رام الله- الاقتصادي- وصل سعر صرف اليورو الاوروبي إلى أدنى مستوياته أمام الشيقل الاسرائيلي إذ صرف صباح اليوم الخميس بـأقل من 4.19 وهي المرة الأولى التي تصل فيها العملة الأوروبية مقابل الشيقل إلى أدنى من 4.2 وذلك من نيسان عام 2002.
وتضرر اليورو بشكل لافت منذ أن أعلن عن عجز اليونان تسديد دفعة من ديونها لصندوق النقد الدولي والبالغة 1.7 مليار دولار وهو ما أثار التخوفات من خروجها من منطقة اليورو واحداث هزة على مستوى العملة الاوروبية والاقتصاد العالمي عموما.
وتشهد أسعار صرف العملات تقلبات في انتظار ما ستسفر عنها الأزمة اليونانية.
وتوقف سعر انحدار اليورو مقابل الدولار الليلة الماضية لكنه بقي ينحدر أمام الشيقل في ظل حديث عن اتفاق بين إسرائيل وشركات التنقيب عن الغاز ما ساهم في تعزيز المشاعر الإيجابية تجاه الاقتصاد الإسرائيلي والشيقل.
وسيخلق اتفاق الغاز تطورا إيجابيا للاقتصاد الإسرائيلي، ويسهم في قوة الشيقل. إذ يعد عامل الطاقة أمرا مهما لاسرائيل ما يعني تخفيض تكاليف الصناعة الاسرائيلية ويزيد من قدرتها التنافسية.
عوامل متداخلة والدولار سيد العملات
وفي سؤال لـ" الاقتصادي"حول ما إذا كان الظرف مناسبا لشراء اليورو ، يقول المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم" من الصعب التكهن بمسار سوق العملات، لأن العوامل التي تؤثر في السوق لا حصر لها منها سياسية واقتصادية، مشيرا إلى وجود ترجيحات ملخصها أن الدولار لديه دعائم اقتصادية وسياسية وفنية تجعله سيد العملات خلال الفترة المقبلة.
وأضاف"البيانات التي صدرت حول الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة تشير إلى أن الاقتصاد الامريكي ما زال يتعافى، وهذا يرجح أن يقوم البنك الفدرالي برفع أسعار الفائدة لاحقا، وبالتالي لا خوف على الدولار".
أما اليورو فقال د. عبد الكريم ، إنه ما زال يتعرض لضغط كبير ليس بسبب أزمة الديون السيادية اليونانية فحسب، بل هناك مخاوف بشأن اسبانيا والبرتغال، كذلك قبرص التي تخضع لبرنامج الانقاذ.
وأضاف" اوروبا ليست بأفضل حال من حيث مستويات النمو وبرنامج التيسير الكمي الذي ينص على ضخ 60 مليار دولار شهريا حقق بعض التقدم، لكن ازمة اليونان أعادت منطقة اليورو إلى نقطة الصفر".
سعر اليورو والأزمة اليونانية
وأضاف" سعر صرف اليورو ستحدد تبعا لما تخرج به الحالة اليونانية، فإذا كانت نتيجة التصويت برنامج النقاذ وخطة التقشف بلا كما تريده الحكومة اليسارية، فإن ذلك سيعني بداية خروج اليونان من منطقة اليورو وسيسبب أزمة اقتصادية في اليونان وسيكون لها تداعياتها على الاقتصاديات العالمية وربما ينخفض اليورو ليصل سعر صرفه إلى دولار واحد أو أقل".
وتابع" أما اذا كانت نهاية الأزمة بالتصويت على نعم لتطبيق خطة التقشف، فإن الاتفاق الجديد لخطة الانقاذ سيعزز من صمود منطقة اليورو وسنرى العملة الاوروبية ترتفع من جديد".
اليورو سيحتاج إلى عامين للعودة إلى القمة
وبشكل عام ، قال عبد الكريم أن اليورو لم يعد قويا كما كان في السنوات الماضية، مرجحا أنه سيحتاج إلى قرابة عام إلى عامين للعودة إلى مستوياته المرتفعة، مستبعدا ان تشهد سوق العملات تقلبات حادة ودراماتيكية لكنه شدد مجددا على أن الدولار سيظل سيد العملات في الوقت الراهن.
وبخصوص الشيقل، أكد أن ارتفاعه مقابل العملات الأخرى سيظل محدودا لأن اساسيات الاقتصاد الاسرائيلي ومؤشراته مازالت دون المطلوب، وهناك انخفاض في الاستثمار الأجنبي، كما أن اسرائيل معنية بابقاء أسعار الفائدة منخفضة لدعم الصادرات.
الشيقل واتفاقية الغاز
وبخصوص الحديث عن اتفاق اسرائيل مع شركات لبدء التنقيب عن النفط في سواحل البحر المتوسط، ومدى انعكاس ذلك على قوة الشيقل، قال عبد الكريم" هذا الأمر مهم لأن الحديث يدور عن ثروة نفطية تقدر بـ 85 مليار دولار وهو ما يعني ربع قيمة الاقتصاد الاسرائيلي، وعلى مدى سنوات أخرى قد تصل إلى 200 مليار دولار، وهذا من شأنه أن يوفر لاسرائيل سيولة فائضة من العملات الأجنبية وسيشكل الشيقل ضغطا على الدولار واليورو"، منوها إلى أن ذلك سيحتاج إلى وقت وبالتدريج كي يكون عاملا مؤثرا في سعر صرف العملات.
وأضاف" قوة الشيقل أمام العملات الأخرى تعتمد على عدة عوامل، والعامل الداخلي احداها، ولكن العوامل الخارجية تلعب دورا كبيرا في تحديد سعر الصرف وهي ما زالت ليست لصالح الشيقل".
قوة صرف العملة لا تعني دوما قوة في الاقتصاد
من جهته قال د. سمير عبد الله مدير عام معهد الابحاث والسياسات الاقتصادية "ماس" لـ" الاقتصادي" إن سعر صرف عملة معينة تجاه العملات الأخرى لا يعني بالضرورة دائما أنها تمثل قوة اقتصاد ذلك البلد، وإنما قد تستند إلى سياسات نقدية، مشيرا إلى أن الشيقل استمد قوته من اقبال مضاربين على شراء الشيقل مع وجود توقعات بأن يقوم بنك اسرائيل برفع سعر الفائدة، ولكن بعد أن أبقى اسرائيل سعر الفائدة على مستوياته المنخفضة زادت الثقة بقطاع السياحة وبالتجارة الخارجية الاسرائيلية ما أعطى الشيقل مزيدا من القوة.
وأضاف" عندما ينخفض سعر صرف العملة فإن ذلك يزيد الطلب على منتجات الدولة، واسرائيل دولة تعتمد كثيرا على الصادرات وبالتالي فإن ذلك شكل دعما كبيرا لصادراتها".
ويعتقد د. عبد الله أن لجوء الاحتياطي الفدرالي الامريكي إلى تأجيل قراره برفع أسعار الفائدة يصب في ذات الاتجاه، فعندما زادت قوة الدولار بعد توقعات برفع أسعار الفائدة شعرت الولايات المتحدة بأن ذلك سيؤثر على صادراتها ما دفعها لتأجيل خطوة رفع سعر الفائدة إلى نهاية العام.
ويضيف" رفع الفائدة يقلل الكتل النقدية في السوق لتتحول لودائع ويعني ذلك تقليل الاقتراض وهو من شأنه أن يخفض من دوران عجلة الاقتصاد".
اوروبا تستطيع النهوض
وحول إن كان الظرف مناسبا لشراء اليورو بعد أن هبط إلى مستويات متدينة، قال عبد الله" العملة الأوروبية عموما قوية، وإن كانت مسألة خروج اليونان إذا حدثت ستمثل ضربة لمنطقة اليورو، لكنها ضربة مؤقتة تستطيع بعدها النهوض مجددا، وإن تم التوصل إلى اتفاق يسمح بضمان قيام اليونان بتسديد التزاماتها وابقائها في منطقة اليورو فإن ذلك سيعطي اليورو زخما إضافيا".
واستبعد عبد الله أن يهبط اليورو إلى أقل من دولار واحد في أسوأ الظروف لكنه سيعاود بكل الأحوال إلى الارتفاع، قائلا إن شراء اليورو من عدمه يعتمد على النقطة التي سينخفض عندها اليورو".
وأضاف" جزء من انخفاض العملة الاوروبية يتعلق بقيام الاوروبيين بضخ نحو 60 مليار يورو في السوق لاحداث الانتعاش، وزيادة العرض بالتأكيد من شأنه أن يخفض من سعر صرف العملة الأوروبية"، منوها إلى أن العملة الأوروبية ستظل قوية على المدى الطويل، واوروبا ستستوعب ضربة خروج اليونان إن حدثت.