رام الله- الاقتصادي- انتشرت خلال الأسابيع الأخيرة عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك اعلانات ممولة من قبل المخابرات الاسرائيلية في محاولة لاستقطاب جواسيس يعملون لصالحها وبخاصة في قطاع غزة المحاصر، مستغلة احتياجات الفلسطينيين الاقتصادية والانسانية.
العمالة مقابل المال
وفي صفحة لها تحاول المخابرات الاسرائيلية تقديم مغريات لاسقاط مواطنين فلسطينيين في شباكها. وتظهر الصفحة تحت عناوين مختلفة منها "فرصة حياتك" و"ازهقت العيشة من غزة" و"بدك تربح مصاري" وغيرها.
وتقسم الصفحة التي تحاول المخابرات الاسرائيلية الترويج لها إلى عدة أقسام، تبدأ بزاوية "من نحن" ويرد فيها دون اي ذكر لمصطلح المخابرات الاسرائيلية أو جهازيه الداخلي "الشاباك والخارجي "الموساد" نحن مسؤوليتنا أمام الشعبين للحفاظ على الأمن والأمان والعيش بكرامة وحرية للجميع، هدفنا هو محاربة جميع مظاهر الارهاب والعنف والعيش في سلام ويوجد لدينا امكانيات كبيرة ومتعددة، والأهم هو العنصر البشري".
ثم تذهب الصفحة بشكل صريح للهدف المعلن من إنشائها تحت عنوان "ما المطلوب؟" وبعد تحتوي على الكثير من الإغراء "فرص الحياة كثيرة وبامكانك أن تربح الكثير من النقود" تجيب عن السؤال بشكل محدد في النقاط التالية: 1- معلومات عن نشاطات "ارهابية".2الانفاق على الحدود.3- "المخططات التخريبية".4-.مفقودون ومخطوفون.
وتحت بند حلول ومساعدت تستعرض المخابرات الاسرائيلية من خلال هذه الصفحة بعض المساعدات التي يمكن أن تقدمها مقابل التعامل معها منها: المال والاقتصاد، والتربية والتعليم، والطب والصحة، والتنسيق عبر المعابر والتجارة، وغيرها من الامكانيات.
وظائف لكل التخصصات!
وحول الوظائف المتوفرة تستعرض الصفحة بأن لديها وظائف لجميع الرتب العسكرية والأمنية بالإضافة إلى وظائف لخريجي الجامعات وفي جميع التخصصات. وفي يسار الصفحة يظهر نموذج يدعو المتصفحين لتعبئته والذي يتضمن بيانات شخصية عن المتقدم للوظيفة من الاسم الكامل، ورقم بطاقته الشخصية، وتاريخ الميلاد، ورقم الهاتف الخليوي، والبريد الالكتروني ويستفسر من المتقدم عن حاجته إن كانت تتعلق بالمساعدات المالية أو بالتجارة والعمل أو بالتعليم او الصحة أو المعابر.
أساليب مؤثرة وفاعلة
وحذر د. نشأت الاقطش استاذ الإعلام في جامعة بيرزيت والمختص في شؤون الإعلان والعلاقات العامة في لقاء مع "الاقتصادي" من التعامل مع هذه الإعلانات وبضرورة توعية الشباب بخطورتها، مقرا بأن المخابرات الاسرائيلية تلجأ إلى أساليب مؤثرة وعملية كون الفيسبوك يعتبر أداة شعبية ورخيصة وتصل إلى جميع الناس.
ويضيف" للأسف هذه الإعلانات قد تكون مجدية، لأنها تسغل احتياجات الناس، والاعلان في النهاية هو استغلال للرغبة والاحتياجات"، مشيرا إلى أن هذه الحملات الإعلانية التي تشنها المخابرات الاسرائيلية لا يمكن مواجهتها بحملة إعلانية مضادة ولكن يمكن التغلب عليها بالعمل على زيادة الوعي الوطني والثقافي من جهة، ومن خلال تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطنين".
ويتساءل"ما الذي قدمته السلطة الوطنية من أجل مواجهة هذه الحملة؟"، داعيا السلطة إلى الإجابة على هذا السؤال بخطوات عملية على الأرض لمعالجة مشكلتي البطالة والفقر".
وحول تركيز الإعلان على قطاع غزة، يقول د. الاقطش" احتياجات الناس في قطاع غزة مرتفعة بفعل الحصار وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة، والاحتلال يحاول استغلال ذلك، فكلما زاد الاحتياج كانت فرصة نجاح الحملة الإعلانية اعلى وأكثر تأثيرا".
استخدام كبير للفيسبوك في فلسطين
وتشير احصائيات نشرت مؤخرا مؤخرا إلى أن استخدام الفلسطينيين لمواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك في ارتفاع مستمر، إذ وصل عدد المستخدمين للفيسبوك في الضفة وغزة مؤخرا إلى نحو 1.7 مليون مستخدم.
ويقول د. الاقطش إن الأخطر في موضوع الحملة الاعلانية المستخدمة من قبل المخابرات الاسرائيلية هو استهداف فئة الشباب الأعلى استخداما اصلا لموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، مشيرا إلى أن 80% من الشباب الفلسطيني هم مسنخدمون للفيسوك فيما أن 65% من الشباب يعتمدون على الفيسبوك كمصدر أساسي في الأخبار والمعلومات.
العامل الاقتصادي مدخل للتجنيد
من جهته، يؤكد د. عماد اشتية عميد كلية التنمية الاجتماعية والاسرية في جامعة القدس المفتوحة أن العامل الاقتصادي هو المدخل الأساس في عملية تجنيد العملاء سواء من قبل المخابرات الاسرائيلية أو من قبل اية مخابرات في العالم.
ويقول إن الاحتلال الاسرائيلي يحاول استغلال حاجة المواطنين الاساسية للضغط عليهم بهدف تجنيد عملاء بشتى الوسائل، مشيرا إلى أن الاساليب الجديدة في التجنيد تتشابه في اهدافها مع الأساليب القديمة من حيث جمع أكبر قدر من المعلومات لوضع اسراتيجية لمواجهة الشعب الفلسطيني، لكنها تختلف حديثا مع التطورات التكنولوجية إذ كان الأسلوب الوجاهي في السابق هو السائد، لكن المخابرات اليوم تستغل وسائل التكنولوجيا الحديثة من أجل الدخول إلى كل بيت فلسطيني.
مناعة اجتماعية ضعيفة
ويضيف د. اشتية أن هذه الظاهرة خطيرة إلى أبعد حدود لأن المخابرات الاسرائيلية تستغل مناعة الشباب الاجتماعية الضعيفة من أجل تجنيد أكبر عدد منهم للعمل معهم جواسيس، قائلا" للاسف المناعة الاجتماعية ضعيفة في مواجهة قوة الحاجة".
وكان المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية نشر مؤخرا استطلاعا للرأي اشار فيه إلى أن نصف سكان غزة يفكرون بالهجرة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة فيما يفكر نحو ربع سكان الضفة بالهجرة.
وتبلغ نسبة البطالة في الضفة وغزة حسب الجهاز المركزي للاحصاء نحو 27% مع نهاية العام الماضي، فيما بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة وحده نحو 44%.
وصمة عار إلى الأبد
وحذر د. اشتية من الوقوع في شرك العمالة كونه يقضي على صاحبه بل على أسرته وربما حمولته بالحاق وصمة عار به تلاحقه طوال حياته، بالإضافة إلى خسارته اي فرصة للتشغيل في المجتمع الفلسطيني وتؤدي به الى خسارة كافة علاقاته الاجتماعية.
المطلوب إعداد استراتيجية وطنية شاملة
وأكد د. اشتية ضرورة بناء استراتيجية شاملة تشارك فيها كافة المؤسسات المجتمعية بدءا من الأسرة، ومرورا بالمدرسة والجامعة والنادي والمسجد والحزب السياسي، وانتهاء بالمؤسسات الحكومية والأهلية لمواجهة المساعي الاسرائيلية لاسقاط شبابنا في مستنقع العمالة.
وأضاف" من المهم أن يدرك الجميع وبخاصة شبابنا أن مواقع التواصل الاجتماعي مهمة للتواصل مع العالم، لكنها في ذات الوقت تحتوي على وسائل خطيرة يجب التنبه لها".