رام الله-غزة- الاقتصادي- صناعة السيارات وتسويقها إحدى التجليات التكنولوجية الأكثر إدهاشاً وثورة للإنسان العصري. لكن، في زمننا هذا، صارت الخدمات التكنولوجية المصاحبة للسيارة الحديثة الأكثر أهمية لدى المستهلك بشكل يفوق المعايير القديمة لتقديم المركبة من قوة المحرك والهيكل الخارجي وغيره، حتى باتت تجلّيات تلك التكنولوجيات الترويجية غير مختلف عليها لسلعة بأهمية وحجم السيارة المادي والمعنوي.
إضافات توفر المتعة
تتراوح الإضافات المذكورة بين أجهزة وأنظمة لها علاقة بالصيانة والكشف الدوري عن الأعطال وتقييمها، ويرتبط بها أيضاً أنظمة السلامة والأمان، إلى إمكانات متعددة أخرى تجعل من القيادة أمراً ممتعاً محاولةً أن تأتي بكل ترفيه قد يتوفر في البيت أو الأماكن العامة إلى مقعد السائق ويشترك في بعضها الركاب.
ومن أمثلة الأجهزة المتعلقة بالصيانة الحديثة والأمان هناك الجهاز الخاص بفحص الشبكات، وآخر للضغطـ، والحرارة، والاشتعال، والبخاخات، ونظام التبريد، والضجيج، والتهريب في المحرك، وجهاز معايرة التوقيت وهناك ما يعمل على فحص الدوائر الكهربائية. وتتراوح هذه الأنظمة في تطورها بين القديم أو المعروف والمجدد إلى الأكثر حداثة، منذ حقن وقود البنزين بشكل مباشر في غرف احتراق المحركات، وصولاً إلى الصندوق الأسود الشبيه بمثيله في الطائرات والذي يحل اللغز المتكرر مراراً مع السائقين، حيث يأتي صاحب السيارة للصيانة فتختفي مشاكلها وتعود عندما يغادر فلا يستطيع شرح المشكلة، حيث يعمل الصندوق على تسجيل ما يحدث بالضبط أثناء القيادة من مشكلات يقرأها المسؤول عن الصيانة فور شبكه بجهاز الكمبيوتر.
أما الأمثلة المتعلقة بقواعد ترفيه السائق والرُكاب، فهي متنوعة وقد وصلت إلى شاشات تلفزية وآلات صناعة القهوة، وكاميرات، وطاولات للطعام، ومصابيح خاصة وأثاث فاخر، وأنظمة للاسترخاء وحتى المقاعد التي توفر إمكانية ممارسة التمرينات الرياضية للراكب!
فهل أصبحت هذه الميّزات الرقمية المرافقة لكل نوع من أنواع المركبات المعروفة حاجةً أساسية كالاحتياجات التقنية الأخرى السائرة معنا في ركب الحياة كفرد من أفراد العائلة، بل وأشد احتكاكاً وقرباً؟! أم أن شرائع الرفاهية الاجتماعية ومفاهيم الاستهلاك الرأسمالية سنّت قوانينها وخطّت خطوطها على المنهاج المعيشي لنا، وغدا تكريس إدخال الآلة كل مناحي الحياة العنكبوت الحنون الذي ينصب شباكه بحب ومودة حول أعناقنا؟!
السوق الفلسطينية تلهث وراء الميزات الرقمية
المهندس علاء من أصحاب الدخل المحدود والأسر قليلة العدد – كما يقول- يحب الاطلاع على جديد هذا المجال، ولكن بمنأى عن ملاحقته، حيث يؤكد: "السيارات وأنواعها وكل جديد يتعلق بها تعتبر أمراً مثيراً للاهتمام وشاغلاً للعقول وملفتاً للأنظار، فما بالكم بالخصائص التكنولوجية الحديثة التي يتم إدخالها حسب رغبة المشتري أو تأتي كجزء مكمّل للسيارة الحديثة؟ ويقول" إنها بالطبع مغرية وتخلق احتياجات غير موجودة في الأصل".
مجتمع فقير "مبذر" على التكنولوجيا
الحاج أبو علي ينتقد تشجيع الناس على مثل هذا الصرف في غير محله، كما يرى. يقول: "نحن مجتمع فقير تحت الاحتلال ومواردنا ضعيفة، التكنولوجيا حلوة والتطور حلو بس تبذير المال مش حلو خاصة في مثل هذه الأوضاع المادية الصعبة التي يمر بها ليس فقط أبناء شعبنا بل وسلطتنا والشعوب العربية بشكل عام.
توفير للوقت وحماية للركاب
أما أبو النصر سائق باص مدرسي، فيختلف مع الحاج أبي علي ويقول: "هذه التكنولوجيا توفر الوقت وتحمي الركاب وبالطبع تزيد الدخل". ويضرب بحافلته المزودة بشاشة عرض مثالاً، كي يتمتع الأطفال الخارجون من ظهيرة المدارس العصيبة وتعب الدوام بمشاهدة أغاني الأطفال المصورة التي ينتقيها لهم خصيصاً ويعمل دائماً على تحديثها وتنزيلها من الإنترنت بدل أن ينشغلوا بلفت الأنظار وافتعال العراك بينهم.
البحث عن الحلول الجديدة
يؤكد هذه المعطيات إيهاب مشعشع مدير شركة نيسان الذي يرى أن هذه الخدمات ليست مجرد اكسسوار، حيث العالم بأسره يتجه لتوظيف التكنولوجيا التي – وإن لم تكن بهذا الوضوح للمستهلك- لكنها توفر الجهد والطاقة. يؤكد مشعشع أن الشركات تخصص وقتها للأبحاث التي توجد الحلول الجديدة بالتصميم الأحسن والخامات الأجود لتقليل المصاريف وأعمال الصيانة وتكاليفها وتوفير الأمن والسلامة للمركبة وركابها. لكنه يلفت إلى أن الزبون العادي لا يلمس ذلك إلا بعد فترة من استخدام هذه التقنيات، ولا يراها أو يشعر بها بشكل مباشر في البداية، ويضيف: "سيارات اليوم مثلاً، وزنها أخف من سيارات الأمس الثقيلة التي كانت مطلب المستهلك، لكن الأولى هي الأقوى والهياكل الجديدة تعمل على محاكاة الواقع وتوفر الأجهزة التي تعزز السلامة". ولأن الوقاية خير من العلاج، حاول السوق الفلسطيني أن يواكب الأسواق الأخرى كما يصرح مشعشع وكي يرضي المستهلك المهتم بهذه القضايا. كما يشير إلى أن العائلات محدودة الدخل باتت تسأل وتبحث عن التكنولوجيا الحديثة التي تخفف من استهلاك البنزين لأن وقود السيارة يعدّ عبئاً على مصروف البيت، في حين تفضل الفئة الشابة من المشترين الشكل الجميل وتوفير أحدث أنظمة الصوت Audio system. ونوه إلى أن الوضع الاقتصادي السيء يحدّ كثيراً من قدرة الشاب على اقتناء سيارة إلا بمساعدة أهله أو حتى يقوم بتشغيلها كتاكسي خالقاً فرصته للعمل في ظل البطالة الخانقة. واختتم حديثه بالخدمات التي تقدمها شركته: "نحن نقدم التكنولوجيا اليابانية المتقدمة غير المعقدة، المحرك الصغير غير المستهلك للوقود والموفر للسرعة، والمعروف عنها أنها تعطي قيمة كبيرة للمنتج فتفوق السيارات الأخرى، حيث المواصفات العالية تلحق السيارات الأخرى بعدها بسنوات".
حرص على إرضاء الجمهور
محمد الهليس مدير مبيعات شركة kia motors بمدينة غزة يؤكد حرص الشركة على إرضاء الجمهور الذي صار أكثر وعياً وتطلباً لهذه التكنولوجيا. ورغم أن سياسة الحصار الإسرائيلية لا تزال ترفض إدخال أكثر من 80 سيارة أسبوعياً في حين يحتاج قطاع غزة لحوالي 120، كما يصرح الهليس، إلا أن عدم تلبية الاحتياج الأساسي من عدد المركبات لا يعوق الاهتمام بالتفاصيل الأخرى لدى المشتري. وحول الوضع الاقتصادي وصعوباته وأثر ذلك على سوق خدمات السيارات في غزة، يرى أنه كلما ازداد الفقر ازداد بالضرورة عدد الأغنياء المنتفعين من فقر الفقراء ومستواهم ما ينعكس إيجاباً أيضاً على هذا السوق! لكنه يلفت إلى صعوبة أخرى متمثلة في قرار حكومة غزة الأخير القاضي بتحصيل ضريبة قدرها 25% من ثمن المركبة يتم دفعها للحكومة مباشرة، ويُلزم الشركات التي تستورد بشكل قانوني عبر المعابر الرسمية بدفع هذه الضريبة إضافة لمبالغ أخرى تدفعها هذه الشركات وهي 50% من ثمن المركبة جمارك، و14.5% ضرائب، و2.5% بدل نقل. ما يراه الهليس سبباً جديداً في رفع سعر السيارات بغزة بشكل مضاعف عن أسعارها العالمية ليتحمل المستهلك وحده ثمن هذا الغلاء الفاحش، مشيراً إلى أنهم وشركات أخرى قاموا مؤخراً بالاعتصام احتجاجاً على هذا القرار وتضامناً مع المستهلك، واعتراضاً على أن يتم تسويتهم بمهربي السيارات -والتي يكون معظمها مسروقا- عبر الأنفاق ولا يتكلفون كل هذه المبالغ ويلتزمون فقط بدفع ضريبة الـ25% للحكومة! كما أكد تفضيلهم لترك السيارات المستوردة في معبر كرم أبي سالم عن دفع هذه الضريبة المجحفة – كما يرى- بعد أن أنذرتهم الحكومة بعدم إدخالها قبل دفع الضريبة. أما عن الأجهزة والخدمات التي تقدمها شركتهم فقال: "معظم الزوار كانوا يسألون أولاً عن المسجلات LCD أما اليوم فهناك الأكثر أهمية مثل USB وAUX وIPOD وعليها إقبال كبير لاهتمام المستهلكين بالاستماع للملفات الصوتية والفيديو أثناء القيادة". كما أشار للاهتمام الكبير بهذه التكنولوجيا من قبل فئة الشباب، في حين يميل كبار السن والآباء والأمهات إلى اختيار واقتناء أنظمة السلامة مثل الـAir Bag أو البالون الذي ينفتح عند اصطدام السيارة ووقوع حادث ليحمي الركاب والسائق، حتى وصل اهتمام البعض لشراء 8 حقائب من هذا النوع. حدثنا أيضاً عن إقبال المشترين على تشغيل السيارة بالبصمة وأنظمة عدم التزحلق والكاميرات الخلفية أو الحسّاسات parking system والتي تصدر صوتاً عند اقتراب جسم السيارة بجسم آخر تفادياً للاصطدام. في حين أشار إلى أنظمة أخرى لا يتم السؤال عنها في غزة مثل كاميرات تحديد الرادار وأنظمة تثبيت السرعة، فلا يُقبل عليها الناس لانعدام وجود رادار وعدم توفر شوارع سريعة high way تحتاج لسرعة قيادة عالية فيتم تثبيتها.