وكالات - الاقتصادي - رغم أنك شربتِ كأسًا كبيرًا من العصير وفنجان من الشاي، لكن وحده الماء القادر على إرواء عطشك مهما شربتَ من سوائل مختلفة! فلماذا المياه فقط من بين باقي السوائل قادرة على جعلك ترتوي؟
من أجل فهم السبب، عليك في البداية أن تعرف ما هو العطش، ولماذا نشعر به؟
العطش هو آلية الجسم الحيوية في الحصول على قدرٍ كافٍ من السوائل الرطبة، وغالبًا الماء. ويرتبط العطش بانخفاض كمية السوائل داخل الجسم أو زيادة أسمولية بلازما الدم. والأسمولية هي تركيز الجُسيمات المذابة لكل كيلو جرام من المُذيب “السائل”، وفي هذا الحال، يُعتبر المُذاب هو الماء، والمُذيب هو الدم.
فمع زيادة جُسيمات الماء المُذابة في الدم، يحتاج الجسم إلى المزيد، ما يُولِد الشعور بالعطش. من هنا كانت الأسمولية المقياس الطبي لتشخيص بعض الأمراض مثل الجفاف والسكري.
بطريقة أكثر علمية، فإن الشعور بالعطش يتوَّلد عندما ينخفض حجم السوائل خارج الخلية (Extracellular fluid volume (ECFV، ما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم واستقبال مستشعرات الضغط في الجسم هذه الحالة، الأمر الذي يؤدي إلى إرسال سيالات عصبية للدماغ لتنبيهه فتشعر بالعطش.
نفس الأمر يحدث عندما تستشعر مستشعرات الأسمولية إلى زيادتها فتتولد الرغبة بشرب الماء لإسكات العطش. ويعود الوضع إلى الطبيعي داخل الجسم بمجرد شرب قدر كافٍ من الماء.
لا شيء يحل محل الماء، لا الشاي ولا القهوة ولا العصائر على اختلافها. والسبب في ذلك يعود إلى الجينات المنسوخة منذ آلاف السنين في أجسامنا! فكل شراب وسائل غير الماء يتألف من مكونات مختلفة لها تصريفاتها المختلفة داخل الجسم. في حين أن الماء وظيفته الوحيدة إرواء العطش وليس له أكثر من طريقة للتصريف داخل الجسم.
بمعنى آخر، يتألف الشاي على سبيل المثال من السكر والكافيين ومركبات أخرى ينشغل الجسم بالتعامل معها بمجرد وصولها للمعدة. بينما الماء يُمكن استخلاص ما نحتاج منه بسرعة كبيرة وهو إرواء عطش الخلايا في الجسم.
أضف إلى ذلك أن دراسة حديثة قام بها علماء من جامعة ملبورن الأسترالية توصلت إلى أن المخ مبرمج على التعرف على الماء فقط وتوليد الشعور بالرضا والارتواء بعد شربه في حالة العطش.
هذه النتيجة تم التوصل إليها بعد ملاحظة أن شرب الماء بعد أداء مجهود تسبب بالعطش أدى إلى تنشيط مناطق معيَّنة في المخ وتحديدًا في القشرة الحزامية الأمامية والقشرة المدارية الجبهية، وهي المناطق المُرتبطة باتخاذ القرارات العاطفية والشعورية.
أضف إلى ذلك، أن نفس الدراسة توصَّلت إلى أن المخ يقيس درجة التشبع ليحُث الشخص على التوقف عن الشرب. حيث لوحظ وجود نشاط زائد في مناطق معينة من المخ مثل المخيخ والقشرة الحركية والبوتامين عند الوصول إلى مرحلة الارتواء. هذه المناطق هي المسؤولة عن تنظيم الحركة في الجسم، لذلك، تضيق فتحة المريء لا إراديًا عند الارتواء لحثك على الاكتفاء من الشرب.
لهذه الأسباب البسيطة تجد أن المياه وحدها من تنجح دائمًا في إخماد الشعور بالعطش في يومٍ صيفي شديد الحرارة!