وكالات - الاقتصادي - كشفت دراسة حديثة، أن أدمغة الأطفال الرُّضع الصغيرة قادرة على التعامل مع اللغات الأجنبية أكثر مما كان يعتقده العلماء في السابق، وأنهم على استعداد لتخزين هذه المعلومات الأولى لسنوات، حتى في حالة عدم سماعهم للغة الأم.
فبعدما كان الكثير من الآباء والأمهات يرون أن مهمة الأطفال الرضع هي الأكل والنوم، أصبحوا يدركون أن صغارهم يحتفظون بتجاربهم المبكرة مع اللغات الأجنبية من خلال الدراسة التينُشرت في 26 يونيو/حزيران 2017، في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences.
وعكف الباحثون على دراسة أشخاص بالغين يتحدثون اللغة الهولندية، تم تبنِّيهم وهم رضَّع من كوريا الجنوبية.
وتوصل الباحثون إلى أن هؤلاء الأشخاص يملكون قدرة أفضل على تعلم الأصوات الفريدة من نوعها في اللغة الكورية.
كما اكتشف الباحثون أنه لا يوجد اختلاف في فهم اللغة الكورية بين الأشخاص الذين تم تبنيهم وهم في سن الرضاعة وأولئك الذين تم تبنيهم في سن الطفولة، وأن كلتا المجموعتين تمكنت من تعلم الأصوات المميزة للغة الكورية أسرع من المجموعة الناطقة حصراً باللغة الهولندية.
في حديثهما لمجلة Live Science الأميركية، أفاد الباحثان في هذه الدراسة جيون تشوي، من جامعة هانغ يانغ في سول، وآن كاتلر من معهد ماكس بلانك لعلم اللغة النفسي في هولندا، أن الخطوات الأولى للبرنامج الدولي للتبني بين كوريا الجنوبية وهولندا كانت بطيئة نوعاً ما. علاوةً على ذلك، كان عمر الأطفال الذين يتم تبنيهم يفوق السنة. ومع رسوخ هذا البرنامج بين البلدين، ارتفع عدد الرضع الوافدين من كوريا الجنوبية.
ونتيجة لذلك، تمكن الباحثان من تعيين مجموعة تضم 29 فرداً بالغاً يتقنون اللغة الهولندية، قدموا إلى هولندا إما في عمر لا يتجاوز الستة أشهر أو بعد 17 شهراً من ولادتهم. في المقابل، تم تعيين مجموعة مرجعية مكونة من أشخاص ناطقين باللغة الهولندية، ولم يسبق لهم التعرض إلى اللغة الكورية.
وعلى إثر ذلك، اختبر الباحثان قدرة كلتا المجموعتين على التمييز بين أحرف اللغتين، مثل حرف T، إذ يوجد في اللغة الكورية 3 أصوات منطوقة منه.
قبل التدريب، لم تفلح مجموعة التبني والمجموعة المرجعية على حد سواء كثيراً في التمييز بين مختلف أصوات اللغة الكورية. وخلافاً لذلك، أثبت الأشخاص الذين تم تبنيهم سرعتهم في تحديد الاختلافات خلال أسبوع ونصف الأسبوع من عملية التعلم. كما أثبتوا جدارتهم بشكل واضح في تمييز الأصوات في منتصف الدراسة، وذلك مقارنة بأولئك الذين لم يسبق لهم التعرض للغة الكورية.
خلال هذه الدراسة، أخذ الباحثون بعين الاعتبار عوامل أخرى، قد يكون لها تأثير على النتائج، على غرار السِّن الحالية للأشخاص المشاركين وجنسهم. إلا أنهم توصلوا إلى عدم وجود اختلاف في قدرات تعلم اللغة بين الأشخاص الكوريين الذين انتقلوا إلى هولندا في مرحلة الطفولة بغرض التبنِّي، وأولئك الذين انتقلوا أيضاً لنفس الغرض، لكن في الأشهر الأولى.
وفي سياقٍ متصل، تشير هذه النتائج إلى أن قدرة تمييز الأنماط المجردة للغة تشمل الرضع أيضاً، وتبدأ في عمر يتراوح ما بين ثلاثة وستة أشهر.
وكانت دراسة سابقة قد كشفت أن التحدث مع الرضيع حديث الولادة يجب أن يبدأ مبكراً، وأنه على الآباء والأمهات أن يعلموا أن السمع واللمس هما، على وجه الخصوص، من الحواس الأولى التي تبدأ بالعمل، والقنوات الأولى للتواصل مع الأبناء.