وكالات - الاقتصادي - يستخدم أكثر من 3.5 مليار شخص حول العالم، الإنترنت كل يوم، ويتزايد العدد بمعدل 10 أشخاص في كل ثانية، بعد أن كانت نسبة المستخدمين في العام 1995 أقل من 1%.
ومع هذه الزيادة المذهلة في الثانية الواحدة، فإن انقطاع الإنترنت لبضع ساعات يعد أمرا لا يمكن تصوره بالنسبة للكثيرين.
فما الذي قد يحدث إن توقف الإنترنت عن العمل ليوم كامل؟ .
تقول دراسة أميركية إن خُمس الأمريكيين قالوا إنهم يستخدمون الإنترنت باستمرار تقريباً، بينما قال 73% منهم إنهم يستخدمونه يومياً.
وتشير الدراسة الصادرة عن مركز بيو الاميركي للأبحاث إلى أن الأرقام مشابهة في المملكة المتحدة إذ تقول دراسة إحصائية عام 2016 إن قرابة 90% من البالغين قالوا إنهم استخدموا الإنترنت خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وتخلص الدراسة إلى أنه وبالنسبة للكثيرين، أصبح الآن من المستحيل تصور الحياة دون الإنترنت.
مؤلف كتاب المجتمع والإنترنت ويليام دوتون من جامعة ولاية ميشيغان يقول إن إحدى أكبر المشاكل مع شبكة الإنترنت اليوم هي أن الناس يعتبرونها من المسلمات، بيد أنهم لا يفهمون الدرجة التي سمحنا لها بالتغلغل في كل جانب من جوانب حياتنا تقريباً.
ويضيف: هم لا يفكرون حتى في عدم التمكن من الوصول إليه.
طرق محتملة لانقطاع الإنترنت
يعتبر الإنترنت ليس مصونا؛ فمن الناحية النظرية يمكن وقفه على نطاق محلي أو عالمي لفترة من الزمن عبر الهجمات الإلكترونية، إذ يمكن أن يوقف القراصنة الإنترنت من خلال إطلاق برامج تستهدف بقوة نقاط الضعف في الأجهزة الموزعة للإنترنت، أو إغلاق خوادم نطاقات الإنترنت؛ ما يسبب اضطراباً هائلاً من خلال منع بعض المواقع من التحميل على سبيل المثال.
كما أن احتمال قطع الكوابل الموجودة في أعماق البحار والتي تحمل كميات هائلة من حركة الإنترنت بين القارات يمكنه أن يسبب اضطرابات كبيرة من خلال قطع اتصال جزء من العالم عن آخر.
وقد لا تكون هذه الكابلات أهدافاً سهلة للمهاجمين لكنها تتعرض للضرر أحياناً عن طريق الخطأ.
في عام 2008، عانى سكان الشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا من انقطاعات رئيسة للإنترنت في ثلاث مناسبات منفصلة عندما قُطعت الكابلات البحرية أو تعرضت للعطب.
فيما تملك بعض الحكومات مفتاح إنهاء باستطاعته وقف وصول الإنترنت إلى بلادها بفعالية.
قامت مصر بهذا خلال الربيع العربي عام 2011 لجعل تنسيق المحتجين لأنشطتهم أكثر صعوبة، كما أوقفت تركيا وإيران -أيضاً- الاتصال بشبكة الإنترنت خلال الاحتجاجات، ويشاع أن الصين لديها مفتاح إنهاء أيضاً.
وكان أعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي اقترحوا صنع شبيه لذلك المفتاح في الولايات المتحدة كوسيلة للدفاع عن البلاد من أي هجوم إلكتروني.
بيد أن إنشاء مفتاح إنهاء ليس سهلاً، وكلما كانت الدولة أكبر وأكثر تطوراً كان إغلاق الإنترنت كلياً أصعب؛ والسبب ببساطة هو وجود عدد هائل من نقاط الاتصال للإنترنت داخل وخارج حدود الدولة.
إلى ذلك يمكن أن تأتي أكثر الضربات فتكاً من الفضاء؛ فإن عاصفة شمسية كبيرة باستطاعتها أن ترسل ألسنتها نحونا وتدمير الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء وأنظمة الحاسوب.
يقول عالم الأعصاب ديفيد إيغلمان من جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب لماذا يهم الإنترنت إن ما لا تستطيع القنابل ولا الإرهابيون القيام به يمكن أن يتم خلال لحظات من التوهج الشمسي، ستأتي العواصف المغناطيسية الأرضية الكبرى لا محالة.
غير أن معظم الانقطاعات لن تدوم طويلاً، وفقا لسكوت بورج من منظمة Cyber Consequences Unit إذ يقول إن هناك جيشا من الناس المستعدين لتصليح الأمور. يملك مزودو خدمة الإنترنت والشركات التي تصنع الراوترات خططا وموظفين مخصصين لإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية وتشغيلها مرة أخرى إن تم استغلال نقاط ضعف غير متوقعة.
إلا أن اعتيادنا على امتلاك قدرة دائمة على الاتصال بالإنترنت وصل لدرجة أن انقطاعات لفترات قصيرة نسبياً ستُرتب آثاراً غير متوقعة.
أثر انقطاع الإنترنت على الاقتصاد
في عام 2008 طلبت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية من سكوت بورج بحث ما قد يحدث إن توقف الإنترنت.
وحلل بورج وزملاؤه الآثار الاقتصادية المترتبة على انقطاع الإنترنت وتوقف أجهزة الحاسوب في الولايات المتحدة منذ بدء الألفية الجديدة.
وبالنظر إلى التقارير الربعية من 20 شركة تدعي تعرضها لأكبر ضرر في كل حالة على حدة، إضافةً إلى إحصائيات اقتصادية أكثر شمولاً، اكتشفوا أن الأثر المالي للانقطاع كان ضئيلاً بشكل مدهش، وعلى الأقل بالنسبة لانقطاعات لم تدم أكثر من 4 أيام وهي المدة التي درسوها فقط.
يُعلّق بورج على النتيجة قائلاً :كانت هذه حالات ادعت الشركات أنها ستعاني من خسائر فادحة من الانقطاع تصل إلى مئات الملايين وحتى المليارات من الدولارات، لكن في حين عانت بعض القطاعات مثل الفنادق وشركات الطيران قليلاً، إلا أنها لم تواجه خسائر كبيرة للغاية.