الاقتصادي-يجب إنشاء شبكة اجتماعية جديدة تُنافس فيس بوك أو المخاطرة بكل شيء حققناه، كانت هذه المقولة الدائمة المُكررة من Vic Gundotra في إجتماعاته مع كبار القادة في شركة جوجل، في مُحاولته إقناعهم بالعمل على مُنافسة فيس بوك عن طريق إنشاء شبكة إجتماعية جديدة خاصة بجوجل.
وقد تمكن مُهندس الشبكة الإجتماعية Vic Gundotra الذي وصفه زُملائه بأنه سياسي مُحنك وصاحب كاريزما، في نهاية المطاف من إقناع لاري بيج أحد مؤسسي شركة جوجل، والذي عاد ليشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة منُذ بداية عام 2011، وذلك بعد أن قضى عشر سنوات خلف الكواليس.
وقد استمر Vic Gundotra في إخبار لاري أن فيس بوك سيقوم بقتل شركة جوجل مراراً وتكراراً، وبذلك قد ولد الخوف لدى لاري على مُستقبل الشركة، وأدى ذلك في نهاية المطاف لولادة الشبكة الإجتماعية +Google.
كان ذلك في عام 2010، كانت شركة جوجل لا تبدو كشركة في وضع مُخيف من أن يتم تجاوزها من أي شركة ثانية أو أي شخص كان، فقد كانت مُسيطرة مُنذ فترة طويلة على مجال مُحركات البحث على الإنترنت، بالإضافة لدخولها مجال الهواتف الذكية عن طريق نظام أندرويد، وكانت قد قامت بوضع خرائط مفُصلة للكثير من دول العالم، وقامت بفهرسة ملايين الكُتب، وبدأت للتو بناء السيارات ذاتية القيادة.
وعلى الرُغم من كل تلك النجاحات لم يكن عملاق الإنترنت لديه رؤية واضحة للشبكات الإجتماعية، ويظهر ذلك جلياً عبر القيام ببحث بسيط ضمن مُحرك بحث جوجل ليُظهر قائمة طويلة من الإخفاقات والبدايات الخاطئة ومنها الشبكة الإجتماعية Orkut، والتي تم إطلاقها قبل عدة أيام من إطلاق فيس بوك وذلك سنة 2004، والتي تم تجاوزها بسرعة، وخدمة قارئ خُلاصات المواقع Reader والتي تم إطلاقها سنة 2005 وتم إنهائها سنة 2013، Wave وهي منصة تواصل تم إطلاقها سنة 2009 وتم إيقافها سنة 2010، Buzz الشبكة الإجتماعية المشؤومة والتي انتهت بسُرعة في أوائل عام 2010 بسبب قضية انتهاك الخصوصية.
وبينما كانت شركة جوجل تفشل وتتعثر، كان فيس بوك ينمو ويكبر ويُشكل تأثيراً أكثر، وبحلول عام 2010 كانت القيمة السوقية لفيس بوك تُقدر بحوالي 14 مليار دولار، ويقترب من الحصول على نصف مليار مُستخدم، وهي حسابات بأسماء حقيقية وأعياد ميلاد وصور، وكان جوجل بعيد جدا من ناحية القيمة السوقية حيث قريباً من رقم 200 مليار دولار، ولكن كان الغائب عن هذه الأرقام أن جوجل تُعاني من نزيف فيما يخص الموظفين، والمسؤول عن ذلك كان فيس بوك، حيث قام العديد من الموظفين في جوجل بالإنتقال لفيس بوك.
ويقول Paul Adams وهو عضو سابق في فريق تجربة المُستخدم ضمن Google+، والذي قدم مُساعدة كبيرة في إختراع فكرة الدوائر Circles في Google+، وانتقل بعد ذلك للعمل ضمن فريق فيس بوك، أن فشل Google Buzz كان له تداعيات مؤثرة علينا، ورحنا نتسائل كيف حصل هذا الخطأ؟ وماذا نفعل الآن؟ وكان فيس بوك ما يزال يُشكل تهديد وجودي لنا.
كانت جوجل تعمل على بناء شبكة اجتماعية تُنافس فيس بوك بجهد واضح، على مستوى الشركة كلها بشكل عام، ومع هذا الإسبوع يكون قد مضى أربع سنوات وشهر على إطلاق شبكة جوجل بلس الإجتماعية، والتي كانت مُهمتها الأساسية إصلاح المُشاركة عبر الإنترنت، وقد أعلنت جوجل أنها ستقوم بإلغاء عدة شروط كانت محط تذمر وانتقاد من المُستخدمين عند موافقتهم لإستخدام حساب Google+ ضمن خدمات جوجل الآخرى مثل يوتيوب، وهذه الخطوة هي أوضح إشارة حتى الآن على أن جوجل لم تتخلى عن شبكتها الإجتماعية، وأنها تعمل مافي وسعها لمُحالة لجذب المُستخدمين في العالم لاستعمال شبكتها الاجتماعية.
وقد بدأت جوجل في وقت سابق من هذا العام العمل على إضافة أكثر الميزات شعبية لخدماتها، مثل الصور Photos وهانغاوتس Hangouts، و العمل جاري على ما تبقى من إضافات وخدمات لتكون جاذبة للمُستخدمين ولتطلعاتهم كما قال Bradley Horowitz رئيس Google+، ويبدو أن شبكة جوجل بلس والتي بنت عليها جوجل طموحات كبيرة قد خيبت الأمل، ويبدو أن جوجل استوعبت هذا الأمر في وقت مُتأخر، وتُجاهد جوجل للحفاظ على مُستخدميها والعمل على إحيائها ودفعها لتجذب مُستخدمين جُدد.
وأصبحت Google+ محط السُخرية المُفضل ودليل الفشل لدى صُناع التكنولوجيا، وتم إجراء العديد من المُقابلات مع عشرات الأشخاص المُطلعين والمُحللين والمحسوبين على جوجل والكثير منهم وافق على الحديث بشرط عدم ذكر اسمه وقالوا أن سنة 2010-2011 كانت سنة الخوف من فيس بوك وأنه شكل لهم رعب من فكرة انتزاعه المُستخدمين والموظفين والمُعلنين، ولذلك حاولت جوجل بذل كُل ما تستطيع للحفاظ على نفسها في مواجهة فيس بوك وارتكبت الكثير من الحماقات.
أطلقت جوجل شبكتها الإجتماعية بدون خطة واضحة لعمل أي شي يُميزها عن خدمة فيس بوك، كانت فقط تُراهن على القائد ذو الشخصية الكاريزمية مع رؤية خاطئه أو معدومة، وتجاهلت مؤشرات مُقلقة حول عدم إمكانيتها الحصول على مُستخدمين لشبكتها الاجتماعية واستمرت في تجاهل إضافة مميزات يطلبها المستخدمون، وكان العديد يُشير إلى Google+ تتجه للموت الإكلنيكي.
خفوت نجم Google+ التدريجي كشف تخبط جوجل وعدم الإبتكار عندما شعرت أنها تواجه تهديد وجودي، فيس بوك الآن أكبر من أي وقت مضى مع عدد مُستخدمين يصل إلى مليار وأربعمئة مليون، وقيمة سوقية أكثر من نصف قيمة جوجل، واستمراره في الحصول على موظفين مُنتقلين من جوجل، فيس بوك وتويتر يسيران ببطئ ولكن بثبات ليكونا أبعد ما يمكن عن هيمنة جوجل من ناحية إيرادات الإعلانات.
وصرح Punit Soni وهو مُدير إنتاج سابق لدى جوجل وعمل في فريق جوجل بلس أن Google+ عملت على صُنع هوية موحدة للمُستخدم في حال استعماله لأي خدمة من خدمات جوجل، وبذلك يستطيع جوجل معرفة أين أنت.
وكان Kent Walker مُستشار جوجل العام أكثر صراحة في كلامه حول جوجل بلس خلال اجتماعة مع كبار رجال الأعمال وأعضاء مُنظمة مُكافحة الإحتكار في ألمانيا خلال شهر آذار الجاري وأشار إلى أن الشبكة الإجتماعية جوجل بلس جزء من قائمة طويلة من المُنتجات الغير ناجحة في مسيرة جوجل.
كان الجهد المبذول لإطلاق Google+ هائلا وكان المشروع يحمل الإسم الرمزي “Emerald Sea“، ولديه جدول زمني موضوع مُسبقا للإطلاق مُحدد بمئة يوم، ومبنى سري مُخصص للمشروع وتواجد الرئيس التنفيذي للشركة فيه بشكل شبه دائم.
وقد وصف أحد موظفي جوجل بلس سابقاً الأمر كله بالجنون المُطلق، وذلك بالنسبة للسُرعة والكثافة الكبيرة للأعمال المطلوب إنجازها خلال فترة زمنية مُحددة وخلال الأشهر الأولى الحاسمة، وقال الموظف السابق أنه كانت أفضل طريقة للنجاح في نظر Vic Gundotra هو السرعة، وأضاف أنه كان برأيه أن يجب بذل المزيد من العمل والتفكير على الإستراتيجية بدل التسرع.
بالنسبة لأولئك العاملين في مكان آخر من الشركة، أصبح نهج جوجل إتجاه شبكتها الإجتماعية يُمثل خروج عن النهج، حيث أن أغلب مشاريع جوجل بدأت صغيرة وأخذت بالنمو من حيث الحجم والأهمية، وكان الفريق العامل على Buzz وهو المشروع السابق لجوجل بلس يتكون من مجموعة موظفين لا يتجاوزون العشرة، بينما على سبيل المُقارنة فإن جوجل بلس كان الفريق يتكون من حوالي 1000 موظف، وكان هذا الأمر يُشكل مشكلة لجوجل حيث أن باقي أقسام الشركة عانت من نقص الموظفين والمُهندسين.
وقامت جوجل بتغير النظام الداخلي الخاص بالتواصل الصوتي أو المرئي بين الموظفين وأجبرتهم على استعمال خدمة هانغاوت الموجودة ضمن جوجل بلس للتواصل بينهم.
وصدر المُنتج النهائي يوم 28 حزيران/يونيو عام 2011، مع وجود العديد من المُميزات مثل الدوائر Circles لتجميع جهات الإتصال وتخصيصهم ضمن دوائر تبعاً لعلاقة المُستخدم بهم، وهانغاوتس Hangouts لدردشة الفيديو الجماعية، والصور Photos والتي تضمنت العديد من الأدوات الخاصة بتحرير الصور، حتى أن بعض موظفي غوغل بلس بدا لهم شئ مُشابه لفيس بوك، وربما مع رشة تشابه مع تويتر.
وقد قال أحد الموظفين السابقين في جوجل أنه عند إطلاق جوجل بلس وجدناه مُشابه تماماً لفيس بوك، وانه مجرد شبكة اجتماعية مشابهة للموجودين، أين الإختلاف وماهو العمل الكبير الذي أنجزته جوجل وأنه بعد كل هذا العمل لم نجد شئ جديد أو جاذب حتى لنا نحن كموظفين في جوجل.
أظهرت بيانات جوجل بلس في وقت مبكر مُحاولة الشبكة الاجتماعية الجديدة النضال من أجل جذب المُستخدمين، وبحكم أن صاحبة الشبكة هي شركة جوجل استطاعت جذب الملايين من المُستخدمين لمُعاينة الخدمة الجددة ولكن كان من الواضح أن نظرة المُستخدمين لها لم تكن كما توقعت جوجل فكان المُستخدمين يتجنبوا النشر ولم يعودوا مرة آخرى ولم يُعجبوا بالمنتج الجديد وبعد ست أشهر من الإطلاق لاحظ الفريق أن هنالك شعور عام لدى الجميع بأن هذه المشروع لا يعمل كما كان مُتوقعاً له.
البعض وضع اللوم على هيكلية الفريق المسؤول عن جوجل بلس من أعلى الهرم لأسفله وعلى فريق القيادة والذي ينظر للنجاح على أنه الخيار الوحيد بالنسبة للشبكة الاجتماعية، وذلك بدون نقاش واسع للفشل وللبيانات المُخيبة للآمال، وبدون تحمل مسؤولية الفشل الواضح والاستمرار على نفس النهج.
وعلى مدار السنتين اللاحقتين من إطلاقه عملت جوجل على تحسين خدمة الدردشة الصوتية والمرئية هانغاوت، وخوازرمية جديدة لتحرير الصور وميزاته، وميزات بحث جديدة، ولكن كل هذا لم يكن كافياً لتحسين سُمعة جوجل بلس لدى المُستخدمين.
ويقول مجموعة من الموظفين والمحللين أنه في وقت لاحق كان هُنالك الكثير من المزايا والأساليب التي يُمكن أن تساعد جوجل بلس على الوقوف والمُتابعة، بما في ذلك التركيز بشكل كبير على الهواتف والمُراسلة، وكان فيس بوك وقتها لم يقترب منهم أيضاً، والعمل على إطلاق مجموعة تطبيقات تواكب خدمات وميزات جوجل بلس بدلاً من التطبيق الموحد المُزعج والمربك للمُستخدمين ولكن كُل ذلك لم يتم، ولم يستوعبوا أن المنُافسة بنفس الميزات لشئ موجود ومرغوب هو أمر فاشل وغير مُجدي، وأن المُستخدمين ليسوا بحاجة لترك فيس بوك والاتجاه لمنصة جديدة مشابه له جداً.
في أوائل عام 2014 وبعد أقل من ثلاث سنوات على إطلاقها، تم نقل فريق +Google من المبنى المخصص لهم، وفي شهر نيسان/أبريل أعلن Vic Gundotra رحيله عن الشركة وعن جوجل بلس لبدء رحلة جديدة في حياته.
وطوال فترة عمل Vic Gundotra في إدارة شبكة جوجل بلس قام باستقطاب العديد من الموظفين وأثار غضب العديد من الإدارات في جوجل بتعديه على أي قسم ومحاولة ضم أي موظف يُريده إلى فريقه في جوجل بلس وكان قُربه من لاري بيج يحميه ويساعده، وبعد أكثر من عام على ترك جوجل، لم يعلن Vic Gundotra بعد عن المحطة التالية في رحلته، ويقول اثنان من زُملائه السابقين أنه لا يزال يُسافر ويقوم بالإسترخاء، واضافا انه ما يزال صغير جداً على التقاعد، واضافا بأنهم سوف يواصلون العمل معه بأي شئ يُقرره.
وصرح David Besbris العضو المُشارك في إطلاق جوجل بلس إلى جانب Vic Gundotra، والذي استلم منصب رئيس جوجل بلس بأن جوجل مُلتزمة بشبكتها الإجتماعية لفترة طويلة، وبعد ستة أشهر من إعلان ذلك البيان تم استبداله من منصب رئيس جوجل بلس واسلتم عوضاً عنه Bradley Horowitz.
وقام Bradley Horowitz بالكتابة يوم الإثنين مُعلناً نهاية مرحلة الحاجة لحساب جوجل بلس لاستخدام بقية مُنتجات جوجل، وأضاف أن جوجل بلس الآن ستقوم بالتركيز على عمل ما يجب فعله بشكل أفضل، وذلك بمُساعدة ملايين المُستخدمين في جميع أنحاء العالم على التواصل والوصول لما يحتاجون له وأن الجوانب والميزات التي لا تخدم هذه الأجندة ستُحال للتقاعد.
وهذا يعني التوقف عن محاولة استنساخ الفيس بوك وجعله بُشبه Pinterest من حيث إضافة مجموعات لمنصتها، وهذا من شأنه السماح لمُستخدمي جوجل بلس لجمع منشوراتهم المُتشابهة ضمن قسم واحد للمواضع المتشابهة، وفي نفس الوقت تقوم جوجل باستثمار الموارد اللازمة لبناء المزيد من المنتجات الإجتماعية المُستقلة مثل تطبيق الصور.