ماجدة البلبيسي/ غزة
لم تستجب لاستجداء وصرخات طفلاتها وتلبية طلبهم بالسماح لهن السباحة في بحر غزة، حينما سألتها (كاتبة التقرير) باغتتني بالرد بأن مياه البحر ملوثة وغير آمنة، واخشى أن تصيبهن أي أمراض جلدية ناجمة عن ذلك.
عاودت التدخل مرة أخرى كي تحيد عن قرارها ولكنها أصرت على ذلك، ولم تلق بالاً للصرخات المتكررة التي صدحت بها طفلاتها مرة أخرى. وقالت لي: "كّوني متخصصة وباحثة في هذا المجال، لم يطمئن قلبي لكل التقارير التي تخرج من هنا وهناك، وأعمل من باب درهم وقاية خير من قنطار علاج".
"يسر الأطرش" إحدى النساء التي انضمت لمئات من الأمهات الغزيات المتشككات، بعد التقارير التي صدرت العام الماضي (2014)، والتي تضمنت تحذيرات تنبه المواطنين من عدم السباحة في بحر غزة نظراً لتلوث معظم شواطئه، في ظل أزمة الكهرباء المتفاقمة وتوقف معظم محطات معالجة المياه العادمة عن العمل؛ وبالتالي تدفق كميات هائلة من تلك المياه غير المعالجة إلى شواطئ بحر غزة يوميا.
طمأنة المواطنين
ولكن مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة المهندس عبد الرحيم أبو القمبز طمأن المواطنين في حديث سابق مع مجلة آفاق ومع وسائل إعلام متنوعة، بأن مياه بحر غزة صالحة للسباحة، خاصةً في المنطقة الواقعة بين حدود ميناء غزة والشيخ عجلين جنوب المدينة.
وقال:" أنه وبحسب الفحوصات المخبرية التي أجرتها كل من البلدية ووزارة الصحة فقد تبين أن المناطق السابقة الذكر خالية من المياه العادمة وأية ملوثات أخرى، نظراً لعدم تصريف مياه الصرف الصحي فيها".
وأضاف أبو القمبز في إطار تطمينه، أن البلدية هذا العام وإنقاذاً لموسم الاصطياف والترفيه عن المواطنين، سعت بكل جهدها لتشغيل محطات المعالجة الموجودة على امتداد شاطئ بحر غزة، والذي تقدر مساحته بـ40% من طول الشاطئ، ووفرت السولار لتشغيل المضخات حتى في حالة انقطاع التيار.
وتابع أن معظم مياه الصرف الصحي أصبحت تضّخ في محطة المعالجة المركزية الواقعة في منطقة الشيخ عجلين جنوب المدينة، على عكس العام الماضي حيث كانت تضخ في مياه بحر غزة.
فحوصات دورية
وأوضح أن إدارته تجري فحوصات دورية على مياه البحر، بالتعاون مع وزارة الصحة، عبر الكشف الظاهري وأخذ عينات من مياه البحر شهرياً، استناداً على خارطة اعدتها الوزارة توضح أماكن السباحة الآمنة والأماكن المحظورة.
فيما أعلنت سلطة جودة البيئة عن نتائج مراقبة مياه شواطئ الاستحمام لشهر أيار 2015 على طول ساحل بحر قطاع غزة وفقا لأحكام وقرار المواصفات الفلسطينية لمياه شواطئ الاستحمام. وقد نشرت سلطة البيئة نتائج شهري( نيسان وأيار 2015 ) على موقعها الالكتروني، وقد حصلت "آفاق" على نسخة منه، حيث بيّنت نتائج الفحص الأخير أن نحو 50% من الشاطئ صالح للاستجمام، بينما الطول الباقي من الشاطئ يعتبر ملوثًا، والسبب هو تصريف المياه العادمة غير المعالجة أو المعالجة بشكل جزئي إليه.
وقد طالبت سلطة جودة البيئة المواطنين بالالتزام بالأماكن الصالحة للاستجمام كما هو معلن، والابتعاد عن الأماكن الملوثة وغير الصالحة للاستجمام حفاظاً على صحتهم وسلامتهم. وخصوصا عدم الاقتراب من مصبات المياه العادمة.
أبرز النتائج
الخبير في علوم البحار الدكتور محمد أبو دية تحدث عن أبرز الآثار الناتجة عن طرح مخلفات المجاري دون معالجة إلى مياه البحر، ومنها موت كثير من أشكال الحياة خاصة الكائنات المكانية (التي لا تنتقل من مكانها أو تنتقل ببطء مما يؤدي إلى تأثرها) نتيجة الازدهار الطحلبي الناتج عن المخلفات العضوية لمياه المجاري. حيث تنافس هذه الطحالب الكائنات الأخرى في استهلاك الأكسجين مما يؤدي إلى موتها اختناقا.
ويتابع في ذات السياق، إن محتويات مياه المجاري ليست مقتصرة على المخلفات العضوية فقط بل أنها تحتوي على الكثير من المواد الكيميائية, والتي قد تتراكم في أنسجة كثير من الكائنات البحرية مما قد يتسبب في إصابة المواطنين بالأمراض المعوية وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالسرطان.
يشير الخبير أبو دية إلى ثلوث مياه البحر بأنواع من البكتيريا المرضية مثل: Fecal Coliform bacteria حيث تسبب أمراض معوية. والنوع الآخر من البكتيريا هو Hepatitis A وهي المسؤولة عن مرض الكبد الوبائي. والنوع الثالث بكتيريا Cholera وهي مسؤولة عن مرض الكوليرا Vibrio cholerae.
نقلا عن "آفاق البيئة والتنمية"