترسون في المنزل، في حين ذهبت زوجته إلى العمل. هذه الخطوة سببت الحيرة لدى آباء الزوجين، وكلاهما من رجال الشركات. وتساءل أقرانهم عن سبب تخلي بيترسون عن مكتب ناجح. ويقول في ذلك "هناك نزعة لدينا نحن الرجال بأننا يقودنا النجاح الوظيفي. يجب أن يكون الأمر مسارا خطيا يظهر النجاح". ويضيف "عدد قليل من الناس يقدرون الدور الذي يؤديه الرجال في المنزل".
وكان قد تم تسليط الضوء على هذا قبل عامين، عندما حاول بيترسون الحصول على وظيفة. "لقد كان أمرا وحشيا"، كما يقول. "أسمع النساء تشكو من الذهاب مرة أخرى إلى العمل (بعد إجازة رعاية الأطفال) وأعتقد أن تلك الشكوى تتضاعف إلى خمسة أضعاف إذا كنت رجلا".
لم تكن أي من شركات التوظيف مهتمة بالمهارات التي اكتسبها في المجال المنزلي. وبوصفه مهندسا معماريا، يشعر بأنه يتفهم البيت واحتياجات الأسرة أفضل بكثير مما كان عليه عندما كان يعمل بدوام كامل. وعلى الرغم من سعيه وراء أدوار - وأجور - تعتبر أقرب إلى المبتدئين مما كان قد اعتاد عليه، إلا أن شركات التوظيف أخبرته أنها تريد أن ترى 15 عاما من الخبرة المستمرة. حقيقة أنه بقي على تواصل بمهنته من خلال العمل في بعض الأحيان على تصميم مشروع من فترة إلى أخرى، فضلا عن الحفاظ على مهاراته، يبدو أنها لم توضع أبدا في الحسبان. "أحد المجالات الأكثر تمييزا"، كما يقول "هو التمييز تجاه الآباء الذين يعودون إلى العمل". وفي نهاية المطاف قرر أن إنشاء شركة خاصة به، وكان ذلك هو الخيار الأفضل.
إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن عددا متزايدا من الرجال الذين هم مثل بيترسون سيعودون إلى العمل بعد فترات رعاية الأطفال. في الولايات المتحدة هناك عدد صغير، لكنه متزايد من الآباء الذين يبقون في المنزل. ووفقا لمركز بيو للأبحاث، نحو 550 ألفا من الآباء لازموا بيوتهم في العقد الأول من هذا القرن، أي ضعف العدد الذي كان في السبعينيات، عندما كان الرقم نحو 280 ألف شخص. ومثل الأمهات اللواتي لازمن المنزل من قبلهم، يواجه الآباء صعوبة في تبرير الثغرات في السيرة الذاتية لشركات التوظيف. مع ذلك يصر كثيرون على أن المفتاح الرئيسي لمساعدة الأمهات العاملات هو تشجيع الرجال على تكثيف وجودهم في المنزل. في المملكة المتحدة، ستدخل إجازة الأبوين المشتركة حيز التنفيذ في نيسان (أبريل)، ما يؤدي إلى تمكين الآباء والأمهات من تبادل إجازة العمل بعد ولادة طفلهما، أو تبنيه.
براد هارينجتون، المدير التنفيذي لمركز كلية بوسطن للعمل والأسرة، الذي أجرى بحثا حول موضوع الأبوة، يقول "إن الاتجاهات متأصلة إلى درجة أن الآباء الجدد لن يختاروا الانسحاب من مكان العمل، ولكن بدلا من ذلك مضاعفة جهودهم في العمل". في عام 2013، وجد تقرير من كلية روتمان للإدارة التابعة لجامعة تورونتو أن الآباء المعنيين كان ينظر إليهم نظرة دونية من قبل زملائهم.
يورجن لارسون، وهو عالم اجتماع في جامعة جوتنبرج، وجد أن الصناعات التي يهيمن عليها الذكور مثل الخدمات المالية هي الأكثر مقاومة. جيك لوري، وهو مدرس أسترالي في مدرسة ابتدائية لازم المنزل مع طفليه في مقاطعة مايو، إيرلندا، يقول "إنه بالنسبة للرجال مثله، الذين يعملون في القطاعات التي تسيطر عليها النساء، والعودة من هذه العطلة المهنية ذات الصلة بالأبوة والأمومة، الأمر يعتبر أسهل بكثير".
ديفيد ستانلي ومقره ميتشيجان، أخذ إجازة لمدة عامين من عمله في المبيعات في مجال الخدمات المالية في التسعينيات لرعاية ابنه. وهو متفائل ويعتقد أن الكثير قد تغير منذ التسعينيات، عندما كانت ملازمة الأب للمنزل تعتبر كناية عن كونه عاطلا عن العمل. اليوم، كما يشير، لدى الآباء فرص للقاء عن طريق الإنترنت وعبر "مدونات الآباء" التي أصبحت شائعة.
ويل كولب، عضو مجلس إدارة الشبكة الوطنية للآباء الملازمين للمنزل، ومدير الإعلانات السابق، قرر أن يصبح مقدم الرعاية الرئيسي لأولاده في عام 2008. يقول "كنت أبحث عن مهنة أعمل فيها خلال ملازمتي المنزل، لكن لم أكن في حالة حب مع الإعلان". ومنذ أن أصبح أبا ملازما للمنزل لرعاية أطفاله الثلاثة (أعمارهم سنتان، وأربع، وثماني سنوات)، يقول "إنه لم تكن لديه قط عروض عمل بهذه الكثرة - على افتراض أنه سيمارس أي وظيفة للخروج من المنزل". والوقت الذي أصبح فيه خارج قوة العمل أدى به إلى تبديل مساره. فعندما يذهب الأطفال إلى النوم، يدرس للحصول على شهادة في القانون. وبوصفه مهتما بالأبوة وقضايا الاحتجاز، يأمل الانخراط في مجال قانون الأسرة.
غيّر الوقت في المنزل أيضا شعور ستانلي بالهدف. لقد جعله ذلك "يدرك أن عصر كل دولار أخير لم يكن مهما جدا" وأدى إلى تغيير في الاتجاه: تولى وظائف في البناء في الوقت الذي يتدرب فيه ليصبح معلما.
إريك بويت، مدير التحقيقات الخاصة في شركة تأمين المخاطر الدولية، يقول "إن الدخول مجددا إلى قوة العمل كان انتقالا سلسا بالنسبة له، على الرغم من الانقطاع المهني لمدة خمس سنوات ونصف لرعاية طفليه، وعمرهما ثلاث وست سنوات. في ذلك الوقت، كان نشطا حول المحافظة على الاتصالات والمعارف. وكان يتابع تحديث ملفه الشخصي على موقع لينكد ـ إن، وكانت لديه مهمة العمل بدوام جزئي في صناعته لضمان الاستمرارية في سيرته الذاتية. وواكب أيضا تطورات الصناعة، خاصة أحدث التقنيات والقوانين التنظيمية".
نصيحة بيترسون إلى الآباء الذين يفكرون في أخذ استراحة من حياتهم المهنية هي "البقاء على اتصال" مع المعارف في الصناعة. لكنه يقر بأن "هذا أمر يصعب تحقيقه حين يكون لديك طفل في الحفاظات والآخر يركض في أنحاء البيت". وعلى الرغم من الصعوبات، يرى أن الخبرة التي اكتسبها من كونه أبا ملازما للبيت كانت قيمة، ليس فقط لعائلته، وإنما أيضا لعمله، لأنها عملت على تحسين فهمه لكيفية ارتباط الناس بالبيئة القائمة. ويقول "كوني في المنزل ساعدني على وظيفتي. أنا الآن عامل أفضل من قبل".