وكالات - الاقتصادي - إلى جانب طعمه اللذيذ، يُعتبر العسل من الأغذية الفريدة القليلة التي لا تفسد تقريبًا! إذ يبقى صالحًا للأكل مهما اختلفت مدة تخزينه طالما أنه محفوظ بطريقة صحيحة.
يحتوي العسل على خصائص فريدة جلعت منه دواء وعلاج لأمراض مختلفة منها أمراض مزمنة. فله خصائص قوية في علاج الجروح المفتوحة والحروق وأمراض الجهاز التنفسي والهضمي.
كما أن قدامى الحضارات الإنسانية العريقة عرفوا فوائد العسل واستعملوه في أشياء استثنائية! إذ يُذكر أن البابليين اعتادوا دفن موتاهم بالعسل، والإسكندر الأكبر تم تحنيطه في تابوت مصنوعه بأكمله من العسل!
كما تم اكتشاف أن أقدم عسل على الإطلاق وُجد في جورجيا، ويعود تاريخه إلى أكثر من 5000 سنة! لكن لنفترض أنك وجدت عسلًا يعود تاريخه إلى آلاف السنين، هل تأكله ؟
يعلم الجميع أن العسل أصله سكر، ومؤكد أنك سمعت عن فوائد استبدال السكريات الصناعية بالعسل لتحلية المشروبات والأطعمة المختلفة، والتي ثبت أن هذه النصيحة ليست دائمًا صحية للجسم كون العسل يحتوي على مقدار لا بأس به من السكر ويفوق أحيانًا بعض المحليات الصناعية.
وعلى الرغم أن حبيبات السكر الأبيض تختلف عن عسل النحل، لكنه يبقى في النهاية سكر. ومن خصائص السكر أنه مركب استرطابي، أي أنه لا يحتوي على الكثير من الرطوبة والمياه في الحالة الطبيعية. ما يعني أن عدد قليل جدًا من البكتيريا والكائنات الدقيقة قادرة على العيش في هذه البيئة منخفضة الرطوبة.
وحقيقة أن عسل النحل مركَّب قليل الرطوبة، فإن فرص بقاء الكائنات الدقيقة فيه والعيش فيه قليلة للغاية بل نادرة، وإن حصل ذلك، فإنها غالبًا سرعان ما تموت لحاجتها للرطوبة، وذلك وفق تحليل “أمينة هاريس”، المديرة التنفيذية لمركز العسل والتلقيح في معهد روبرت موندافي في جامعة كاليفورنيا.
من هنا كان عسل النحل غذاءً لا يفسد. سببٌ آخر يجعله طعام صالح للأبد، يتعلق بحموضة العسل. فدرجة حموضة عسل النحل تتراوح ما بين 3 – 4.5 (على وجه التحديد 3.26 – 4.48). وهي درجة شديدة الحموضة تقتل معظم الكائنات الدقيقة يُحاول العيش في هذه البيئة تقريبًا!
للنحل أسلوب خاص في تجفيف الرحيق عبر رفرفة الجناحين بسرعة. كما أن طريقة النحل في نقل الرحيق إلى الخلية عبر تخزينه في بطونها ثم استرجاعه مجددًا. ففي بطن النحل، يتم إضافة إنزيم “جلوكوز أوكسيديز” إلى الرحيق الذي يُخرج من البطن عبر تقيُّئه.
هذا الإنزيم مع الرحيق المُتكسِّر يُنتج حمض الجلوكونيك وبيروكسيد الهيدروجين. ويعمل بيروكسيد الهيدروجين على قتل أي كائن دقيق يُحاول العيش في عسل النحل. ما يعني أن التركيب الكيميائي والإنزيمي للعسل تمنع أي كائن حي من إفساده والعيش فيه.
من السهل أن يفسد العسل إن تم تخزينه بطريقة خاطئة. فمعنى أنه مركب استرطابي، أي أنه قادر على امتصاص الرطوبة في الحالة الطبيعية إن وُجدت حوله.
بالتالي، يجب إحكام إغلاق عبوات العسل جيدًا لمنع وصول الماء إليه، وتخزينه في مكان جاف.
أحيانًا يُلاحظ تشكل بلورات سكر على سطح مرطبان العسل، هذا لا يعني أنه لم يعد صالحًا للأكل أو أنه فسد، إنما بعض الأخطاء في التعبئية خلال تصفية العسل تؤدي إلى بقاء بعض الجزيئات التي تُسبب التبلور على سطحه عند تخزينه لفترات طويلة.
ولكي تتجنب هذه العملية، يُنصح بعدم حفظ عسل النحل في الثلاجة. ففي درجات حرارة معتدلة مرتفعة، يُقاوم العسل البلورة بشكلٍ أفضل، لكنه يتبلور أسرع في الحرارة المنخفضة.
صحيحٌ أن عسل النحل لا يفسد، لكن لا يعني ذلك أنه لا يحتوي على جراثيم مثل “كلوستريديوم لوتولينوم”. هذا النوع لا يُعتبر ضارًا للبالغين والأطفال أكبر من سنة واحدة.
لذلك، يُنصح أن لا يُعطى الأطفال دون السنة عسل النحل حتى لا يكونوا عرضة للتسمم لهذه الجرثومة.
إذًا، هل يمكنك تناول عسل مخزَّن منذ 5000 سنة؟ الإجابة: نعم! طالما أنه مخزَّن بطريقة صحيحة وبعيد عن الرطوبة