وكالات - الاقتصادي - تخيل وجود رائد فضاء على متن مركبة فضائية معطلة في مدار كوكب الأرض، وبينما تفقد المركبة طاقتها، لا توجد أي طريقة للعودة بسلام إلى كوكب الأرض كما لا يوجد في هذه المركبة أي نظام إخلاء، يبدو أن هذا الرائد سيواجه خطر الموت المحقق.
في الحقيقة، إن هذا السيناريو السوداوي والمخيف هو ما فكرت فيه شركة جنرال إلكتريك الأميركية. لذلك، طورت هذه الشركة نوعاً من سترات النجاة الفضائية، المصممة لمساعدة رواد الفضاء على العودة للأرض إذا تعرضوا لحوادث، حسب تقرير لمجلة Discover الأميركية.
يتمثل هذا الحل، في مركبة فضائية صغيرة تم تصنيعها لتسهيل إحضار أي شخص من الفضاء بكل أمان، وقد تمت تسميتها "مركبة السلامة الفضائية". وهي عبارة عن قمرة صغيرة لإعادة الدخول للغلاف الجوي، مع تقنيات أخرى متطورة لمساعدة الإنسان على البقاء على قيد الحياة.
ويتم توصيل هذا الابتكار الجديد ببدلة فضائية خاصة، مصممة لتحمل أقصى درجات الضغط الجوي، وهي أكثر صلابة من البدلات التي يرتديها رواد الفضاء في أثناء خروجهم من المركبة ومشيهم على سطح القمر. فضلاً عن ذلك، تتضمن تجهيزات الإخلاء الفضائي الصغيرة خزانات للأكسجين، ونظام رؤية متطوراً، ونظام دفع صاروخياً، فضلاً عن بعض المعدات اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
رغوة
علاوة على ذلك، يوجد خلف هذه المركبة الصغيرة، المخصصة للإخلاء في حالة الطوارئ، درع يبلغ سمكها ربع إنش، قامت شركة جنرال إلكتريك بتصنيعها بنفسها، وهي معبأة بالرغوة الصلبة، وتلعب دور قارب النجاة.
وفي ما يلي، نقدم لكم تصور شركة General Electric عن كيف يمكن لهذا الاختراع إنقاذ رائد الفضاء من الموت عند تعطل مركبته وذلك حسب تقرير نشر على موقع US Morning:
أولاً: سيقوم رائد الفضاء المعرض للخطر بارتداء البدلة المقاومة للضغط، ثم ربط نفسه بواسطة حبال متينة مع الكيس العازل البالغ طوله 6 أقدام، والذي يحتوي على جهاز الإنقاذ.
وبعد أن يربط رائد الفضاء نفسه بهذا الجهاز، سيعمل بأي طريقة متوافرة على أن يبعد نفسه عن المركبة الفضائية التي تعرضت للعطب.
وعندما يصبح رائد الفضاء بعيداً عن المركبة، يحين الوقت لتحويل الكيس الكبير إلى مركبة لإعادة دخول كوكب الأرض.
وبما أنه يحمل في ظهره أسطوانتين مملوءتين برغوة خاصة بالفضاء ولكن بدرجات مختلفة من الكثافة في كل منهما، فإنه عند توجهه نحو الأرض سيقوم بإطلاق هذه الرغوة وراءه، والتي سوف تصبح أكثر صلابة وتشكل نوعاً من الغشاء الواقي حوله.
الجنين
وكلما زادت كمية الرغوة وصلابتها وراءه، ازدادت قوة الدرع الموجودة في الظهر وقوة الجزء المسؤول عن الهبوط على سطح الأرض.
ومن ثم، سوف تجعله هذه الطبقة المحيطة به مثل الجنين داخل الرحم، حيث تحميه من الاحتكاك ومن درجات الحرارة العالية التي ترافق الدخول للغلاف الجوي للأرض.
وبعد أن يحتمي رائد الفضاء داخل هذه المركبة الصغيرة، سيستخدم وحدة رؤية الأفق من أجل تحديد اتجاهه، ويشغل الصاروخ الصغير لإعادة توجيه نفسه والانطلاق نحو سطح الأرض.
وبما أن هذه المركبة صغيرة جداً وخفيفة، فإنها لا تحتاج إلى الكثير من الطاقة من أجل العودة للأرض، وهو ما يوفر لرائد الفضاء ميزة إضافية تتمثل في القدرة على الانتظار بكل هدوء حتى يجد نفسه أمام المكان المناسب الذي يريد الهبوط عليه.
قرب منزله
رغم أنه بمقدور هذه المركبة أن تحط سواء بالصحراء أو في قلب المحيط، فإنه من المعلوم أن رائد الفضاء سيودّ النزول في أقرب مكان لوطنه، حتى تسهل عملية عودته وتقديم المساعدة الطارئة له.
وأخيراً عند تحديد النقطة المناسبة، يقوم رائد الفضاء بالضغط على صاروخ الدفع الذي يخرجه من المدار ويدفعه في مسار مستقيم داخل كوكب الأرض. وقبل وصوله، سوف يقوم بتشغيل بعض المفرقعات والإشارات الضوئية؛ حتى تقوم فرق الإنقاذ بتحديد موقعه ومتابعته إلى أن يحط على سطح الأرض.
عند إتمام هذه الإجراءات بشكل صحيح، من المتوقع أن تسير الأمور على ما يرام؛ إذ إن شكل المركبة المحدب من الأمام، والذي يشبه شكل المركبة الفضائية "ميركري"، يعني أنها تستطيع بسهولة توجيه نفسها بالمسار الصحيح في أثناء دخولها الغلاف الجوي للأرض.
ومن ثم، يجعل هذا التصميم رائد الفضاء يجلس في الخلف بكل هدوء ويرتاح وهو مطمئن إلى أن الدرع الواقية من الحرارة سوف تبقيه آمناً.
وبعد التعرض لدرجة حرارة مرتفعة جداً في أثناء الدخول بالغلاف الجوي، سوف يطلق رائد الفضاء ألعاباً نارية ثانية وإشارات يلتقطها الرادار؛ لمزيد من التأكد من اكتشاف فرق الإنقاذ مكانه.
وعلى ارتفاع نحو 30 ألف قدم، سوف تفتح المظلة، وهو ما يجعل هبوطه بطيئًا، بسرعة 30 قدماً في الثانية.
بالإضافة إلى ذلك، ستساعد قوة الهبوط في تبديد طبقة الرغوة الموجودة حول يديه وذراعيه، وهو ما يمنحه قدرة على التحرك بحرية.
وعندما يهبط رائد الفضاء على الأرض أو البحر، سيتوجب عليه قطع السلك داخل المركبة الصغيرة ليتمكن من تحرير نصفه العلوي، ويجلس هناك لينتظر وصول فرق الإنقاذ لتقديم الإسعافات الأولية له.
وفي سبيل إنجاز هذا المشروع، أمضت شركة جنرال إلكتريك الأميركية 8 سنوات من البحث والتطوير لتصميم هذه المركبة الصغيرة لسلامة رواد الفضاء، قبل عرض هذه الفكرة بشكل علني.
كما قامت الشركة بتجربة دروع حرارية قابلة للطي، وباختبارات طيران على مواد عديدة، حتى إنها اختبرت الرغوة للتأكد من أنها قادرة على تغليف رائد الفضاء وحمايته من كل الأخطار الخارجية.
أما بالنسبة لبعض أجزاء هذا المشروع التي لم يتم اختبارها بعد للتأكد من فاعليتها، فإن شركة جنرال إلكتريك عبرت عن ثقتها بأن هذه الأجزاء يمكن صنعها بالتكنولوجيا الموجودة حالياً.
رد فعل "ناسا"
تزن هذه المركبة ما بين 200 و400 باوند ( أي ما يتراوح ما بين 90 و180 كلغم)، وقد كانت خفيفة لدرجة أنه حتى لو كان بداخلها شخص يزن 180 باوند، وهو أثقل شخص تم قبوله ضمن وحدة رواد الفضاء في وكالة ناسا الأميركية.
فإن المركبة ستكون قادرة على التحرك بسلاسة وعدم التعرض لأضرار كبيرة عند اختراقها الغلاف الجوي.
وفي هذا الإطار، تخيلت General Elecrtic أن رائد الفضاء سيستخدم هذه المركبة الاحتياطية للنجاة عندما يجد نفسه في وضعية طارئة، رغم أن وكالة ناسا وسلاح الجو الأميركي ليسا مقتنعين بوجود حاجة لهذا الاختراع.
ويذكر أن هذه الفكرة نفسها تمت الإشارة إليها في تقرير صدر عن المركبات الفضائية سنة 1969، ولكن الأجهزة المصممة على أساس هذه الفكرة لم يتم استخدامها إلى حد الآن.
المصدر : هاف بوست عربي
120