وكالات - الاقتصادي - هل تصدق أن الدول والحكومات مازالت مدينة بقروض لم تسدد حتى الآن، إنها الالتزامات المالية للحروب السابقة، أو تعويضات الضحايا وفوائد القروض، هناك دول لا تزال تدفع ديوناً يعود أصلها لتاريخ قديم.
في هذا التقرير نستعرض 6 قصص لديون قديمة لا تزال بعض الدول تُسددها حتى الآن.
في عام 2014 أعلنت الحكومة البريطانية عن خطتها لسداد جزء كبير من ديونها جراء مشاركتها في الحرب العالمية الأولى، وكانت الحكومة وقتها تجمع الأموال لتمويل الحملة العسكرية.
وقالت الحكومة إنها ستكون مضطرة إلى دفع فوائد بقيمة 1.26 مليار جنيه إسترليني على هذه الفترة منذ عام 1917.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ونيستون تشرشل عام 1927 قد أصدر سندات بنسبة 4% وكان وقتها وزيراً للخزانة، بهدف سداد هذه الديون، وطرح سندات أخرى بنسبة 5%، مما رفع الدين على الحكومة البريطانية طوال هذه المدة لأكثر من 13 مليار جنيه إسترليني.
وقالت الحكومة إنها ستدفع 218 مليوناً كجزء من هذه الديون.
انتهت الحرب الأهلية الأميركية رسمياً عام 1865، لكن هناك امرأة أميركية لا تزال تحصل منذ قرن ونصف القرن على معاش حكومي، كتعويض عن خدمة والدها في جيش الاتحاد. إنها إيرين تريبليت، ابنة موس تربيليت المزارع من ولاية كارولينا الشمالية، الذي دخل الحرب كجندي في جيش "الكونفدراليين الانفصاليين"، وانضم بعد ذلك إلى جيش اتحاد الولايات المتحدة الأميركية.
ونجا موس من الحرب، وتزوج بعد ذلك من امرأة تصغره بخمسين عاماً، وأنجب إيرين عام 1930، وتوفي بعدها ببضع سنوات.
تعيش إيرين الآن في دار لرعاية المسنين في ولاية كارولينا الشمالية، وتحصل على معاش حكومي يقدر بـ73 دولاراً كل شهر، وهي آخر شخص حي يحصل على هذا المعاش، لكنها ليست الوحيدة التي تحصل على معاشات في الحروب القديمة، حيث ذكرت تقارير أن عشرات الأشخاص يحصلون على تعويضات الحرب الأميركية الإسبانية عام 1898.
أنهت معاهدة فرساي الحرب العالمية الأولى رسمياً عام 1919، لكنها كانت بداية ألمانيا في رحلة دفع تعويضات بأرقام خيالية كجزء من تعويضات الحرب.
واعتُبرت ألمانيا مسؤولة عن الصراع، وأُمرت بدفع تعويضات للحلفاء تقدر بـ132 مارك ذهبياً، وهو ما يعادل 400 مليار دولار في الوقت الحالي.
اضطر الألمان لطباعة النقود لمواكبة المدفوعات، وعجزوا عن السداد لفترة، حتى اقترحت الولايات المتحدة برنامجاً بسندات لجمع أموال الدين.
بقيت السندات لفترة، حتى وصل هتلر إلى الحكم، وامتنع عن الدفع في مطلع الثلاثينات، وفي خمسينيات القرن الماضي ظلت ألمانيا الغربية تفي بالتزاماتها تجاه السندات، وحتى بعد إعادة توحيد ألمانيا، ودفعت آخر قسط يقدر بـ94 مليون دولار عام 2010.
هو واحد من أقدم الديون، يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، ولا تزال فوائده تُسدد حتى الآن، من قبل هيئة المياه الهولندية "بوفندام" المسؤولة عن صيانة السدود والأنهار في القرن السابع عشر.
في عام 1624 طُرحت مجموعة من السندات لجمع الأموال لصيانة أحد السدود، وفي عام 2003 خصصت جامعة "بيل" نحو 25 ألف دولار لشراء السندات، التي كانت مكتوبة على جلد ماعز تعود لتلك الفترة، وتبلغ قيمتها الحقيقية ألف جليدر هولندي أي ما يعادل الآن 500 دولار.
واشترت الجامعة هذه السندات لأنها ليس لها تاريخ استحقاق محدد، وما زالت تُدرّ فوائدَ حتى الآن.
وفي عام 1791 بدأ العبيد الأفارقة في جزيرة "سان دومينغ" ثورة دامية ضد مستعمريهم الفرنسيين، ونجحت في نهايتها عام 1804 بتأسيس دولة هايتي التي تُعد البلد الوحيد الذي استقلّ بعد ثورة العبيد فيه.
ورفضت الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا الاعتراف بدولة هايتي، وأرسلت فرنسا أسطولاً بحرياً يهدد المستعمرات، وفرض الحصار.
وبعد مفاوضات بين فرنسا وحكومة هايتي، وافقت هذه الأخيرة على دفع 90 مليون فرنك من الذهب لتغطية الخسائر في ممتلكات المستعمرين ومالكي العبيد الفرنسيين.
وكان المبلغ حينها ضخماً حتى إنه يوازي خمسة أضعاف الدخل السنوي للبلاد، ولم يتمكنوا من دفعه حتى 1947 بعد 120 عاماً من فرضه. ووفقاً لبعض الاقتصاديين فإن المبلغ يساوي الآن 20 مليار دولار.
منذ ما يقرب من 280 عاماً، ظلت الحكومة الفرنسية تدفع ديناً غير عادي من ميزانيتها العمومية، كان عبارة عن راتب سنوي مدى الحياة لأسرة محامٍ عاش في القرن الثامن عشر.
وتعود أصول القصة إلى عام 1738، عندما قام رجل يدعى كلود لينت بالعمل بمثابة مستشار مالي لأسرة دوق فرنسي وأولاده، وكتعويض عن خدماته أقنع كلود الدوق بدفع راتب سنوي -ألف فرنك فرنسي- مدى الحياة، وأن يظل الراتب سارياً حتى وفاة آخر عضو من عائلة لينت.
نجت أسرة لينت من كل المتغيرات التي حدثت في فرنسا؛ الثورة الفرنسية وصعود وسقوط نابليون والحربين العالميتين، ونجا معها الراتب السنوي.
وفي عام 2009 اكتشف خبير الاقتصاد فرنسوا فيلدي قصة عائلة لينت، وحاولت الحكومة تقديم عروض شراء الأقساط، إلا أنها قوبلت بالرفض من أحفاد لينت، فيما لا يزال الراتب يُدفع حتى الآن، وبعد هذه المدة الكبيرة، انخفضت قيمته إلى ما يساوي دولار وربع فقط سنوياً.