وكالات - الاقتصادي - جميعنا يعلم أنَّ يوم الجمعة 24 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، يعني اندفاعاً جنونياً نحو مراكز التسوق بسبب الأسعار الزهيدة، على الرغم من أنَّنا على علمٍ الآن بأنَّ بعض عروض هذا اليوم ليست جيدةً كما يبدو.
لكن كيف كانت بداية تلك الفوضى في عروض التسوق؟ هناك عدد من الأحداث المتلاحقة التي ارتبطت بهذا اليوم وجعلت منه "الجمعة السوداء".
في الواقع وبحسب مجلة Reader's Digest الأميركية، لم يكن ليوم الجمعة السوداء الأول أي علاقة في ما يخص التسوق؛ إذ كان هذا هو يوم انهيار سوق الذهب في الولايات المتحدة.
وأراد الخبيران الماليان جاي غولد وجيمس فيسك خداع المستثمرين في وول ستريت (أو كما يُطلق عليه "شارع المال"، وهو بمثابة الواجهة الرئيسية للسوق الأميركي والبورصة الأميركية)، فاشتروا أكبر قدرٍ من الذهب يمكنهم شراءه، ما أدَّى إلى ارتفاع أسعار الذهب إلى أكثر من 30 دولاراً للأوقية.
وفي يوم الجمعة، الموافق 24 سبتمبر/أيلول عام 1869، أدخلت الحكومة ذهباً يُقدر بملايين الدولارات إلى السوق. بعدها انخفض سعر الذهب، وأفلس المستثمرون على الفور، واعتلى غولد وفيسك القائمة.
أُطلِقَ مصطلح "الجمعة السوداء" كما نعرفه اليوم للمرةِ الأولى في فيلادلفيا خلال فترة الخمسينيات والستينيات.
وكانت حشودٌ من الناس تُقبِل إلى المدينة في اليوم الذي يلي عيد الشكر لحضور مباراة كرة القدم الجيش البحري السنوية المُنعقدة يوم السبت التالي، وتتكدَّس الشوارع والمحلات التجارية بشكلٍ دائم، الأمر الذي كان ينعش حركة التجارة، لكن تكثُر به السرقات.
وأطلقت شرطة فيلادلفيا المحلية على هذا اليوم مصطلح "الجمعة السوداء" لسببٍ مُقنع؛ إذ لم يكن عليهم فقط التعامل مع التكدس المروري والسرقات المتزايدة، بل كان يتوَّجب عليهم أيضاً العمل لساعاتٍ إضافية وغير مسموحٍ لهم طلب اليوم كعطلة.
لم يجر تداول مصطلح "الجمعة السوداء" بشكلٍ رسمي حتى أواخر الثمانينيات، لكنَّ التعريف قد تغيَّر. ففي حين واجه بائعو التجزئة خسائر مالية معظم أيام العام، تسبَّبت موجة اندفاع المتسوقين في العطلة في إحداث أول مؤشر ربح حقيقي.
وفي الممارسات المحاسبية التقليدية، كانت تُسجَّل الخسائر بالحبر الأحمر، بينما تُسجَّل الأرباح بالحبر الأسود. ومن هنا، أصبح يوم الجمعة الذي يلي عيد الشكر، عندما تستخدم الشركات حبراً "أسود" وتُحقق ربحاً، هو يوم "الجمعة السوداء".
ويبدو بحسب "هاف بوست عربي"، أن اعتبارات اجتماعية أو أسباباً خاصةً بالتفاؤل لدى الشعوب العربية دفعت موقع التسوق الشهير "سوق" لتغيير اسم اليوم العالمي من الأسود إلى الأبيض في تجربته الأولى في العام 2014، ما دفع الشركات وتجار التجزئة إلى انتظار الجمعة الأخيرة من نوفمبر 2015 لعرض منتجاتهم بتخفيضات كبيرة مقارنةً بباقي شهور السنة، غير أنها لا تصل إلى مستوى التخفيضات في أميركا.
عدوى التسوق انتقلت إلى بريطانيا قبل سنوات قليلة، لتعرف بدورها “الجمعة السوداء”، غير أن الجمهور يشكو من عدم وجود تخفيضات مذهلة مغرية كما هي الحال في أميركا.