نعمان بسام السيوري
لم تشفع سنوات الدراسة الطوال لخريج تخصص تكنولوجيا المعلومات (م.ج) بالعمل في إحدى دوائر الحكومة الفلسطينية أو القطاع الخاص الفلسطيني، وذلك للعدد المهول من الخريجين وعدم وجود قدرة استيعابية ووظائف شاغرة جديدة، لكن لم يتوقف الأمر على هذا الخريج الجامعي، فالأمر يتعدى ما يقارب 45 ألف خريج ومتقدم للوظيفة سنوياً من مختلف التخصصات العلمية والأدبية، لا يستوعب سوق العمل سوى أقل من 3 آلاف حامل للشهادة الجامعية منهم.
وفي ظل الظروف التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، فإن تفكير الطالب ينحصر في خيارات محدودة، أولها الهجرة، ثانيها إكمال دراسته العليا -على أمل تحسين فرصته بالعمل-، أما ثالثها فلا الهجرة ولا الدراسة ولا العمل، بالتالي يبقى رفيق فراشه "في أفضل الظروف".
وبالرجوع إلى الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، نجد أرقاماً ترفع من ضغط القارئ، وتزيد من تشاؤمه، فيتم إغلاقه بهدوء، والاعتماد على تحليل مختلف لعله منطقي هو الآخر.
نحن يا سادة مجتمع مهما تطور يبقى بسيطاً بالفطرة، ويقول أجدادنا "إذا كبر ابنك خاويه"، وهنا لا أريد أن أحمل الحكومة مسؤولية ما يجري فالحكومة مثلنا أناس من الشعب، لكن الفارق أن الوزير وجد فرصة عمل له، ولم يجد 42 ألف خريج فرصة أقل منها بكثير، فلا داعي أن تخاوي الحكومة رعيتها وأبناءها الذين يزيدون بشكل مطرد كل عام 42 ألف فرد يصنفون ضمن البطالة المجتمعية!
خلال هذا العام طرحت وزارة التربية والتعليم لرعيتها 800 شاغر وظيفي فتقدم لها 43 ألف خريج، وعاد 42.200 إلى فراشهم ليكملوا أحلامهم ويجدوا فرصة لطرح مشاريعهم وأفكارهم على أنفسهم، ثم يناموا، وهكذا إلى أن يخلق الله ما لا نعلم.
ما الحل؟
*التعليم المهني والتقني
لكي يتحمل الأهل جانباً من المسؤولية فإن التعليم المهني والتقني طريقاً آخر نحو تأمين مستقبل أفضل لأبنائهم.
وزارة التربية والتعليم العالي مشكورة قدمت دراسة موثقة في هذا المجال بالتعاون مع الوكالة البلجيكية للتنمية (BTC)، أشارت إلى أن نسبة مساهمة خريجي وخريجات التعليم المهني في القوى العاملة بلغت 70% من الخريجين و61% من الخريجات، لذلك يجب التفكير جدياً من قبل المؤسسات التعليمية بالتركيز على هذه التخصصات وطرح تخصصات جديدة تلبي حاجة السوق ولا بأس من تعاون الحكومة مع القطاع الخاص في هذا الجانب، فلن يضيع الله أجر مجتهد.
* الصناعة الوطنية
لا شك أن المصانع الكبيرة التي تشغل مئات العمال والموظفين، ولديها عشرات من نشاطات المسؤولية المجتمعية، التي لا تفصح عنها في كثير من الأحيان، يجب أن نقدم لها الشكر لأنها تفتح بيوتاً وتعيل أسراً بأكملها، والشكر هنا لا يكون بملاحقتها ضريبياً ومالياً على كل صغيرة وكبيرة، بل بالتعامل معها بروح القانون، ولا نطالب بتكليف أحد لدعمها، اللهم دعوها تعمل وتنتج وتزداد اتساعاً ونمواً، فالصناعة الفلسطينية هي العمود الفقري لاقتصادنا الوطني.
*المشاريع الريادية
المشاريع الريادية والابتكارية أحد الحلول الأخرى للتقليل من ظاهرة البطالة، ومن الملاحظ اهتمام العديد من الجهات خاصة من القطاع الخاص الفلسطيني بإقامة النشاطات والمسابقات الريادية ورعايتها، مما يساهم في تشجيع أصحاب الأفكار الابتكارية على خلق فرص عمل لهم بأيديهم، فكانت مسابقة الخليل لريادة الأعمال والتي أقامتها غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل بالشراكة مع جامعة بوليتكنك فلسطين مؤخراً، إحدى الأمثلة التي يحتذى بها على مستوى الوطن.
أخيراً، يمكن القول أن الحل يأتي بالتعاون، الحل بالوعي المجتمعي، الحل بوجود الرجل المناسب بالمكان المناسب، الحل بيدي ويدك، الحل هو أن نضع مخافة الله في عيوننا.
وشكراً لتفهم أهل الحل والعقد.
*مساعد العلاقات العامة والإعلام غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل