ذي ماركر
في ايلول الماضي بشرت وزارة المالية بأنه بعد ثلاث سنوات من المفاوضات، توصلت اسرائيل والسلطة الفلسطينية الى تسوية بشأن الدين الذي راكمته السلطة وشركة الكهرباء في شرقي القدس لشركة الكهرباء، وبلغ 2.2 مليار شيكل.
وأبلغت المالية في حينه عن دفع 570 مليون شيكل، ستنقله السلطة الفلسطينية الى شركة الكهرباء بشكل فوري. أما باقي الدين، حسب التقرير، فسيجدول على 48 دفعة شهرية.
ومن تفاصيل جدولة الديون التي وصلت الى "ذي ماركر" يتبين ان المالية امتنعت في حينه عن القول انه في إطار تسوية الحل الوسط، وافقت اسرائيل على شطب 560 مليون شيكل من الدين – وعندها تشارك بنفسها في التسديدات بمبلغ آخر بمقدار 160 مليون شيكل. وذلك، في إطار صفقة تدويرية يقتطع في سياقها المبلغ من ميزانية مداخيل الدولة، ويدفع الى السلطة الفلسطينية، كي تنقل هذه المبلغ بدورها الى صندوق شركة الكهرباء.
والى جانب شطب بمعدل نحو 30 في المئة من الدين، يتبين ان تسديد الدين الأساس على الفلسطينيين لشركة الكهرباء – باجمالي نحو 800 مليون شيكل – لم يتفق بعد عليه نهائيا، وينتظر التوقيع على اتفاق تجاري، من المتوقع ان يتم في الشهرين القريبين.
120 ميغاواط لغزة
ويتضمن شطب الدين الفلسطيني لشركة الكهرباء تنازلا عن فائدة التأخير، التي سبق أن سجلت في سجلات شركة الكهرباء بمبلغ 173 مليون شيكل، وكذا تنازلا عن نصف الفائدة التي لم تسجل في السجلات بعد بمبلغ 118 مليون شيكل.
كما يتضمن التنازل 158 مليون شيكل، جبيت حسب رأي الفلسطينيين من شركة الكهرباء المقدسية في اعوام 2005 – 2012. كما أن اسرائيل تنازلت عن 112 مليون شيكل أخرى جبيت على الدعم الحكومي للتخفيضات للمستحقين ("التعرفة الاجتماعية") – رغم أن الزبائن الفلسطينيين لم يستفيدوا منه، ولكن هذا مشمول في التعرفة التي فرضتها شركة الكهرباء.
المساعدة الإضافية، بمبلغ 160 مليون شيكل، ستقتطعها اسرائيل من العمولة السنوية التي تجبيها لقاء معالجة أموال الضرائب الفلسطينية (3 في المئة على نحو 7 مليار شيكل في السنة).
وينقل هذا المبلغ في نبضتين، في 2017 – 2018 بعد أن يرتب الاتفاق التجاري بين الطرفين. في اطار هذا الاتفاق سيرتب تسديد 796 مليون شيكل في 48 دفعة شهرية.
الشيك الأول الذي حررته السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء في تشرين الثاني الماضي، بمبلغ 572 مليون شيكل، غطته من خلال أموال حررتها لها اسرائيل قبل اسبوع من ذلك، بمبلغ 1.14 مليار شيكل.
ويدور الحديث عن حسومات التأمين الوطني والصحي من أجور العمال الفلسطينيين في اسرائيل (رسوم المساواة والطابع الصحي)، التي كانت اسرائيل أخرتها على مدى فترة.
كما أنه، في إطار تسوية الديون تعهدت الدول المانحة للسلطة الفلسطينية بالمشاركة هي ايضا في التسديد، بمبلغ 100 مليون شيكل. ومع ذلك، فهي لم تحول المال بعد.
وبالمناسبة، في إطار التسوية في ايلول تمت جدولة الدفعات لقاء الكهرباء التي تزود لقطاع غزة. وحسب الاتفاق المبدئي بين الاطراف سيبقى على حاله الوضع الراهن، الذي بموجبه يدفع الفلسطينيون لاسرائيل لقاء توريد 120 ميغاواط من الاستهلاك في السنة.
الدين ازداد بـ 90 مليون شيكل في شهر
صيغة الحل الوسط بين المالية والسلطة الفلسطينية وشركة كهرباء شرقي القدس، تتضمن ليس فقط حلا لمشكلة الدين – بل وايضا ترتب إدارة اقتصاد الطاقة في الجانب الفلسطيني، بجوانبها التشغيلية والتجارية.
وضمن امور اخرى اتفق على اقامة هيئة تشتري الكهرباء من اسرائيل بشكل حصري وتتحمل المسؤولية عن الدفع لشركة الكهرباء. وذلك بعد "تطهير" السوق المحلية من ظواهر مثل سماسرة الكهرباء.
شركة الكهرباء تبيع كل سنة للفلسطينيين نحو 5 مليار كيلو واط في الساعة نحو 10 في المئة من انتاج الكهرباء لديها. مليار كيلو واط تورد الى قطاع غزة، فيما يقتطع الدفع عليها من استردادات الضريبة التي تحول للفلسطينيين. باقي الكهرباء يورد لشركة كهرباء شرقي القدس أو مباشرة لمنشآت السلطة الفلسطينية في مدن يهودا والسامرة.
على مدى السنين تضخم دين الفلسطينيين لشركة الكهرباء عقب سوء جباية في أوساط زبائنهم. وشرحت مصادر في اسرائيل في الماضي بان الفلسطينيين اعتادوا على مدى السنين على عدم الدفع لقاء الكهرباء – سواء لاسباب ايديولوجية أم استنادا الى تبرعات الدول الاجنبية.
اضافة الى ذلك يعاني اقتصاد الكهرباء الفلسطيني من ظاهرة سائدة تتمثل بسرقة الكهرباء أو السمسرة عليها.
لقد تدهورت أخلاقيات الدفع في السنوات الاخيرة بعد أن عرض رئيس الوزراء السابق في السلطة سلام فياض في بداية العقد خطة للعفو عن ديون الماضي.
فقد اقترح فياض على المستهلكين البدء بالدفع لقاء استهلاك الكهرباء شطب ديون الماضي. في اعقاب هذا الاقتراح قلت أكثر فأكثر الدفعات في أوساط البلدات الفلسطينية. وهكذا بدأ الدين الفلسطينية لشركة الكهرباء يتضخم بوتيرة متسارعة. ويقدر الدين اليوم بـ 90 مليون شيكل كل شهر.