رام الله - معا - ارتفاع واضح في أسعار اللحوم شهدتها السوق الفلسطينية، خلال الأيام القليلة الماضية، ارتفاع وصل إلى قرابة 10 شواقل للكيلو غرام الواحد، وهو الأمر الذي آثار حفيظة المواطن، الذي استغرب ارتفاع سعر اللحوم المرتفعة أصلاً.
بورصة أسعار العجول تحديداً تشهد ارتفاعاً مضطرداً، فقد بيع كيلو اللحم من العجل الطازج في الضفة الغربية وقطاع غزة ما بين 50-60 شيقلاً.
ارتفاع أسعار اللحوم جاء نتيجة لانتشار مرض الحمى القلاعية، وخصوصاً في رومانيا والمجر دفع "إسرائيل" لمنع استيراد العجول منها، خشية من انتشار المرض، وبالتالي عندما تتأكد "إسرائيل" من خلو الدول التي تستورد منها العجول من أية أمراض، حينها ستنتهي أزمة ارتفاع الأسعار.
كما أن عدم توفر العجول في السوق الإسرائيلية، وارتفاع الطلب أدى لهذا الارتفاع، وهذا سيدفع بالمستهلكين للإقبال على شراء لحوم الخراف والتي سيرتفع سعرها نظراً للإقبال الشديد عليها.
المواطنون استهجنوا استمرار جميع أنواع السلع في الارتفاع ودون تدخل حكومي لوقف تسونامي الارتفاع الذي جعل جزءاً كبيراً من المواطنين غير قادرين على شراء المتطلبات الأساسية للحياة، لا سيما في ظل عدم انتظام الرواتب وتآكلها، وارتفاع الفقر والبطالة.
وفي هذا الصدد، أكد الموظف كريم أبو شرخ، إن مؤشر الأسعار يبدأ بالارتفاع مع اقتراب الشهر الفضيل في كل عام، أي أن بعض التجار، كما يضيف، يعملون لرمضان ولا يعملون للصيام.
وانتقد أبو شرخ غياب الرقابة الحكومية الحقيقية على السوق من حيث الأسعار وإشهارها، رغم كثرة الحديث عبر وسائل الاعلام عن ذلك.
ودعا شرخ الحكومة إلى تخفيض الضرائب المفروضة على البضائع الأساسية خلال الشهر الفضيل للتخفيف عن كاهل المواطن، الذي يعاني الأمرين جراء عدم انتظام الرواتب وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، جراء استمرار ارتفاع الأسعار.
بدوره، قال سعد عليان: لم نتفاجأ من ارتفاع أسعار اللحوم، وبصراحة لا يعنينا، فنحن لسنا قادرين على شرائها أصلاً وقبل أن ترتفع أسعارها، ولكن هناك عصابات تتحكم في حياة الناس وترفع أسعار السلع دوماً.
وأكد عليان: هل يعقل أن يصل كيلو لحم العجل إلى 55 شيقلا، كيف يمكن لعائلة أن تشتري 3 أو 4 كيلوغرام من اللحم، هذا يعني أن نصف راتب الموظف سيذهب لشراء هذه الكمية فقط.
اما فادي برهم الموظف حكومي فاشتكى هو الآخر من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وأكد أن عائلته مكونه من 8 أشخاص، باتت محرومة منذ أشهر من شراء اللحوم الحمراء لارتفاع الأسعار، وتضطر للاستعاضة عنها بالدجاج.
وقال برهم إن المسؤولية في هذا الارتفاع على الحكومة التي تتصرف وكأنها حكومة معنية فقط بفرض الضرائب، ولا يعنيها المواطن بأي شيء، سوى بدفع الضرائب والجمارك فقط، وهي غير آبهة بعدم قدرة المواطن على الحياة.
وفي هذا السياق، قال محمود الدبعي، صاحب احد محال بيع اللحوم في رام الله، إن الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم جاء من التاجر الكبير المستورد للحوم من "إسرائيل"، وليس من الجزارين، وهو من يتحكم بالأسعار.
وأشار الدبعي إلى وجود نوعين من اللحوم في فلسطين، أحدهما الهولندي وكان سعره قبل أيام 15 شيقلا للكيلو صافي، قبل الضريبة ومصاريف الملحمة، وبالتالي يصبح سعره أقل بقليل من 50 شيقلا بعد كل التكاليف، وكنا نبيعه بحوالي 50-52 شيقلا، أما اليوم فقد ارتفع سعره على التاجر إلى 22 شيقلا، وأصبح سعره للمستهلك 55-60 شيقلا.
أما النوع الثاني فهو البلجيكي، كما يقول الدبعي، فكان سعره قبل أيام من المسلخ 20-22 شيقلا، واليوم وصل سعره إلى 30 شيقلا، وبالتالي ارتفع سعره كثيراً، ولكن جزءاً من التجار لم يرفع الأسعار لعشرة شواكل، بل رفعها بأقل من ذلك رغم أن ذلك سيقلل الأرباح كثيراً للتاجر الصغير.
وأكد الدبعي أن هناك تاجر كبير هو الذي يتحكم بقطاع اللحوم، من خلال شراء كميات كبيرة من اللحوم من السوق الإسرائيلية، وتخزينها ومن ثم التحكم بالأسعار، على حساب المواطن.
وقال الدبعي أن سعر العجل الواحد ارتفع خلال أيام بألفين شيكل بالضبط، وبالتالي فإن التجار لاحظوا انخفاضاً كبيراً في إقبال المستهلكين لشراء اللحوم الطازجة، واستعاضوا عنها إما بشراء الدجاج أو اللحوم المجمدة.
من ناحيته، أكد صاحب محل لحوم طلب عدم ذكر اسمه أن ارتفاع أسعار لحم العجل الطازج سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخراف الطازجة والدواجن، بسبب زيادة الطلب وقلة العرض.
وأضاف: نحن نشتري العجول من السوق الإسرائيلية، وهناك شح في كميات العجول، ولا تسمح إسرائيل لمستورديها الاسرائيليين باستيراد العجول إلا من استراليا والمجر، بسبب الحظر المفروض على الكثير من الدول الأوروبية المنتجة للعجول لانتشار أمراض الحمى القلاعية وجنون البقر فيها.
وزارة الزراعة، وعلى لسان مدير عام التسويق، م. طارق أبو لبن أكد أن ارتفاع أسعار اللحوم في السوق الفلسطينية يعود لعدة أسباب، أولها زيادة الطلب على لحوم العجول في قطاع غزة المشتراة من "إسرائيل" أدى إلى انخفاض الكميات الموجودة في السوق الإسرائيلية الموجهة للداخل أو للسوق الفلسطينية.
وبين أبو لبن أن "إسرائيل" تعتمد سياسة حماية منتوجها من العجول من خلال تقليل الاستيراد من الخارج للحفاظ على أسعار العجول في المزارع "الإسرائيلية"،
وأضاف: نحن نعتمد إلى حد كبير على شراء العجول من السوق الإسرائيلية، أو العجول المستوردة من خلال تجار إسرائيليين، بسبب انخفاض الإنتاج المحلي من العجول في فلسطين، إضافة إلى عدم قدرة العجول المستوردة بشكل مجمد على إبقاء كامل الطلب، وكل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى انخفاض العرض مقابل زيادة الطلب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم.
وشدد أبو لبن على أن هذا الارتفاع هو طارئ بسبب نقص العجول في السوق الإسرائيلية، متوقعاً أن تنتهي هذه الأزمة خلال شهر أو ربما أكثر بقليل، مشيراً إلى أن ارتفاع اسعار اللحوم الطازجة لن يؤثر على ارتفاع اسعار اللحوم المجمدة، خاصة أن المستورد للسوق الفلسطينية هي شركات فلسطينية، وهذه اللحوم متوفرة.
وتابع في هذا السياق، يُسمح لنا باستيراد 12 ألف طن من لحم العجل المجمد، و1200 طن من لحم الخراف المجمدة.
وأوضح أبو لبن أن السلطة الوطنية الفلسطينية وبحسب بروتوكول باريس الاقتصادي، يُسمح لها سنوياً باستيراد 1660 عجلا حيا من خارج إسرائيل بمعدل 500 ألف كيلو غرام، و25 ألف رأس خروف بمعدل مليون كيلو غرام، أما بخصوص الاستيراد من السوق الاسرائيلية فهو غير محصور بعدد للعجول والخراف.
وتابع: منذ العام 2007 لم نقم في السلطة الوطنية الفلسطينية، باستيراد كميات العجول المنصوص عليها في اتفاقية باريس الاقتصادية، حيث يعتمد تجار اللحوم على السوق الإسرائيلية، نظراً للمشاكل الكثيرة التي تقف أمام عمليات استيراد العجول بشكل مباشر من الخارج.