غزة - الاقتصادي - (شينخوا) - اكتفت السيدة أم ماهر حمدان بالطلبات الأكثر احتياجا من قائمة مستلزمات اعتادت على شرائها سنويا لعائلتها من سوق الزاوية الشعبي في مدينة غزة، تحضيرا لشهر رمضان المبارك.
وتقول أم ماهر، وهي في نهاية الخمسينات من عمرها، إن ما اشترته اقتصر على نوعين من الأجبان ومربى وحلاوة وكمية قليلة من التمور، فيما حالت قلة ما لديها من مال دون شراء احتياجات أخرى خاصة بالشهر الفضيل.
وتضيف أم ماهر أن شهر رمضان عادة ما تحتاج فيه إلى مصاريف مالية مضاعفة عن الشهور العادية في العام، إلا أن الدخل المالي المحدود لعائلتها أثر سلبا على استعداداتها وتركها أمام خيارات صعبة باختصار قائمة احتياجاتها.
وحال هذه السيدة بدا مماثلا لأغلب رواد السوق قبل ساعات من حلول شهر رمضان في قطاع غزة على أثر الركود الاقتصادي الخانق الذي يعانيه من سنوات والذي اشتكى تجار محليون من أنه تضاعف هذا العام وخاصة خلال الشهرين الأخيرين.
وبدت حالة الاحباط مضاعفة لدى التاجر سعيد البطارنة (34 عاما) الذي كان يقف خلف بسطة كبيرة لبيع زينة شهر رمضان خاصة الفوانيس صينية الصنع التي تباع بأسعار تبدأ من نصف دولار أمريكي إلى ثلاثة دولارات فقط.
ويقول البطارنة إنه لم يبع سوى أقل من 5 في المائة مما عرضه على بسطته منذ ثلاثة أيام، عازيا ذلك إلى أن "الوضع الاقتصادي تحت الصفر والركود التجاري قياسي جدا".
ويوضح أن "رواد السواق أغلبهم يعاينون البضائع من دون شراء، والوضع الاقتصادي السيء أدى إلى أن تكون بهجة شهر رمضان محدودة جدا هذا العام، ويكاد يكون كأنه مثل أي شهر آخر عادي في العام".
ويعرف شهر رمضان بموائد الطعام بأصنافها الشهية والمتنوعة لتعويض طول ساعات الصيام.
وطغت أجواء الركود على المشهد في سوق الزاوية القديم في وقت عمد فيه التجار إلى الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب أعداد أكبر من المتسوقين.
ويقول تاجر المواد الغذائية سعيد النبيه، إن البضائع مكدسة داخل الأسواق من كل الأصناف غير أن إقبال الزبائن "ضعيف ومحدود جدا" على الشراء رغم طبيعة احتياجات شهر رمضان المتعددة.
ويعتبر النبيه أن التراجع في معدلات البيع تعانيه أسواق قطاع غزة منذ عدة سنوات، لكنه هذا العام قياسي وغير معهود بسبب "قلة مستويات دخل العائلات" واعتماد الميسورة منها على صرف الرواتب الحكومية.
ويقول تجار آخرون إنهم يواجهون ركودا اقتصاديا وضعفا في القدرة الشرائية لدى المتسوقين وسط استعدادات باهتة لشهر رمضان لهذا العام في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ منتصف يونيو عام 2007.
ويُفرض على القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة منذ ذلك الوقت حصار إسرائيلي مشدد يتضمن قيودا مشددة على حركة المعابر البرية ومسافة الصيد البحرية.
ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة وأن تصبح نسبة البطالة في أوساطهم من بين الأعلى في العالم، بحيث وصلت حتى نهاية عام 2016 إلى 41.7 في المائة من إجمالي السكان، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ويقول اقتصاديون إن ما زاد من التدهور التجاري في قطاع غزة هذا العام إجراءات السلطة الفلسطينية في خصم جزء من رواتب موظفيها في قطاع غزة، بما يتجاوز 30 في المائة خلال الشهرين الأخيرين.
ويصف مسؤول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، في تصريحات ل(شينخوا) شهر رمضان لهذا العام في القطاع بأنه "الأصعب" منذ عقود.
ويقول الطباع إن الشهر الفضيل يأتي هذا العام "في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية بسبب استمرار وتشديد الحصار الإسرائيلي، واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي وتفاقم نقص الخدمات الأساسية".
ويشير إلى أن ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة "دون دخل يومي"، وهم يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وجهات إغاثية محلية وعربية ودولية، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتتجاوز 65 في المائة من إجمالي السكان.
وينبه إلى أن خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة والخصم الموجود أصلا منذ سنوات على موظفي حركة حماس دفع بخلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من الأسواق، وفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية كون أن شريحة الموظفين هم القوة الشرائية الأساسية.