غزة- الاقتصادي- واحد شاي .. اثنان قهوة ..هات الشدة .. كيف حالك يا بري اليوم؟
اختلطت أصوات الزبائن في قهوة الكروان وسط حي الرمال الشهير بمدينة غزة في مشهد قد يتكرر في كثير من الأماكن المشابهة إلا ان عراقة المكان تضفي على الأصوات رونقا آخر.
هناك تختلط قصص المثقفين والكتاب مع الفنانين والطلبة وكبار السن الذين يتخذون اماكنهم بشكل يومي في قهوة الكروان التي يمتد عمرها إلى ما يزيد عن 45 عاما كانت فيه مسرحا لكثير من الأحداث والقصص.
وبين المكان وصاحبه والزبائن ارتبطت احداث وذكريات كثيرة بدأت منذ أن قرر الحاج صبحي عواجة أن يُطلق اسم الكروان على مقهاه الصغير تيمنا باسم حبيبته التي لم يُكتب له الاقتران بها.
بدأ هذا المكان كمقهى صغير وصار يجتذب يوميا كثيرا من الزبائن الذين يلبسون فيه ساعات طويلة هربا من ضغوط الحياة وقساوة الأيام قال محمد عواجة الذي ورث المقهى بعد وفاة والده قبل 15 عاما .
واضاف" بدأت العمل هنا منذ أن كان عمري ثمانية عشر عاما وشيئا فشيئا صرت أتعرف على الزبائن وخدمتهم إلى ان ارتبطت حياتي بهم خاصة حين أراقب من مكاني هذا الزبائن كبار السن الذين عايشوا هذا المكان منذ بدايته" .
ويرتاد القهوة الكثير من المواطنين من شرائح اجتماعية مختلفة لكن ضغوط الحياة وصعوبتها هو الشيء المشترك الذي يجمعهم إلا أن بِري الجعل (40 عاما) يضفي على المكان والزبائن نكهة مميزة وهو يدور بين الطاولات يوزع الخدمة عليهم وعلامات السرور بادية على وجهه بعد ان ارتبط كثير من الزبائن بالقهوة من خلال شخصيته الفكاهية .
العمل في هذا المكان من 14 عاما أعطاني القدرة على التمييز بين الزبائن ومعرفة هدفهم من الجلوس على المقهى دون ان يتحدثوا فقد أصبحت خبيرا في قراءة الوجوه. أكد "بِري" وهو يلبي طلبا لأحد الزبائن .
احب عملي كثيرا وحين أغادره إلى البيت أشتاق إلى العودة هنا في صباح اليوم التالي.
التجول بين المقاعد داخل المقهى والحديث مع الزبائن يعطي تفصيلات أخرى للحياة في الداخل فقد اعتاد الشاب محمد فضل (23 عاما ) الذهاب بشكل يومي إلى القهوة والجلوس بنفس المكان مع أصدقائه متأملا الزبائن بتفاصيلهم المختلفة إلا أنه يستغل وجوده أيضا لنقاش مجموعته الفنية في أعمال وأفكار جديدة يستوحيها أحيانا من الحياة داخل المقهى.
هنا .. يتجمع الناس من مشارب ورؤى مختلفة ، يجعل من المقهى مجتمعا صغيرا عن غزة الجميلة الأمر الذي جعلني أتردد هنا مع أصدقائي منذ ست سنوات ويشاركه الرأي صديقه هيثم نور الدين 21 عاما الذي يعمل صحافيا في غزة والذي نفذ عملا مصورا عن الحياة في القهوة .
بعد أن نسج علاقة مع المكان منذ كان في السادسة عشر من عمره :" كنت أجلس في هذا المكان مع أصدقائي انتهاء الدوام المدرسي لذا أجد من الصعوبة الاستغناء عن كروان والذهاب إلى مكان آخر. ويفضل نور الدين قهوة الكروان رغم بساطتها لأنها تحمل كثيرا من الذكريات التي لا تتوفر في مكان آخر.