أثر غياب الجنية الفلسطيني على الاقتصاد الوطني
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.25(%)   AIG: 0.19(0.00%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.29(0.00%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.34(0.75%)   AZIZA: 2.47(2.37%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.50(0.00%)   BPC: 3.90(0.26%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.12(%)   ISBK: 1.30(%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.78(3.78%)   JPH: 3.70( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.71(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.67(0.00%)   NIC: 2.93(0.34%)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.76(1.33%)   PADICO: 1.02(0.97%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.20(0.00%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.08( %)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.93( %)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.14( %)   RSR: 4.51( %)   SAFABANK: 0.72(4.35%)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.24(0.80%)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 3.00( %)   UCI: 0.43(0.00%)   VOIC: 7.12( %)   WASSEL: 1.07( %)  
12:00 صباحاً 03 حزيران 2015

أثر غياب الجنية الفلسطيني على الاقتصاد الوطني

د. فريد المحاريق

 

الجنيه الفلسطيني كان عملة صدرت عن مجلس فلسطين للنقد التي كانت تابعة لوزارة المستعمرات البريطانية. كان الجنيه الفلسطيني العملة الرسمية الشرعية في مناطق الانتداب البريطاني على فلسطين وإمارة شرق الأردن ما بين عامي 1927-1948، وكان يقسم إلى 1000 مل.

وهنا حتى نستطيع أن نفهم الأضرار الناتجة عن غياب الجنية الفلسطيني بالاقتصاد الفلسطيني يجب أن نضع بعض التساؤلات... هل كان الجنية الفلسطيني لو وجد ليخفف العبء الاقتصادي الفلسطيني؟ هل له دور في تنمية الاقتصاد الفلسطيني ؟ دور اتفاقية باريس من الجنية الفلسطيني؟ أسباب عدم انشاء وطبع الجنية الفلسطيني؟ ماذا تستفيد اسرائيل من غياب الجنية الفلسطيني؟ هل تمتلك السلطة الفلسطينية مقومات اصدار الجنية الفلسطيني ؟

ان عدم وجود الجنية الفلسطيني منح اسرائيل اوراق ضغط كبيرة على الاقتصاد الفلسطيني واحكم التبعية الاقتصادية الفلسطينية إلى الاقتصاد الاسرائيلي, ففي هذه الأيام يعاني قطاع غزة من قلة ( الفكة) من الشيقل, وفي السابق من ايام الانقسام الفلسطيني ايضا استغلت اسرائيل الانقسام بعدم ضخ الشيقل الى قطاع غزة ما اجبر الحكومة في قطاع غزة الى صرف رواتب الموظفين بالدولار وكان هذا احد اسباب تقلص السلع التجارية داخل القطاع .

كما استغلت اسرائيل عدم وجود عملة وطنية فلسطينية (الجنية الفلسطيني) بالتأثير على الاقتصاد الفلسطيني من خلال سياسة تكديس الشيقل في فلسطين, اي أن عملية تكديس الشيقل داخل البنوك الفلسطينية يضعنا أمام أمرين احلاهما مر، اما انه سيؤدي إلى إضعاف القدرة الشرائية لدى المواطن الفلسطيني، وذلك من خلال قيام التجار والصناعات الفلسطينية باستيراد كثير من المواد التجارية والمواد الخام للصناعة الفلسطينية, بالعملة الاجنبية أي بالدولار او الدينار الاردني, وبالتالي سيؤدي هذا الى تقليل نسبة النقد الاجنبي الفلسطيني من الدينار و الدولار، وسيقلل من قيمة الشيقل الاسرائيلي داخل الاراضي الفلسطينية بسبب تكديس الشيقل في البنوك الفلسطينية, او انه سيدفع كثير من التجار او الصناعات الفلسطينية بالتوجه ناحية السوق الاسرائيلي أي يمنع التجار من الاختيار بتنوع الاأسواق. وهذا سيساعد الاقتصاد الاسرائيلي بالحصول اكثر على النقد الاجنبي وتقليله داخل البنوك والمؤسسات الفلسطينية, كما ان فرق مستوى المعيشة كبير بين فلسطين واسرائيل، وبهذه العملية سيؤثر على جيب المواطن الفلسطيني من ارتفاع الاسعار وزيادة في التضخم وعدم القدرة الشرائية لدى الطبقة المتوسطة من المواطنين.

دور النقود في الاقتصاد الحديث

لا شك أن الاقتصاد الحديث لا غنى له عن النقود، ولا عن المؤسسات النقدية كالبنوك، فبدون هذه وتلك لابد وأن يصل النشاط الاقتصادي – والذى يلخصه التدفق الدائري للدخل – إلى حالة من الركود. وبناء عليه، فإن تنظيم الكمية المعروضة من النقود في الاقتصاد القومي والسيطرة عليها، وكذلك تنظيم عمل المؤسسات النقدية، هي شروط أساسية وضرورية، للتحكم في اتجاهات وإنجازات النشاط الاقتصادي ولتوجيهه من خلال السيطرة على العوامل الأساسية التي تحكم تغيراته, وفي الاقتصاد الحديث، نجد أن العملة، وإن كانت هي الوسيلة المألوفة أكثر من غيرها، إلا أن هناك العديد من التساؤلات التي يمكن أن تثار بشأنها. فعلى سبيل المثال: من ينظم مقدار ما يتوفر – وما يتم تبادله – في المجتمع من عملة؟ وكيف يتم ذلك؟ ففي فلسطين لا وجود للجنية الفلسطيني وأن تدبير العملة الموجودة في فلسطين تدار عن طريق سلطة النقد وهو بمثابة البنك المركزي، والذي يفتقر الى وجود العملة الوطنية ولا يتمتع بصلاحيات البنك المركزي، بالإضافة إلى ضعف تأثيره على البنوك الفلسطينية كما تبين لنا في ظل الأزمة المالية في فلسطين خلال حجز عائدات الضرائب، فقد طلبت سلطة النقد آنذاك من البنوك خصم 60% من مستحقات القروض على المواطنين لتعديل التوازن الاقتصادي في ظل الأزمة المالية، الا أن البنوك لم تمتثل لهذا القرار، واقتطعت البنوك كامل مستحقاتها من القروض ما ادآ الى ايجاد عجز لدى المواطنين من القدرة الشرائية داخل الاسواق الفلسطينية،  وهذا بسبب عدم استطاعة سلطة النقد المحافظة على أهم اسباب نشأتها، وهي المحافظة على مستوى أمثل من السيولة المحلية يتلاءم مع متطلبات النشاط الاقتصادي، والمحافظة على معدل تضخم مقبول ومستقر، وأن التضخم في فلسطين يعتبر الجزء الاكبر منة هو تضخم مستورد وذلك من خلال ممارسات اسرائيل ضد الاقتصاد الفلسطيني كما ذكرنا بالسابق.

ان غياب الجنية الفلسطيني يفقد سلطة النقد سلطة كبيرة لتخفيض نسبة التضخم الاقتصادي في فلسطين, وهناك قاعدة اقتصادية عامة تظهر حجم قوة الاقتصاد وهي (أن ارتفاع قيمة العملة علامة على قوة اقتصادها)، ولكن قد تستغل بعض الدول هذه القاعدة بنظرية عكسية وهي ان هناك خفضا للعملة اسمة خفض استراتيجي، وهو أن تعمد الدولة صاحبة العملة إلى ترك قيمتها تنزل إلى حد مدروس، ويكون هذا النزول مفيداً لاقتصادها، ومثال على ذلك في فترة من الفترات الدولار الأميركي حين أراد الأمريكان تنشيط التصدير، فتركوا الدولار ينزل دون أن يدعموه مقابل اليورو فكان نتيجة ذلك أن انصرف كثير من التجار إلى الاستيراد من أميركا، وفضلوا شراء منتجاتها على الشراء من دول اليورو التي كانت قيمة عملتها في تصاعد أمام عملات دولهم. لكن هذا الأسلوب محكوم بالسياسة الاقتصادية العليا للدول، ولا يستخدم دائماً، فالعملات في الأغلب الأعم تستجيب لظروف السوق من ارتفاع وانخفاض، و هذا النوع من النظريات تفتقد له فلسطين كونه لا وجود للجنية الفلسطيني، وبالتالي فقط تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الاسرائيلي وتحمل اعباء الفوارق بين الاقتصادين, كما أن اسرائيل في حال اتخاذ أي خطوة تتعلق بسياسة النقد فهي تنظر فقط الى مصلحة الاقتصاد الاسرائيلي على حساب الاقتصاد الفلسطيني.

وهناك ايضا نظرية اقتصادية تستغلها البنوك المركزية من أجل تخفيف التضخم داخل اقتصاداتها وهذا ايضا لا يمكن تطبيقه في فلسطين، والسبب هو غياب الجنية الفلسطيني حيث تقوم البنوك المركزية ببيع الأوراق المالية الحكومية للبنوك والأفراد, وبذلك تزداد ديون البنوك التجارية قبل البنك المركزي ويقل رصيدها لدى هذا الأخير على خلق الائتمان, فيقل خلق النقود, فينخفض عرض هذه الأخيرة وبالتالي يميل مستوى الأسعار أو معدل التضخم إلى الانخفاض.

وبالرغم من أن اتفاقية باريس الاقتصادية التي اعطت الحق لإصدار عملة فلسطينية, الا ان الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بتمرير مثل هذا القرار لأن الاقتصاد الفلسطيني  يعتمد بشكل أساسي على البضائع الإسرائيلية، حيث إن الاحتلال لن يتعامل مع هذه العملة ولن يسمح بإصدارها, كما  لن يسمح لهذه العملة بأن تكون قوية أمام العملات العالمية, رغم امتلاك السلطة الفلسطينية جهازا مصرفيا قويا، وسلطة نقد أساس للبنك المركزي, ولكن مثل هذا القرار يحتاج إلى استقلال الدولة والاقتصاد وهذا غير متوفر حتى الآن لدى السلطة الفلسطينية.

 

*دكتوراه بالاقتصاد والعلاقات الاقتصادية الدولية 

Loading...