وكالات - الاقتصادي - يعلم الجميع أن مستقبل المواصلات يحمل بين طياته انتشاراً للسيارات ذاتية القيادة، وإمكانية مشاركة ركوب السيارات القريبة منكم، ولكن ربما يحدث هذا في وقت أقرب مما نعتقد.
ولكن ما التغيير الذي سوف يشهده مستقبل السفر، نتيجةً للأشكال الأخرى من تكنولوجيا المواصلات التي لا تبدو ذائعة الصيت؟
تقرير للنسخة الأسترالية من موقع "هاف بوست" قدّم تصورًا لما سيكون عليه السفر في عام 2050، وبصرف النظر عن الأمور الخيالية في التقرير، فإن كثيراً من الاختراعات المذهلة التي يتوقعها ليست مجرد خيال، بل إن لها أصلاً في عصرنا الحالي.
حسب تنبؤات الخبراء المتعلقة بالسيارات ذاتية القيادة، والسفر بالطائرات التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والابتكارات الأخرى، تعتبر تجربة السفر التي تُذكر في السطور التالية ذات بذور راسخةً في التكنولوجيا الحقيقية التي تظهر في يومنا هذا، فضلاً عن التكهنات باستقراء كيفية تطور مستقبل تكنولوجيا السفر خلال الثلاثين عاماً ونيفٍ القادمة.
وفي هذا التقرير سنصحبكم في رحلة إلى المستقبل؛ وهي رحلة من مدينة سيدني الأسترالية إلى هونغ كونغ التابعة للصين، في عام 2050، لنر ماذا سوف يكون في جعبتنا من غرائب.
تستعد لمغادرة مدينة سيدني التي تعيش فيها بعد أن حزمت أمتعتك، لذا استدعيت سيارة أجرة. إنها سيارة ذاتية القيادة.
وعندما وصلت السيارة بعد دقيقتين، لم تبدُ مثل أي من سيارات فورد أو بي إم دبليو أو تيسلا الموجودة في يومنا هذا؛ إذ إن التصميم الداخلي لا يمتلك سوى مقعدين فخمين دوارين، ولا توجد عجلة قيادة أو دواسة بنزين أو لوحة قيادة.
وتُستخدم النوافذ استخداماً مزدوجاً، بالإضافة إلى استخدامها الرئيسي، إذ تستخدم باعتبارها شاشات شفافة تعرض بيانات عن الخريطة والمناخ وحالة الطريق، بالإضافة إلى آخر الأخبار وأحدث وسائل التسلية.
عندما تركبها، فإن السيارة شبه الصامتة تُشحن عبر التأثير المغناطيسي في الطريق. تنضم سيارة الأجرة التي تركبها مع أخرى من سيارات الأجرة ذاتية القيادة لتشكل قطاراً سريعاً يسير على طريق ساوثرن كروس درايف نحو المطار.
تقلل المركبات المحملة بإحكام من الازدحام المروري، ومن مقاومة الهواء.
على الرغم من عدم وجود حدود للسرعة وعدم وجود شرطة مرور، فإن السيارة تسير على سرعة 80 كيلومترا/الساعة فقط، ومع ذلك ستصل إلى مطار سيدني الدولي في نصف المدة التي كنت تقطعها خلال العقد الثاني من القرن الحالي.
فما السبب وراء ذلك؟ يعود أحد هذه الأسباب لقلة إشارات المرور المتبقية؛ إذ إن معظم التقاطعات صارت الآن –أي في عام 2050– دورانات تسمع باستمرار حركة السيارات والسكوتر والدراجات الهوائية. فيما يمر المشاة فوق هذه الطرق على جسور مشاة.
انطلاقاً من الترميمات التي تكلفت مليارات الدولارات في مطار لاغوارديا الدولي بنيويورك، والتي تظهر كيف يمكن أن تتقابل التكنولوجيا الرقمية والمادية مع السفر الجوي، فإننا يمكن أن نتصور شيئاً مشابهاً في مطار غرب سيدني بضاحية بادجريس كريك بسيدني.
عندما تصل، يحييك حمال آلي ويأخذ أمتعتك إلى نظام ذكاء اصطناعي لفرز الحقائب ونقلها إلى الطائرة المناسبة.
يتحقق النظام من الشريحة ثلاثية الأبعاد التي طبعتها في منزلك وألصقتها بحقيبتك.
ويمكنك من خلال تطبيق هاتفي تتبُّع حقيبتك عبر خريطة ثلاثية الأبعاد وعالية الدقة للمبنى، ثم للطائرة نفسها.
يمكن تحميل هذه النماذج شديدة التفصيل التي تبلغ مساحتها تيرابايت في أجزاء من الثانية عبر شبكة الجيل الثامن الموجودة في عام 2050.
وبفضل التصوير المقطعي وبرامج تمييز الوجوه، فإنك بالكاد تتعطل (بل وتحافظ على سرعة سيرك)، بينما تمر عبر التفتيش الأمني.
ستسافر في رحلتك على متن جيل جديد من الطائرات التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت، ويدعمها مزيج من خلايا الوقود والطاقة الشمسية.
يتكون جسم الطائرة من شبكة من المواد الشفافة والألياف الكربونية فائقة الخفة في وزنها.
تقدم جميع الشاشات المثبتة في النوافذ قراءات من جميع الحساسات التي ترغب في رؤيتها.
ولا يوجد بالتأكيد طيار يقود الطائرة، غير أن 90% من الرحلات التجارية التي تعود إلى العقد الثاني من القرن الحالي كانت تطير عبر الطيار الآلي، لذا فليس هناك شيء جديد.
في حقيقة الأمر ليس ثمة طيار على الطائرة على الإطلاق؛ إذ إن الرحلة تهتدي في طريقها عبر نظام تحكم مروري جوي.
ولكن اطمئن، فيوجد طيارون يمكنهم التحكم في الطائرة من محطات بعيدة على الأرض إذا ما دعت الحاجة لذلك.
عندما تصل إلى هونغ كونغ، لا توجد حاجة للانتظار في حجرة الأمتعة. بعد الانتهاء من وحدة مراقبة الجوازات -وهي العملية التي تسرّعها مرةً لأخرى أنظمة تمييز الوجوه- يأتي حمَّال آلي آخر ويطابق بين شريحة السيليكون على حقيبتك وبين هاتفك الجوال، ثم يسلمك الأمتعة بينما تحتسي قهوة الإسبريسو خاصتك.
تفكر في التقاط بعض من "الطعام الصيني للإفطار في أحد المطاعم المقيّمة بالنجوم في دليل ميشلان السياحي والموجودة في صالة المطار، إلا أنك في حاجة إلى الوصول إلى مدينة كوانزو للحاق بإحدى المقابلات.
منذ ثلاثين عاماً -على اعتبار أننا لا نزال في 2050- كنت ستستقل عبارةً أو قطاراً تقليدياً للوصول إلى مدينية كوانزو الواقعة في البر الصيني.
كان القطار يستغرق حوالي ساعتين في رحلة تمتد لـ180 كيلومتراً. لكنك لا تسافر بالقطار الآن، بل إنك تستقل "الهايبرلوب"؛ وهو عبارة عن كبسولة مندفعة داخل أنبوب فراغي مُحكم تضاهي سرعتها سرعة الرصاصة، والتي وضع تصورها المخترع إيلون ماسك في صيف 2013.
يستغرق الطريق تسع دقائق فقط للوصول إلى كوانزو، وذلك في الكبسولة التي تبلغ سرعتها 1200 كليومتر/الساعة.
بعد أن خرجت من الهايبرلوب، لا تزال في حاجة لأن تقطع كيلومترين حتى تصل إلى الفندق الخاص بك لإنعاش نفسك قبل المقابلة.
إنك محظوظ؛ إذ إن الأعوام الثلاثين الماضية شهدت انتشاراً هائلاً للسيارات الميكرو التي تعمل بالكهرباء، وهي ملائمة تماماً للمناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
كل ما عليك القيام به هو أن توجه جهازك إلى كابينة الدفع، وانتظر مسح شبكية العين حتى تؤكد هويتك، وهذا كل ما في الأمر. الآن يمكنك الذهاب في طريقك فوق سكوتر كهربائي أجرة، فهل تكون هذه الوسيلة أقرب لسكوتر المراهقين، إنها التطوير الجذري للتوك توك (مركبة نارية ذات ثلات عجلات، تستخدم غالباً كوسيلة للانتقال بالأجرة)، الذي يسير في شوارع المناطق الشعبية المصرية.
كل الأمور تمت بنجاح حتى الآن، لكنك أدركت أثناء طريقك إلى الفندق أنك تركت حقيبتك (التي تحتوي على أشياء ضرورية لمقابلتك) في المطار.
لحسن الحظ يمكنك استدعاء خدمة توصيل ذاتية التحكم لاستعادة حقيبتك وتسليمها إلى الفندق.
إنها تنتظرك في الطابق الأسفل عندما عُدت أدراجك إلى الردهة بعد حمام سريع، والآن أنت مستعد للبدء في يومك.
حسناً، كان هذا ممتعاً. فقد قطعت نصف الطريق حول العالم بطريقة مريحة وعصرية، ولم ينبعث سوى جزء شديد الصغر من كمية ثاني أكسيد الكربون التي كانت لتنبعث إن قطعت نفس الرحلة منذ ثلاثين عاماً.
ما الذي ربما لم تدركه (فلماذا ستدركه على أي حال؟) هو أن بذور كل هذه الصور من التكنولوجيا هي بالفعل تعمل بشكل جيد في الوقت الحالي، مثلما تعمل أيضاً البرمجيات اللازمة لوجودها.
فحالياً في عام 2017، يمكن بالفعل للمهندسين والمصممين أن يستخدموا تصميماً توليدياً لاختراع أشياء مثل السيارات ذاتية القيادة، والطائرات خفيفة الوزن، وروبوتات الحقائب، والبنية التحتية للهايبرلوب.
والبعضُ بالفعلِ يطبع دوائرَ عملٍ طباعةً ثلاثيةَ الأبعاد، ويبني أنظمة إنترنت الأشياء للتعلم الآلي.
إذ إن العمل الذي ينفذ الآن في 2017 هو ما سوف يجلب هذه التجربة المذهلة لعام 2050 إلى أرض الواقع في مستقبل السفر.
يشار إلى أن هذه المقالة نُشرت لأول مرة على موقع Redshift، وهي دورية تابعة لشركة "أوتو ديسك" تُكرَّس للمصممين والمهندسين والمعماريين، والصناع الذين يستكشفون مستقبل صناعة الأشياء، ومشاركة قصص الابتكار الملهمة، كما تقدم المشورة العملية لمساعدة الشركات على النجاح.