غزة - وفا- كشف تقرير اقتصادي اليوم الأربعاء، أن قطاع غزة يعاني من حصار اقتصادي كارثي، لم يعهده منذ عقود مضت.
وتصادف في هذه الأيام الذكرى الأولى للحرب الثالثة على قطاع غزة، والتي شنتها إسرائيل خلال الفترة من 7-7-2014 حتى 26-8-2014، واستمرت على مدار 51 يوما متواصلة في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية كارثية تمر على قطاع غزة، لم يسبق لها مثيل خلال العقود الأخيرة.
وقال التقرير الذي أعده الخبير الاقتصادي ماهر تيسير الطباع، "اليوم وبعد مرور عام على الحرب الثالثة لم يتغير شيء على أرض الواقع، فمازال قطاع غزة محاصر، والأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا، وكافة المؤشرات الاقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية والمحلية تحذر من الانهيار القادم لقطاع غزة".
ووفق التقرير، لا تزال كافة المعابر التجارية المحيطة بقطاع غزة (معبر المنطار– معبر الشجاعية – معبر صوفا) مغلقة، باستثناء معبر كرم أبو سالم الذي يعمل وفق الآليات التي كان يعمل بها قبل الحرب الأخيرة، فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث عدد ساعات العمل، وعدد الشاحنات الواردة، ونوع وكمية البضائع الواردة، والزيادة التي حدثت في عدد الشاحنات الواردة نابعة من زيادة دخول المساعدات الإغاثية، ومواد البناء للمشاريع الدولية، والمشاريع القطرية التي تنفذ في قطاع غزة، وكميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة الإعمار.
وقال: من خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم خلال النصف الأول من عام 2015، فقد بلغ عدد الشاحنات الواردة خلال تلك الفترة 41384 شاحنة منها 22898 شاحنة للقطاع الخاص، 14621 شاحنة مساعدات إغاثية للمؤسسات الدولية العاملة بقطاع غزة وهي تشكل 35% من إجمالي الواردات، وبلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة (230) شاحنة خلال تلك الفترة.
وبمقارنة بيانات الشاحنات الواردة خلال النصف الأول لعام 2015 مع النصف الأول لعام 2014، نجد ارتفاع عدد الشاحنات الواردة خلال النصف الأول من عام 2015 بنسبة 51%، وارتفاع عدد الشاحنات الواردة للمؤسسات الدولية والعربية العامل بقطاع غزة 63%، وارتفعت نسبة الواردات للقطاع الخاص بنسبة 24%.
أما على صعيد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة إلى العالم الخارجي والضفة وإسرائيل، فقد بلغ عدد الشاحنات الصادرة خلال النصف الأول من عام 2015 حوالى 530 شاحنة من المنتجات الصناعية والزراعية بنسبة ارتفاع عن عام 2014 بحوالي 84%.
وبيّن التقرير أن هذا الارتفاع يأتي بعد سماح إسرائيل بتسويق منتجات غزة الزراعية والصناعية بأسواق الضفة والأسواق الإسرائيلية، وبالرغم من ارتفاع نسبة الصادرات، إلا أنها لم ترتقِ للمطلوب وفق ما أورد التقرير.
وأشار إلى أن معدل عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة قبل فرض الحصار بلغ أكثر من 5000 شاحنة سنويا، ومازال المصدرين والمسوقين من قطاع غزة يواجهون العديد من المشاكل أثناء خروج بضائعهم من قطاع غزة، ومنها عدم توفر الإمكانيات في معبر كرم أبو سالم، لخروج المنتجات الزراعية والصناعية إلى الخارج، وتنزيل وتحميل البضائع لعدة مرات، ما يؤثر على الجودة خصوصا في السلع الزراعية.
وأوضح أن شروط إسرائيل بأن تتم عملية نقل البضائع إلى الضفة والخارج في شاحنات مغطاة (ثلاجات)، وأن لا يتجاوز ارتفاع "الطبلية" عن متر، بالإضافة إلى مواصفات خاصة بالتغليف والتعبئة، ما يساهم في مضاعفة تكاليف النقل على التاجر وبالتالي على المستهلك.
وجاء في التقرير "أنه حتى اللحظة وبعد مرور عام على الحرب الثالثة، لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، ولم يتم بناء أي منزل في قطاع غزة من المنازل التي تم تدميرها بشكل كلي"، بالرغم من تصريح البنك الدولي الأخير الذي ذكر فيه "أنه حتى منتصف نيسان 2015 قد وصل 1 مليار دولار أميركي لإنعاش وإعادة إعمار قطاع غزة".
ومن أهم أسباب تعثر عملية إعادة الإعمار، قال التقرير: استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار إدخال مواد البناء وفق الألية الدولية العقيمة المعمول بها حاليا، والتي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع، حيث أن ما تم إدخاله من مادة الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة خلال النصف الأول من عام 2015 لا يتجاوز 116 الف طن.
وبيّن أنه تم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئيا وفق آلية الكوبونة المدفوعة الثمن، ومجمل ما تم توريده من الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة لا يتجاوز 135 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار، وهذه الكمية لا تكفي احتياج قطاع غزة لمدة 15 يوما من مادة الإسمنت.
وبخصوص الإسمنت، تم توريد ما مجمله 18037 طنا من جمهورية مصر العربية، وذلك خلال الأيام القليلة التي تم فيها فتح معبر رفح البري خلال شهري أيار وحزيران، وهي تمثل 13% من إجمالي الإسمنت الوارد عبر معبر كرم أبو سالم خلال عام، وساهمت تلك الكميات البسيطة في انخفاض أسعار الإسمنت في السوق السوداء، وأحدثت انتعاش إلى حد ما في قطاع الإنشاءات.
أما على صعيد القطاع الخاص، أفاد التقرير "لا يوجد أي جديد على صعيد المنشآت الاقتصادية فحالها كما هي، حيث أن ما تم إنجازه في الملف الاقتصادي هو صرف تعويضات للمنشآت الاقتصادية، بما لا يتجاوز 9 مليون دولار، وصرفت للمنشآت الصغيرة التي بلغ تقيم خسائرها أقل من سبعة آلاف دولار أميركي".