وكالات - الاقتصادي - أن يكون الشخص قادراً على تذكر الأسماء هو مؤشر على أنه يولي اهتماماً للطرف المقابل، ويراعي ما يقوله. ومن بين الأشياء الأكثر تأثيراً في نفوس الآخرين، الدخول إلى غرفة والتحدث لكل الأشخاص الذين نعرفهم بأسمائهم.
ويقول مستشارون في المجال، بحسب صحيفة Periodista Digital الإسبانية، إن القدرة على تذكر الأسماء تعتبر وسيلة فعالة من شأنها أن تساعد المديرين على زرع الثقة بينهم وبين موظفيهم. كما أنها تساعد الموظفين على التواصل مع زبائنهم.
تتكون عقولنا من معالجات مخصصة لتذكر الوجوه ولكن لا يمكنها تذكر الأسماء.
"لم يمكنني أبداً أن أنسى وجه أي شخص"، هكذا قال غروشو ماركس في عبارته الشهيرة.
ذاكرة غروشو للوجوه ربما قد تكون أسطورية، ولكنها في الحقيقة ليست استثنائية. في الواقع، فإن البشر جيدون جداً في إمكانية التعرف الوجوه التي قد رأوها من قبل. وهناك سبب تطوري لذلك، تشرحه مجلة psychologytoday.
ليس فقط البشر ولكن أيضاً العديد من الحيوانات الاجتماعية الأخرى تستطيع التعرف على رفقائهم الآخرين من خلال وجوههم. حتى أنه لدينا آلة مخصصة في أدمغتنا تعمل على معالجة ملامح الوجه. وهذا يجعل التعرف على الوجه سريعاً ودقيقاً نسبياً. ولكن التحدي الحقيقي هو تذكر الأسماء التي تطابق تلك الوجوه.
في مقالة حديثة، اكتشف علماء النفس ليزا أبرامز ودانيال ديفيس الأسباب المعقدة التي تجعلنا ننسى الأسماء. أولاً، لقد قاموا بتجربة أربع طرق في كل منها تكون أسماء الأشخاص مختلفة عن الأنواع الأخرى من الكلمات:
الأسماء الاعتباطية أو العشوائية. الكلمات العادية تشير باستمرار إلى نفس النوع من الشيء. على سبيل المثال إذا قلت لكم أنه لدي تفاحة في حقيبة ظهري، فسيتكوّن لديك فكرة جيدة عن ماهية وكيفية هذا الشيء. ولكن إذا قلت لكم أنه لدي صديق يُدعى براد، فأنت لن تعرف أي شيء مطلقاً عن هذا الشخص.
لا تحتوي الأسماء على مرادفات. بالتأكيد كل منا مرَّ بهذه التجربة يوماً ما، تلك التجربة عندما نفقد كلمة ما من على لساننا، لقد كنت أذكرها للتو ولكن لا استطيع استرجاعها، نحن نعلم أن هناك كلمة محددة نريد استخدامها ولكن لا يمكننا استرجاعها من ذاكرتنا. لحسن الحظ، كل الكلمات تقريباً لها مرادفات، وعلى الرغم من أنها قد لا تكون الكلمة التي أردناها إلا أنها من الممكن أن تحل محلها. وفي معظم الأحيان فإن الشخص الذي نجري محادثتنا معه ليس أكثر حزماً من فلتات وهفوات الذاكرة. ولكن أسماء الأشخاص ليس لها مرادفات - ولا توجد بدائل من الممكن أن تحل محلها.
الأسماء تحتوي على كلمات ومقاطع متعددة. في كثير من الثقافات، من المعتاد أن يكون للشخص اسم معين واسم عائلة، وأحياناً أسماء إضافية أيضاً. إذا كنت تحاول أن تتذكر اسم الممثل الذي لعب دور البطولة في اثنين من الأفلام المختلفة والتي تشتمل على طائرات يتم تحطمها في الماء، بالقول "توم" فقط لن يتم التعرف عليه، تحتاج اسمه بالكامل. (توم هانكس، في فيلم كاست واي وفيلم سولي).
الأسماء تُعَد أيضاً كلمات قليلة التردد. من بين الكلمات العادية، فإن تجربة زلة اللسان ونسيانِنا لبعض الكلمات التي نحتاج إليها تُعد أكثر شيوعاً مع الكلمات ذات التردد المنخفض مثل "تبعثر" عنها في الكلمات عالية التردد مثل "انتشار". حتى عندما تكون مكونات أسماء مشتركة، مثل "توم" و "هانكس" أو "براد" و "بيت"، لكن تركيبتهم ("توم هانكس" و "براد بيت") لا تزال تتردد بصورة أقل بكثير من "توم" و "براد".
في بعض الأحيان، تكون مجموعات الحروف في الأسماء غير عادية بالمرة، مما يجعل من الصعب تذكرها. على سبيل المثال، من هو الممثل الذي لعب دور البطولة في فيلم 12 عاماً من العبودية؟ (أنا أعلم أنك تستطيع أن ترى وجهه في مخيلتك الآن، ولكن ما هو اسمه؟)
باختصار، نسيان اسم الشخص هو تماماً مثل نسيان كلمة من الكلمات. كنت متأكداً منذ لحظات من أنك تعرف تلك الكلمة أو تلك الاسم، أو بطريقة أخرى تشعر أنك لابد وأنك تعرف تلك الكلمة، ولكنك فقط لا يمكنك تذكرها. ومع ذلك، فإن الاستراتيجيات التي نستخدمها للتحايل على هفوات الذاكرة غالباً ما تفشل في حالة الأسماء.
من الممكن اعتبار تجربة زلة اللسان على أنها شكل من أشكال أخطاء الإنتاج. إذ أننا نفشل في إنتاج كلمة ما أو ذلك الاسم المطلوب. ولكن هفوات وسقطات الذاكرة يمكن أن تحدث للطرف المتلقي أيضاً. ولكن في هذه الحالة، سيكون لدينا خطأ في الفهم.
ميغيل أنخيل بيرغارا الذي حطم 6 أرقام قياسية عالمية، هو أيضاً بطل العالم في الذاكرة السريعة، وخوسيه ماريا بيا، الحاصل على المركز الثاني بإسبانيا في مسابقات ذاكرة المعلومات الأساسية. قدما في كتابهما استراتيجيات وحيلاً قابلة للتطبيق بصورة يومية، مثلاً في أثناء إجراء المكالمات الهاتفية أو أداء المهام أو تذكّر اسم شخص قمت بمقابلته للتوّ.
ويقول بيرغارا للنسخة الأسبانية من "هاف بوست"، لتجنّب السهو والنسيان المزعج للتفاصيل، "اربط اسم الشخص باسم أحد المشاهير مثل الممثلين أو رجال السياسة أو باسم أحد الأشياء التي تذكر اسمها كثيراً، مثلاً قمت بربط أحد الأشخاص ذوي الشعر الأشيب باسم محطة شهيرة للسكة الحديدية تحمل اسمه الأول وتخيلت بها الكثير من الثلوج، قد يبدو الأمر سخيفاً، ولكن هذه الخدع تنطلي على العقل بنجاح وتساعد على التذكر بسرعة".
أما بيا، فإن نصيحته لتحسين القدرة على التذكر تتمثل باختصار في 3 كلمات: التفكيك، والاستبدال، والمبالغة.
يقول بيا "من الممكن تفكيك الكلمة الواحدة إلى كلمات أخرى صغيرة تستدعي لنا صوراً".
ويشرح "أولى خطوات هذه الحيلة المتعلقة بالذاكرة، الاعتماد على فكرة أن العقل عندما يرتبط بالصور يستدعي الذاكرة بشكل أفضل".
ولهذا السبب تحديداً، فإنه يحبذ استبدال ما لا يمكن عرضه في صورة بصرية بغيره، مثل تذكّر الأرقام بواسطة كلمات.
لقد تم اختبار الذاكرة بالنسبة للأسماء في إحدى المعامل من خلال إعطاء المشاركين معلومات عن بعض الأشخاص المشهورين، ثم سؤالهم بعد ذلك عن أحد الأسماء وما يعرفون عنه.
• س: من هو الممثل البريطاني الذي صور هاري بوتر في سلسلة الأفلام؟
• ج: دانيال رادكليف.
أو ربما نسأل:
• س: كم عدد الحيوانات التي أخذها موسى على السفينة؟
• ج: اثنان من كل نوع.
إذا كنت تعتقد أن الإجابة الأخيرة كانت صحيحة، اقْرأ السؤال مرةً أخرى. (موسى ليس هو من ذهب على السفينة، ولكنه كان نوح) هذا النوع من الخطأ في الفهم يُعرف باسم وهم موسى.
والأسباب التي تجعل وهم موسى يحدث ليست واضحةً تماماً. ولكن يمكننا أن نقدم على الأقل تفسيراً جزئياً لها. عندما نقرأ، فإننا لا نقوم بمعالجة كل كلمة على حدى بصورة عميقة، لأن ذلك من شأنه أن يُبطِئُنا كثيراً. بدلاً من ذلك، نحن نقوم بـ "تمريرة سريعة نظن أنها كافية"، وطالما أن الكلمات تبدو مناسبة، نحن نستمر وننتقل لما يليها، نحن نتوقف فقط عند رؤية أم مطالعة كلمة غير مألوفة أو غير متوقعة.
لقد حدث ما أسميناه بوهم موسى في هذه الحالة لأن موسى ونوح يشتركان في العديد من الصفات. فكلاهما يُعد أحد الشخصيات المذكورة في العهد القديم، وكل منها كان قائداً وزعيماً تم رفضه من قبل قومه. (ثم إن موسى قاد الإسرائيليين، في حين قاد نوح الحيوانات). ولكن ليست فقط الشخصيات المذكورة في الكتاب المقدس هي من تثير الوهم، فإن عدداً قليلاً من الناس سوف يقعون في نفس المشكلة عندما يُسألون: "كم عدد الحيوانات التي أخذها آدم على السفينة؟"
وهم موسى لا يقتصر فقط على أسماء الأشخاص ولكن يمكن أن يحدث مع الكلمات العادية أيضاً. فقد تُخطئ قراءة إحدى وصفات الطعام وتضيف ملعقة كبيرة من الملح بدلاً من ملعقة صغيرة. أو قد تسلك المخرج الشمالي أثناء قيادتك على الطريق السريع بينما كنت تهدف إلى التوجه جنوباً. (وربما تقسم أنك قد رأيت العلامة وقد كُتب عليها "الجنوب").
ونحن نتوقع أن تكون ذاكرتنا مصادراً موثوقاً للمعلومات، وأيضاً متاحةً بسهولة كلما كنا بحاجة إلى تذكر شيئاً ما. وبالنسبة للجزء الأكبر، فإن تلك بالضبط هي الكيفية التي تعمل بها ذاكرتنا بالنسبة للكلمات والأسماء. في المحادثة العادية، فإنه يمكننا استرجاع واستذكار الكلمات ومعانيها بمعدل اثنتين أو ثلاث في الثانية الواحدة.
ما يُعد مدهشاً حقاً هو ندرة حدوث انهيار لتلك العملية. فجوات وهفوات الذاكرة أمر طبيعي، وكل منا يقع فيها من وقت لآخر. لذلك لا ينبغي علينا أن نشعر بالضيق عندما نقع في إحدى زلات اللسان من حين لآخر أو يصيبنا وهم موسى بعض الأوقات.
قدمت صفوف الذاكرة حيلاً للحفظ، مثل أجهزة الذاكرة أو "قصر الذاكرة"، وهي إحدى الأدوات المستخدمة لتذكر سلسلة من الأشياء عن طريق تصور كل منها في مكان مختلف، بحسب صحيفة Washington Post الأميركية.
أما صفوف التفكير فعَلَّمَت المنطق والتعرف على الأنماط، ودرَّبَت الأشخاص على كيفية اختيار الحرف التالي في سلسلة بالاعتماد على ترتيب الحروف التي سبقته.
نُشرَت الورقة البحثية الأحدث لـ(ACTIVE) في 2014 ، مستنتجةً أن التدريب الإدراكي المختلف قد يساعد قليلاً في القيام ببعض المهام الأساسية البسيطة مثل القيادة وموازنة دفتر الشيكات مع التقدم في العمر.