وكالات - الاقتصادي - فاكهة الدوريان، تلك الفاكهة التي اشتُهرت في أسواق جنوب شرق آسيا، وعُرفت بتسميات عديدة كان أهمها: (فاكهة الجنة)، و(رائحة جهنم)! وعلى الرغم من التناقض الكبير في كلا الاسميْن، إلا أنها لم تُكنَّى بذلك من فراغ! إذ تمتاز الدوريان برائحتها القوية الكريهة التي تُشبه إلى حدٍ كبير رائحة الفاكهة الفاسدة أو النتن والعفن، على الرغم من طعمها المقبول وملمسها الذي يُشبه إلى حدٍ كبير ملمس الزبدة.
رغم شعبيتها الكبيرة في إندونيسيا ودول جنوب شرق آسيا، إلا أن الدوريان من الأصناف الممنوعة داخل الطائرات والفنادق وبعض سيارات التاكسي. وذلك بسبب رائحتها القوية الكريهة سريعة الانتشار.
لكن وعلى الرغم من تلك الرائحة المنفِّرة، إلا أن للدوريان شعبية كبيرة ومكانة عظيمة في بلادها الأصلية. فهي تُسمى “ملكة الفواكه”، ولها فوائد عظيمة على الصحة، إلى جانب أنها تحظى بمكانة مرموقة بين مختلف أصناف الفواكه الأخرى وتُباع بسعر مرتفع نسبيًا.
كانت هذه الفاكهة لفترةٍ طويلة محط اهتمام العلماء بسبب رائحتها النفاثة القوية والمنفِّرة. وأصابت الكثير من خبراء البيولوجيا الحيوية بالفضول لمعرفة الجين الوراثي والعامل الكيميائي المُسبب لهذه الرائحة.
ومن أجل التوصُّل إلى السبب الوراثي للرائحة الكريهة للدوريان، توجَّب في البداية فهم الخريطة الوراثية للفاكهة. إذ تتألف الفاكهة من 46 ألف جين من نوع “Musang King” وهي ضعف عدد جينات الجنس البشري تقريبًا.
وقد يبدو غريبًا بالنسبة لك عزيزي القارئ أن تعرف أن للدوريان نسب مع ثمار الكاكاو التي تُصنع منها ألذ وأشهى أصناف الحلوى في العالم، الشوكولاتة! ويُمكن ملاحظة الشبه الكبير بين كلا الثمرتيْن في الكثير من الجوانب، إلا في الرائحة الكريهة!
وبعد سلسلة من الدراسات، توصَّل العلماء إلى الجين المسؤول عن تشكيل الرائحة الكريهة للدوريان، إذ تعود الرائحة الكريهة إلى إنزيم “Methionine gamma-lyase”، المسؤول عن إنتاج مركبات الكبريت ذات الرائحة النتنة. والكبريت هو نفس المادة الكيميائية المُسببة لرائحة البيض الفاسد، والنفس الكريه عند الاستيقاظ من النوم!
مع اكتشاف السبب، بات بالإمكان استغلال التقنية الحيوية في تطوير سلالات من الدوريان عديمة الرائحة، عبر التدخل الجيني في عزل الجين المسؤول عن إفراز إنزيم “Methionine gamma-lyase”، وبالتالي، تُصبح السلالة المعدَّلة وراثيًا غير قادرة على إنتاج الكبريت، وتختفي تلك الرائحة الكريهة!