بيت لحم- معا- مدينة القدس التي تواجه تحديات كبيرة في ظل سياسات الاحتلال الرامية لتهويد المدينة وتفريغها من أهلها، تشهد اليوم محاولة لإنعاش السياحة وخلق برنامج سياحي يجعل المدينة هدفا سياحيا بدلا من أن تكون محطة في البرامج السياحية الأخرى.
وللوقوف على واقع السياحة في المدينة المقدسة، التقت معا رائد سعادة رئيس التجمع السياحي في القدس، والذي أكد ان ما تشهده المدينة من حصار واجراءات للاحتلال أضر بكشل كبير بالامكانيات والخدمات السياحية على عكس بقية المدن الفلسطينية، فعلى سبيل المثال ازداد عدد الفنادق في المدن الفلسطينية بينما في القدس تراجعت الفنادق الى حد فقدت معه القدس نصف قدرتها الاستيعابية للسياح.
واعتبر سعادة أن الواقع السياحي الراهن مؤشر على حرمان القدس من أسواقها الطبيعية ومؤشر على سياسات الاحتلال والتشرذم المفروض على الشعب الفلسطيني، وأيضا دليل على ضعف السياحيين والمجتمع المقدسي في قيادة السياحة بالشكل المطلوب.
وتشهد مدينة القدس لأول مرة أعمال مؤتمر "السياحة والثقافة الفلسطينية.. فرص غير محدودة" والهادف للعمل على التخطيط السياحي ضمن رؤى فلسطينية تعتمد على الاستفادة الاجتماعية القصوى من السياحة.
ورأى سعادة أن مدينة القدس لا تأخذ أولوية عند كثير من الناس، نظرا لعدم وجود البرامج المطلوبة لجذب السياح وخلق التجربة التي من الممكن ان تفعّل الزائر سواء أكان من أبناء المدينة أو قادما من مناطق فلسطينية في الضفة والـ 48 أو من الخارج.
واوضح أن ما هو موجود في القدس اليوم هو برنامج حج مسيحي إلى جانب بعض السياحة الإسلامية،ونامل أن نطور برنامجا سياحيا خاصا بمدينة القدس التي تعتبر إحدى أهم عواصم العالم القديم.
وشدد سعادة على أهمية دور المجتمع المحلي بتنشيط السياحة والتخطيط لتطويرها باعتباره المالك للجوانب السياحية من مرافق وخدمات وهو بالتالي المنتفع من عودة النشاط السياحي للقدس.
ويرى رئيس التجمع السياحي في القدس ان المدينة فقدت الكثير من عناصر المركزية كعاصمة للدولة الفلسطينية أو حتى مدينة تعتبر على مستوى العالم، فمن المفترض أن تكون فيها مركزية العمل الثقافي والاقتصادي والسياحي.
وأكد أن القدس تمتلك مقومات عديدة تجعلها في مركزية النشاط السياحي، مشيرا إلى أن القدس تقسم الى دوائر هي: البلدة القديمة ثم الدائرة الأوسع التي تحيط بالبلدة القديمة مثل القدس الشرقية وما يتبعها من مناطق، ثم الدائرة الأكبر التي من الممكن ان تصل إلى العيزرية والنبي موسى والقرى التي كانت جزءا من محافظة القدس مقل قرية بتير التي أدرجت بحسب اليونسكو في لائحة التراث العالمي والتي من الممكن ان تضاف للسياحة المقدسية.
وبيّن أن القدس تحتوي على الكثير من الاماكن التي تجاوزت آلاف الاعوام وهي غير المستغلة سياحيا، كالبلدة القديمة التي تضم الزاوية الهندية في باب الساهرة والزاوية الميلاوية والزاوية الافغانية داخل البلدة القديمة وحي الارمن الكاثوليك ثم الجالية الافريقية وسوق القطانين ومختار السريان والخانقة الصلاحية، ففي كل مكان من هذه الاماكن أسرار كبيرة بإمكان السياح الاطلاع عليها لدى زيارتها.
وتقف السياحة الاسرائيلية تحديا أمام المقدسيين الذين يسعون لخلق التنافس مع البرامج الاسرائيلية، وقال سعادة إن استثمارنا قد يخدم الاسرائيليين إذا كانت برامجنا ضعيفة وغير ممتعة للسياح.
ورأى ان البرنامج السياحي الفلسطيني يملك ميزة الوصول إلى أماكن لا يمكن للبرامج الاسرائيلية الوصول اليها، ومنها: الاماكن التابعة للاوقاف أو بعض العائلات أو العدد الكبير من الزوايا الصوفية والمدارس والعمارات التي بناها سيدات في تاريخ فلسطين، إضافة إلى عوامل جذب أخرى كالحضارة الفلسطينية وحسن الضيافة وكيف نعكس انفسنا للعالم فهي قضية إضافية قد تكون جزءا من المنافسة.
وحول موقفه من حظر بعض الجهات العربية والاسلامية زيارة القدس تجنبا للتطبيع مع الاحتلال، قال إن قضية التطبيع مرتبطة في الأساس باستخدام الخدمة الاسرائيلية او الفلسطينية، والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هل نحن نستخدم أو نشجع الخدمة أو الفندق أو المطعم الفلسطيني أم أن هذه القضية ليست أساسية بالنسبة لنا؟.