رام الله - الاقتصادي - القدس دوت كوم- ما تزال مدينة نابلس، أو"دمشق الصغرى" كما يطلق عليها المؤرخون، او يحلو لأهلها تسميتها، وفيّة لعاداتها وتقاليدها، وأمينة على موروثها الحضاري والثقافي الذي تناقله أهلها عبر قرون ومن جيل لآخر.
وتنفرد المدينة بطقوس خاصة ومحببة في شهر رمضان المبارك، ويجهد اهلها في سبيل الحفاظ عليها، رغم كل المؤثرات الدخيلة التي أثرت على نمط الحياة خاصة لدى الاجيال الشابة.
ومن الطقوس المتعارف عليها في المدينة، أن أهلها يستقبلون اليوم الاول من شهر رمضان المبارك بمأدبة افطار قوامها الرئيسي "الابيض" أو "الاخضر"، بمعنى ان طبق الافطار الرئيسي يحبذ ان يكون ابيض كاللبن المطبوخ ومشتقاته، او اخضر كالفاصولياء او الملوخية او غيرها.
وعندما تسأل الامهات او الزوجات عن طبختهن في اليوم الاول من رمضان، سيجبنك فورا " مثل العادة؛ يا أبيض.. يا اخضر".
وتقول المواطنة تهاني (أم عبد الله) لقد اعتدنا على ذلك وورثناه عن امهاتنا وجداتنا، وهناك من يجمع بين الطبختين، خاصة في اليوم الاول من رمضان.
وتضيف ام عبد الله ان افطار عائلتها في اليوم الاول من رمضان هو "مخشي الكوسا" أي الكوسا المحشي باللحم والبصل مع اللبن المطبوخ، وهي طبخة تجمع اللونين الابيض والاخضر.
وتوضح ام عبد الله بان اهالي المدينة يعتقدون ان افتتاح رمضان بالابيض يرتبط بالامل بحياة نقية بيضاء ملؤها السلم والمحبة، اما الطعام باللون الاخضر، فهو يرتبط بالامل بحياة خضراء جميلة وسهلة وميسرة.
ويقول بائع اللبن في البلدة القديمة، ياسر صبحا، بأن معظم أهالي المدينة يطبخون اللبن في اليوم وهو عادة قديمة، وكثيرون يضيفون له العكوب الذي يخزنه اهالي المدينة بكميات كبيرة ويحتفظون به في ثلاجاتهم ويستهلكون جزءا منه في شهر رمضان، ويحتفظون بالجزء الاخر لبقية العام، او حين يزورهم ضيوف عزيزون.
ويقول صبحا بأن هذه العادة وان كانت لا تزال قائمة في نابلس، الا انها بدأت تتراجع شيئا فشيئا.
ويقول ابو شريف منى وهو صاحب مخبز في نابلس القديمة، بأن اللبن المطبوخ هو الاكلة المفضلة في اليوم الاول من رمضان لدى غالبية اهل المدينة، وهذا مرتبط بعادات قديمة، كما ان اللبن المطبوخ سهل الهضم ومريح لمعدة الصائم.
وتقول المواطنة (ام اسعد) بأن هذه العادة النابلسية القديمة اصبحت في خطر، خاصة وان الاجيال الشابة من فتيات وشبان اصبحوا يميلون نحو الاطباق الأجنبية الدخيلة مثل "الفوتتشيني" و"اللزانيا" بدلا من المنسف باللبن، والملوخية، والمسخن، والمقلوبة التي يفضلها الكبار، وبالتالي اصبحنا نشهد صراعا بين جيلين على الطبق العائلي الذي يجب ان يكون حاضرا على مائدة رمضان.
