وكالات - الاقتصادي - الأسلحة البيولوجية من أكثر الأسلحة شراسة، وأسرعها فتكاً بالبشرية، فمهما بلغت قوة البلد وعُدة جيشه، فمن ذا الذي يستطيع الوقوف أمام فيروس مثلاً أو بكتيريا أو جرثومة، والتاريخ حافل بمحاولات استخدام الأسلحة البيولوجية، بدءاً من الإغريق قديماً ووصولاً بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في وقتنا الحاضر.
ومن ضمن الأسلحة البيولوجية التي استُخدمت على مرِّ التاريخ، وكونها أحد التكتيكات العسكرية عبر التاريخ، الحشرات. وفيما يلي أمثلة على محاولات استخدام الحشرات سلاحاً في الحروب.
محاولة داعش لاستخدام "قنابل العقارب" لم تكن المحاولة الأولى
في عام 2014م، وخلال محاولة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فرض سيطرته على ثاني أكبر مدن العراق "الموصل"، استخدم التنظيم قنابل تحتوي على عقارب حيّة تستهدف المناطق المأهولة بالسكان، باعتبارها سلاحاً بيولوجياً لترويع الجيش والمواطن العراقي؛ فتنفجر القنبلة وتنشطر عند إطلاقها، وتبدأ آلاف العقارب بالزحف في كل مكان، فوُصف الأمر بأنه الجنون بعينه.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تُستخدم فيها قنابل العقارب سلاحاً في الحروب، فيعود استخدامها لآلاف السنين، وفي المنطقة نفسها، فقد استخدمها المتحصِّنون في قلعة الجضر بالعراق دفاعاً عن أنفسهم ضد الغزاة الرومان، خلال محاولة الإمبراطورية الرومانية السيطرة على بلاد ما بين النهرين؛ فدافعوا عن قلعتهم بإلقاء قنابل العقارب الصحراوية السامة من فوق أسوار القلعة.
النحل سلاح بالحرب وكاشف للألغام والمخدرات
لقد أدرك الرومان قديماً قدرة النحل غير المستهان بها، كونها سلاحاً لردع قوات العدو؛ فلسعة واحدة من هذه الحشرة الصغيرة قادرة على إرهاب جيش كامل. لذلك، استعان بها الرومان في معاركهم، فكانت تُقذف خلايا النحل بواسطة المِنْجَنِيق على الجيوش المعادية؛ لإرباك صفوفهم، ومن ثم يُصبح الهجوم عليهم أمراً سهلاً.
انقلب السحر على الساحر، فخلال محاولة الرومان اقتحام بعض القرى التركية، وضع الأتراك العسل السام في خلايا يتذوقها جنود الرومان؛ ما سبب حالات عديدة للتسمم في صفوف جيش العدو.
استُخدم النحل أيضاً في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام.
وكذلك يعمل الباحثون في كرواتيا الآن على أسلوب فريد من نوعه لحل مشكلة الكشف عن الألغام الأرضية التي زُرعت خلال حرب البلقان، وذلك بتدريب النحل على تعقب رائحة الألغام؛ فيمكنه أن يغطي حقلاً كاملاً، على عكس الكلاب والفئران، فقد تسبب ثقل أوزانها خلال عمليات سابقة للكشف عن الألغام في انفجارها.
ويكون تدريب النحل على تعقب رائحة الألغام من خلال إضافة محلول سكري لمادة الـ"تي إن تي"، التي تكسب المتفجرات رائحتها المميزة؛ فيجد الغذاء في وسط رائحة التي إن تي، لتكييف النحل على الرائحة، وإكسابه حاسة الشم التي يستطيع من خلالها ضبط رائحة المتفجرات.
يجري تدريب النحل أيضاً حالياً للمساعدة في عمليات الكشف عن المخدرات، فأظهرت دراسة أسترالية أن النحل يؤدي رقصة اهتزازية، عندما يُعطى المخدرات، أقوى من تلك التي تصدر عنه لإخبار أقرانه بوجود لقاح، كذلك أظهر قدرة على التمييز بين الهيروين والكوكايين.
البراغيث خلال الحرب اليابانية الصينية
خُيل للإمبراطورية اليابانية أن كلاً من الولايات المتحدة والصين وكوريا تجهز لأسلحة بيولوجية تدمر اليابان؛ وعليه فرضت اليابان سيطرتها على الصين.
وخلال تلك الفترة، أنشأت وحدة سرية عُرفت بالوحدة 731؛ لتطوير الأسلحة البيولوجية المحرمة دولياً، من أجل استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية.
شهدت الوحدة أبشع جرائم التعذيب التي أجريت على آلاف المدمنين، من السجناء والنساء والأطفال ومختلف الجنسيات من أميركيين، وبريطانيين، وروس، وكان أحد أبشع ما ارتُكب حقن الناس بالبراغيث لتحديد مدى قدرتها في أن تكون ناقلة للأمراض، مثل الطاعون والكوليرا وغيرها من الأمراض القاتلة.
وعقب هزيمة اليابان، دمَّر العاملون الوحدة لإخفاء الأدلة؛ الأمر الذي تسبب في انتشار الطاعون والبراغيث في كل مكان، وقتل أكثر من 300 ألف شخص، معظمهم من الصينيين.
حشرات داربا للتجسُّس
ضمن خطة تطوير التكنولوجيا العسكرية الأميركية، قامت منظمة داربا، وهي وكالة تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الأميركية، بتسليح الحشرات باعتبارها أحد مشروعات البحوث الدفاعية المتطورة، وذلك بإدخال رقائق إلكترونية إلى أجزاء محددة من جسم الحشرة، مثل الدماغ أو العضلات المسؤولة عن حركة الأجنحة، لتحويل حركة الجناح بالحشرة من حركة ميكانيكية إلى حركة كهربائية.
ترتبط الرقاقة الإلكترونية بكاميرات وميكروفون مثبت على ظهر الحشرة؛ لنقل الصوت والصورة لمراكز القيادة، كي تستخدم في أغراض التجسس والاستطلاع، وعمليات البحث والإنقاذ، وكذلك في تحديد مواقع الإرهابيين المختبئين في مكان ما.
بعوض ناقل للعدوى
أجرت حكومة الولايات المتحدة تجربتين مجنونتين، الأولى عام 1955م في ولاية جورجيا، فألقت 330 ألف بعوضة حمى صفراء غير المصابة؛ لتحديد جدوى إسقاط الآلاف من البعوض فوق منطقة مزدحمة لمعرفة المساحة التي تُغطيها، والثانية عام 1956م في سافانا، حيث ألقيت 600 ألف بعوضة؛ لاختبار لدغة بعوضة الحمى الصفراء، وعلى الرغم من أن الحكومة أكدت أنه لا إصابات من تلك العمليات، لكن في الحقيقة كان هناك 7 وفيات نتيجة الإصابة بحمى الصفراء.