الاقتصادي- بدأ المزارعون في المناطق الشرقية من قطاع غزة، بإعادة زراعة أراضيهم بعد تطهيرها وتسويتها بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك عقب الحرب المدمرة التي شنتها آلة الحرب الإسرائيلية على القطاع.
ووفق تقرير للجنة، فقد أسفرت تلك الحرب عن تدمير مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل، وكان لهذا الدمار أثر بالغ على الاقتصاد المحلي للقطاع، ونتج عنه فقدان العديد من المزارعين مصادر رزقهم التي يُعيلون منها أُسَرهم في وقت دمّرت فيه الحرب منازل ونظم الري التي كان يعتمد عليها عدد آخر منهم أو ألحقت بها ضرر بالغ، الأمر الذي شكل عائقًا كبيرًا في سبيل قدرتهم على إعادة بناء حياتهم واستعادة سبل معيشتهم.
فبعد إعلان وقف إطلاق النار في السادس والعشرين من شهر آب/ أغسطس، بادرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعمل على مساعدة هؤلاء المزارعين للوقوف على أقدامهم من جديد. وفي هذا السياق عملت اللجنة الدولية على تطهير الأرض من مخلفات الحرب من المتفجرات، كما لم تدخر جهدًا في إعادة تسوية الأراضي الزراعية المُتضررة كلها تقريبًا، لجعلها صالحة للزراعة قبل حلول موسم الأمطار في تشرين الثاني/ نوفمبر.
بالإضافة إلى ذلك، عملت اللجنة الدولية على مدّ أنابيب المياه لإيصالها إلى الحقول التي دُمّرت فيها أنابيب الري وانقطعت عنها المياه، ووزعت الأسمدة والبذور (القمح، والبازلاء، والبامية) على ما يزيد عن 1350 مُزارعًا، وساعدت في إصلاح الدفيئات المُتضررة. بالإضافة إلى توزيع منحة نقدية بقيمة 1000 دولار أمريكي على 250 أسرة (1500 فرد) تعتاش على الزراعة فقدت منازلها وباتت نظم الري التي يستخدمونها غير صالحة للعمل.
يُذكر أن ثمار هذا الجهد المشترك خلال العام أصبحت جليّة وملموسة؛ إذ حصد المزارعون في أشد المناطق تضررًا وهي خُزاعة، والقرارة، وعبسان، والمُصدَّر، والشوكة، محاصيلهم لأول مرة منذ الحرب، وشملت تلك المحاصيل البطيخ، والبازلاء، والطماطم، والقمح، والبامية.
ففي عبسان شرق خان يونس، في تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن طهّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأرض من الذخائر المتفجرة التي لم تنفجر، وأثناء إعادة تسوية الأرض، كان هذا بحق سباق مع الزمن بغرض تجهيز الأراضي في الوقت المناسب قبيل موسم الأمطار، باستخدام 24 بلدوزرا استمر عملها من مطلع الشمس حتى غروبها يوميًا على مدار شهرين لإتمام المهمة في الوقت المضبوط.
وتشكل الأرض الزراعية في منطقة الحدود ثلث الأراضي الزراعية في قطاع غزة. وهي تعد 'سلة خبز' لسكان غزة.
وهناك في بيت حانون شمال القطاع، بدأ المزارعون في إعادة زراعة أراضيهم بعد تطهيرها وتسويتها، وتمكنوا في شهر حزيران/ يونيو الجاري من جني ثمار ما زرعته أيديهم وكان أول حصاد لهم من القمح والبطيخ والكوسا والبامية، وفي العام الماضي نجحوا أيضًا في زراعة محاصيل أخرى مثل البازلاء والبطاطا.
إبراهيم الأسطل، /23 عامًا/، حمل حبات البامية التي جمعها في صباح ذلك اليوم. حيث يعمل إبراهيم في مزرعة يملكها موسى الأسطل في القرارة، شرق خان يونس. تمتد أراضي القرارة لتصل إلى الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل. وخلال الحرب التي دارت في الصيف الماضي، تأثرت المنازل والأراضي في هذه المنطقة تأثرًا شديدًا بسبب القتال، فالكثير منها دُمر أو ألحق به الكثير من الضرر.
كذلك كان زياد أبو خشان، 45 عاما، من منطقة القرارة، شرق خان يونس، متزوج ولديه أسرة تتألف من ستة أفراد. طال الضرر منزله وأرضه أثناء الحرب الأخيرة الذي دار في عام 2014 واستفاد زياد من 'مشروع دعم مزارعي الخضار في المناطق الحدودية ' الذي وضعته اللجنة الدولية هذا العام.
يقول زياد: 'في الماضي، كانت لدي مزارع لأشجار الزيتون لكني توجهت إلى زراعة البامية والفاصولياء بعد أن دمرت الأرض لسرعة نموها ووفرة إنتاجها'، ويرى زياد أن حصول المزارع على الأموال النقدية بشكل مباشر دون وساطة من أفضل جوانب هذا المشروع.
واليوم يحصد زياد المحصول بمساعدة زوجته وأطفاله.
تقول زوجته: 'نبيع المحاصيل ونعيش على عائدها. والشيء المهم بالنسبة لنا هو عدم حاجتنا للاستدانة'.
وقالت أم سليمان ضاهر، 65 عاما، وهي أم لاثنين، وقد انتفعت من مشروع الدفيئات في المناطق الواسعة الذي نفّذته اللجنة الدولية: 'عندما أصلحوا أغطية الدفيئات، شعرنا بأن الروح دبّت في أوصالنا من جديد، لقد بث عملكم الأمل فينا، شكرًا لكم'.
أصيبت الأغطية البلاستيكية والشِباك التي تغطي الدفيئات بالضرر، أما الآن فقد تم إصلاحها، ويتطلع عطوة إلى موسم زراعي أفضل وأوفر في إنتاجه.
وقال المسؤول الميداني المعني بالأمن الاقتصادي لدى اللجنة الدولية، أدهم العكشية: 'عاد هذا المشروع بالنفع على حوالي 160 مزارعًا من ست مناطق، وجميعهم تضرروا.