بيت لحم - معا - تعكف سلطة النقد حاليا على مراجعة كافة الملاحظات القانونية لإنشاء البنك المركزي الفلسطيني، الذي يحظى بموافقة دولية لكن ذلك لا يعني اصدار عملة فلسطينية خاصة وان كان التوجه باعتماد الجنيه الفلسطيني.
في غضون ذلك يتحدث محافظ سلطة النقد جهاد الوزير لوكالة " معا" عن ازمة بنك فلسطين في غزة, مرورا الى وصول البنوك الحد الاقصى لاقراض السلطة وحجم الديون الهائل, اضافة الى عوائق استثمارات البنوك في فلسطين.
إعداد مسودة قانون البنك المركزي الفلسطيني
* هل انتهيتم من مسودة قانون انشاء البنك المركزي وهل صادق عليها الرئيس؟
أعدت سلطة النقد الفلسطينية مسودة قانون البنك المركزي الفلسطيني بعد دراسات متعمقة واستعانة بخبرات البنك الدولي، حيث ترافق اعدادها مع خطة التحول الاستراتيجي التي تم البدء في تنفيذها منذ عام 2006، ووضعت على ضوء مراجعة شاملة للعديد من قوانين البنوك المركزية العالمية والإقليمية، ومراجعة أحدث التوصيات والمعايير الدولية.
كما ترافقت مع تحولات هامة منها الاعتراف بالدولة، والبدء بإنشاء مبنى البنك المركزي، واستكمالا لهياكل الداخلية لسلطة النقد، والاعتراف الدولي بجهوزيتها على المستوى الفني واللوجستي، لإصدار النقد في حال توفرت الشروط الموضوعية والاقتصادية والسياسية لذلك. كما أنه حدثت تطورات هامة على صعيد المؤسسات الخاضعة لإشراف ورقابة سلطة النقد تستلزم تعديل قانون سلطة النقد ليكون أكثر وضوحاً وتفصيلاً وتناسقاً فيما يتعلق بالإشراف والرقابة على المؤسسات الخاضعة لسلطة النقد.وتم اطلاق نقاش مسودة القانون وعرضها على الاقتصاديين المعنيين والخبراء القانونيين وتجري حالياً دراسة الملاحظات والمقترحات الواردة منهم.
*ماذا يعني ذلك...ومتى سننشئ بنكا مركزيا فلسطينيا؟
نشأت سلطة النقد في الأساس لتكون نواة للبنك المركزي لدولة فلسطين، وفي ضوء تجربة سلطة النقد خلال سنوات التأسيس الأولى تموضع خطة التحولات الاستراتيجية في العام 2006، بمساعدة وتشاور مع الخبراء في البنوك المركزية العالمية والمؤسسات الدولية في حينه، لتعلن هدفاً أساسياً لها تمثل في تحول متدرج لسلطة النقد من مؤسسة ذات مسؤوليات محصورة بدرجةٍ أساسية بالرقابة المصرفية وبعض المهام الفنية التقليدية، إلى مؤسسة ذات صلاحيات أوسع بما يجعلها بنكاً مركزياً كامل الصلاحيات، مع مراعاة اعتبارات السياسة النقدية طويلة الأجل في ظل تحقيق الهدف النهائي المرجو من السياسة النقدية للدولة الفلسطينية المستقبلية.
يحاول البعض أن يعطي انطباعا بأن مسودة القانون ليست سوى تغيير لاسم سلطة النقد، وهذا خطأ حيث لا مشكلة بالمطلق حتى ولو بقي الاسم تحت مسمى سلطة النقد، وإنما الهدف تضمين القانون الجديد المحاور والقضايا الهامة السابق ذكرها، وإعطاء سلطة النقد سنداً قانونياً مستقبليا ًلتحقيق الاستقرار النقدي إلى جانب الاستقرار المالي، لاسيما وأن قانون سلطة النقد جاء في فترة تأسيس السلطة وقد مضى عليه 20 سنة شهدت تحولات سياسية وتنظيمية ومالية هامة، استلزمت ضرورة التفكير بإعداد قانون جديد على غرار ماحدث مع قانون المصارف.
لا مشكلة بخصوص الاعتراف بالاسم
* هل هناك موافقة دولية على إنشاء البنك المركزي؟
جميع دول العالم وجميع المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليان والبنوك المركزية الأجنبية والعربية تتعامل مع سلطة النقد الفلسطينية منذ اليوم الأول لتأسيسها على أنها الجهة الرسمية والوحيدة المشرفة على القطاع المصرفي الفلسطيني، وهذه الدول لا يهمها ما هو اسم سلطة النقد الفلسطينية حالياً ومستقبلاً، فهناك بنوك مركزية عديدة في العالم لا تحمل اسم البنك المركزي، فمثلاً في السعودية اسمه "مؤسسة النقد السعودي"، وفي الولايات المتحدة الأمريكية اسمه "بنك الاحتياطي الفيدرالي" وبالتالي لا توجد مشكلة في مسألة الاعتراف بالاسم.
الجنيه الفلسطيني
* ما هي العملة التي سنتداولها؟ أي عملة ترجحون؟
بداية إن إصدار قانون البنك المركزي لا يعني إصدار النقد، ولطالما أكدت سلطة النقد مراراً في مختلف تقاريرها أن الوقت غير مناسب لإصدار العملة، وإنما الهدف هو الجهوزية حال اتخاذ قرار وطني بإصدارها.
ولنا الحق القانوني السيادي في تبني العملة التي نريدها ثم نقرر بعد ذلك بكامل ارادتنا السياسية شكلا للنظام النقدي الذي يلائم اقتصادنا، بدلاً من بقاء الوضع الحالي تحت التبعية النقدية والاقتصادية لإسرائيل.
كما أن رفض الاحتلال الالتزام باتفاق باريس وخلق أزمة سيولة النقدية منذ العام 2007، دفع سلطة النقد في حينها لتهديد بالبحث عن ترتيبات نقدية جديدة تحل محل الترتيبات الحالية التي يفرضها الاحتلال، ومنذ ذلك الوقت تبين أهمية البدء بإعداد العدة لكافة عناصر البنية التحتية اللازمة لإصدار العملة الوطنية، وأهمها وجود قانون جديد لسلطة النقد ينص بشكل صريح ومفصل لكل الجوانب القانونية لإصدار العملة، بما يضمن جهوزية سلطة النقد للبدء بإدارة النظام النقدي الوطني حال اكتمال كافة الشروط السياسية والاقتصادية، وبتوافق وطني من مختلف سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية، بدلاً من أن تجد نفسها في فراغ تشريعي وتنظيمي قد يستلزم فترة طويلة حينه للقيام بمهمة إدارة الشأن النقدي.
أما العملة الفلسطينية التي نتطلع لإصدارها فسيكون اسمها الجنيه الفلسطيني وهو نفس اسم العملة التي كانت متداولة في فلسطين زمن الانتداب البريطاني.
*قلت نحن في انحسار اقتصادي لماذا لاتوظف البنوك الودائع التي لديها للاستثمار الداخلي؟
تعليمات سلطة النقد الفلسطينية واضحة للمصارف بأهمية الاستثمار في السوق المحلي، بالرغم من المعوقات التي تحد من قدرة المصارف على ذلك. وسلطة النقد من منطلق حرصها على سلامة الجهاز المصرفي تنظر للاستثمار الداخلي نظرة متوازنة بحيث تكون أموال المودعين في أمان، وفي نفس الوقت يكون للجهاز المصرفي دور فعال في عملية التنمية الاقتصادية. وهناك تطور ملموس في نسبة التوظيفات الداخلية حيث بلغت التسهيلات الائتمانية 56.0% من الودائع حتى تاريخ 30/04/2015، وبهدف مساعدة البنوك على اتخاذ قرارات ائتمانية سليمة وتوجه الاستثمار داخل فلسطين فقد انجزت سلطة النقد قاعدة بيانات الائتمان والتي تحتوي على عدة أنظمة كنظام معلومات الائتمان ونظام الشيكات المعادة ونظام الشيكات الموقوفة والمفقودة ونظام تصنيف المقترضين وقاعدة بيانات الرهن العقاري.
س- كم تبلغ حجم الودائع في البنوك الان؟
يبلغ حجم الودائع في البنوك حتى تاريخ30/04/2015، حوالي 10 مليار دولار موزعة على النحو الآتي:
- 5 مليار دولار لدى البنوك المحلية.
- 5 مليار دولار لدى البنوك الوافدة.
* بالنسبة لقطاع غزة ...هناك مشكلة مؤخرا بتجميد بنك فلسطين لحسابات جمعيات ما السبب الحقيقي وراء الموضوع؟
لقد حدث لغط كثير في وسائل الإعلام حول هذا الموضوع، وسلطة النقد لم تصدر أي تعليمات لأي بنك بإغلاق حسابات شخصية تعودلأيتام وفقراء وأصحاب احتياجات خاصة بل على العكس فإن تعليمات سلطة النقد المصدرة منذ العام 2012 بخصوص فتح حساب لكل مواطن ساهمت بشكل كبير على قيام عشرات الالآف من الفئات المهمشة والفقيرة بفتح حسابات لها لدى المصارف. بل إن كافة المصارف العاملة في قطاع غزة، وبتعليمات من سلطة النقد،ساهمت بشكل رئيسي وجوهري في التخفيف من آثار الحصار الظالم على أهلنا بالقطاع، وكان آخرها التسهيلات التي قدمتها المصارف من خلال جدولة وتأجيل أقساط القروض في القطاع، بناءعلى تعليمات سلطة النقد لمدة ستة أشهر،ما وفر سيولة إضافية للجمهور بحوالي 322 مليون دولار.
وأي إشكالية تنشأ بين أي جهة والجهاز المصرفي، يجب حلها بمسؤولية وعقلانية، بما يحافظ على استمرار العمل المصرفي في فلسطين بما تشمل قطاع غزة، وعلاقاته مع المصارف المراسلة في كافة أنحاءالعالم، ويخدم استمرار ورود الحوالات من العالم الخارجي للقطاع، واستمرارالعمليات التجارية، والاستيراد والتمويل من خلال المصارف.
ونهيب بالجميع أن يحافظ على المنجزات المصرفية الفلسطينية،وضرورة استمرار عمليات المصارف بشكل آمنو مستقر، وعلى الأخص في قطاع غزة.واضاف: انه سيتوجه خلال الايام المقبلة الى غزة في محاولة لحل المشكلة.
* لماذا القطاع الخاص لايستثمر في غزة؟
لدينا أمل كبير، أن تتغير الظروف الصعبة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة من جراء الحصار الإسرائيلي الظالم، وكذلك أن تنتهي اثار الانقسام المرير وإلى الأبد، حتى تستعيد الحياة الاقتصادية في قطاع غزة عافيتها، ويأخذ القطاع الخاص دوره بشكل أكبر في عملية التنمية، فمن خلال التجربة لن يتوانى القطاع الخاص في المساهمة ببناء الوطن والمجتمع، ولكن حجم العراقيل والتحديات كبير جدا.
*السلطة الفلسطينية اقترضت ما بين 600 مليون إلي 700 مليون دولار من بنوك فلسطينية خلال ازمة قطع اموال الضرائب—هل الاقتراض وصل الحد الاقصى؟
هذا الموضوع نراقبه ونتابعه عن كثب حفاظاً على سلامة الجهاز المصرفي، نحن في فلسطين نعيش أزمات مالية متكررة، نتيجة السياسات الإسرائيلية المتبعة وخاصة احتجاز أموال الضرائب من فترة لأخرى، وسلطة النقد والجهاز المصرفي الفلسطيني تدرك تماماً هذا الواقع وتتعامل معه بكل دقة، فمن ناحية هناك مسؤولية وطنية واجتماعية على الجهاز المصرفي، ومن ناحية أخرى هناك حرص على أموال المودعين، وهنا تكمن أهمية التعامل مع هذه المعادلة بحكمة وتوازن.
*وكم وصلت حجم الديون للبنوك على السلطة وكيف اثر على استثمارات البنوك؟
أما عن ديون السلطة الفلسطينية من البنوك فقد بلغت حوالي 1.3مليار دولار، حيث قاربت من الحد الأقصى الذي تسمح به سلطة النقد الفلسطينية.
وأود في هذا السياق أن أطمئن الجميع إلى أن نسبة تعثر القروض في الجهاز المصرفي الفلسطيني بلغت 2.6% في نهاية عام 2014، وهي الأقل في المنطقة، حيث يبلغ معدل نسبة التعثر في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 6.5%.
أما عن تأثير ديون السلطة الفلسطينية من البنوك على استثماراتها فلا يوجد تأثير سلبي على هذا الأمر لأن البنوك ملتزمة بتعليمات وتوجيهات سلطة النقد، وهي تعمل وفق المعايير الدولية، ولا تواجه مشاكل في هذا الأمر.