وكالات - الاقتصادي - الطريقة الأكثر شيوعا لتحديد الملل هي عدم وجود رغبة للقيام بأي شيء، ويعتبر الملل عموما حالة عاطفية غير سارة حيث يشعر الفرد بنقص في مستوى الاهتمام وصعوبة في التركيز على النشاط الحالي، وهو أيضا تصور وجودي عن عقم الحياة، وهو يأتي أيضا نتيجة لتطلعات الإنسان التي لم تتحقق بعد.
الملل تجربة عالمية يعاني منها كل شخص تقريبا في سياق حياته، وتظهر الإحصاءات أن ما بين30% و90% من البالغين يعانون من الملل في مرحلة ما من حياتهم اليومية، كما تزداد النسبة بين الشباب بواقع 91% إلى 98% وفق دراسة في بداية 2017.
الرجال عموما هم الأكثر شعورا بالملل من النساء، وهناك صلة إيجابية بين التحصيل التعليمي المنخفض جدا والملل، ويصاحب الملل الغضب، والوحدة، والحزن، والقلق، كما لاحظ كريكجارد الذي وصفه بأنه "جذر كل شر". فالملل مثل القوة المحفزة التي تدفع الناس لفعل كل شيء لتخفيف الألم، حتى لو كان إدمان المخدرات، أو الكحول، أو لعب القمار.
وفيما يلي بعض أسباب الملل الرئيسية، وذلك وفق ما نشرته مجلة "سيكولوجي توداي":
1. رتابة في العقل
يشبه الملل التعب النفسي، ويعود إلى التكرار وعدم الاهتمام بتفاصيل المهام، وخاصة في المهام التي تتطلب اهتماما متواصلا. وأي تجربة يمكن التنبؤ بأن تكرارها يجعلنا نشعر بأنها مملة. كما أن التحفيز القليل جدا يمكن أن يسبب لضحاياه غياب في الرغبة والشعور بالملل.
2. عدم وجود انهماك
الانهماك هو حالة من الانغماس التام في المهمة التي تشكل تحديا للإنسان، بعد أن تتطابق بشكل وثيق مع قدرات المرء، ولكن عندما تتطابق مهارات الشخص مع مستوى التحدي الذي تقدمه البيئة مع وجود مهمة تتضمن أهدافا واضحة، بما يشكل تغذية فورية مرتدة، ومن ثم تصبح المهام سهلة جدا ومملة في الوقت ذاته، وفي المقابل أيضا، فإن المهام التي يرى الناس أنها صعبة للغاية تؤدي إلى القلق.
3. الحاجة إلى الإبداع
بعض الأفراد أكثر عرضة للملل من غيرهم، فالناس الذين لديهم حاجة قوية للابتداع والإثارة، أكثر عرضة لخطر الملل. ومن المرجح أن يرى هؤلاء الباحثون عن الإحساس أن العالم يتحرك ببطء شديد كما لو كانوا يقفزون بالمظلات.
يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى التحفيز الخارجي حتى لا يكونوا عرضة بشكل خاص للملل. كذلك السعي نحو الإثارة والمخاطرة هي الطريقة الأنسب للعلاج الذاتي لهؤلاء من الملل.
4. إيلاء الاهتمام
يرتبط الملل كثيرا بمشاكل الاهتمام. فما يسبب لنا الملل لا يشد اهتمامنا تماما، ومن الصعب أن تكون مهتما بشيء ما ولا يمكنك التركيز عليه.
يذكر أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الانتباه المزمن مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لديهم ميل كبير نحو الملل.
5. الوعي أو الإدراك العاطفي
الناس الذين يفتقرون إلى الوعي الذاتي هم أكثر عرضة للملل، فالشخص الذي يشعر بالملل غير قادر على التعبير عما يريده أو يحتاج إليه، ولديه صعوبة شديدة في وصف مشاعره.
عدم القدرة على معرفة ما سيجعلنا سعداء أمر يمكن أن يؤدي إلى الملل، كذلك عدم معرفة ما نبحث عنه يعني أننا نفتقر إلى القدرة على اختيار الأهداف المناسبة للمشاركة مع العالم.
6. مهارات التسلية الداخلية
الأفراد الذين يفتقرون إلى الموارد الداخلية للتعامل مع الملل بشكل بناء سوف يعتمدون على التحفيز الخارجي، ولكن في غياب مهارات التسلية الداخلية، فإن العالم الخارجي يفشل دائما في توفير ما يكفي من الإثارة والإبداع.
7. الافتقار إلى الاستقلال الذاتي
يشعر الناس بالملل كثيرا عندما يشعرون بأنهم محاصرون، فالشعور بالحصار يسبب الكثير من الملل لأن الإنسان يشعر بأنه عالق أو مقيد بشكل خارج عن إرادته.
على سبيل المثال، فترة المراهقة هي فترة ذروة الملل، وذلك لأن الآباء لا يمنحون الأطفال والمراهقين الكثير من السيطرة على ما يريدون القيام به –إلى حد كبير.
8. دور الثقافة
الملل أمر ابتدع حديثًا، فهو لم يكن موجودا حتى أواخر القرن الثامن عشر، وجاء إلى حيز الوجود في فترة التنوير وانتشار مجالات الثورة الصناعية. وفي وقت مبكر من التاريخ البشري، كان أجدادنا يقضون معظم أيامهم في تأمين الغذاء والمأوى، ولم يكن الملل خيارا عندهم.
الملل له فوائده أيضا، فمن المهم أن نرى الملل بمثابة "دعوة إلى العمل" وحافزا للنجاح، ويمكن أن يكون فرصة للتفكير الجيد، ويمكن أيضا أن يكون علامة على أننا أمام مهمة مضيعة للوقت، وبالتالي لا يجب الاستمرار فيها.