رام الله - الاقتصادي - عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة مؤتمره النصف سنوي للموازنة العامة 2016 في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني في البيرة وذلك بهدف تسليط الضوء على نفقات الحكومة في النصف الأول من العام الحالي فضلا عن قرارات التقشف والترشيد التي اتخذتها الحكومة وعلاقة كل ذلك بأكثر الموضوعات ارتباطا بالإنفاق واستهلاكا للموازنة والمتعلقة بالتحويلات الطبية خارج وزارة الصحة، التحويلات النقدية للمساعدات الاجتماعية والتعاقد المؤقت في القطاع الحكومي.
من جانبه أشار رئيس مجلس إدارة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان (سكرتاريا الفريق الأهلي) عبد القادر الحسيني إلى ان هذا المؤتمر يأتي في إطار جهود الفريق الأهلي لتعزيز الشفافية في الموازنة العامة وإيمانه بحق المواطن في الاطلاع على المعلومات المالية. ويهدف إلى فحص ما تم تحقيقه من قبل الحكومة الفلسطينية في مجالات الترشيد والتقشف.
ودعا الحسيني وزارة المالية الى إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام فيما يتعلق بإدارة المال العام، والاخذ بعين الاعتبار كافة الملاحظات المقدمة خلال هذا المؤتمر، آملا أن يتم التعاطي مع موازنة المواطن بجدية ومسؤولية بحيث يتم تقديم معلومات صحيحة ودقيقة وفي الوقت المناسب وباللغة العربية وليس الإنجليزية كما هو حاصل في موازنة المواطن 2016.
الموازنة العامة النصف سنوية ما بين الواقع والمخطط
عضو الفريق الأهلي هامة زيدان استعرضت الورقة التحليلية الأولى التي تركزت في فصلين هما مدى التزام وزارة المالية بالمرجعيات القانونية الناظمة وعرض وتحليل بنود الموازنة العامة 2016، بالإشارة إلى أن وزارة المالية لم تتقيد بالمواعيد القانونية لإعداد وإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام الجاري، فيما لم يتضمن مشروع الموازنة قائمة بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تنوي السلطة الوطنية تحقيقها من خلال مشروع الموازنة، فضلا عن صدور موازنة المواطن في شهر حزيران الماضي وباللغة الانجليزية فقط، بما يخالف الهدف منها والذي يجب ان يكون اصدارها بلغة مبسطة وموجهة للمواطن.
ويظهر من خلال المعطيات السابقة وجود مشكلة في تطبيق مبادئ الشفافية المتعلقة بالإفصاح عن الموازنة العامة وتفاصيلها، وكذلك في تطبيق القانون في عرض مشروع الموازنة على المجلس التشريعي قبل شهرين من انتهاء العام، فيما اشارت زيدان إلى أن مشكلة الدّين العام ما زالت قائمة لدى السلطة الوطنية على الرغم من حديث الحكومة ووزارة المالية عن تخفيضه كهدف من اهدافها، الا انه لم يتحقق الا بنسبة ضئيلة بلغت (1.71%)، فيما لم تتضمن الموازنة العامة 2016 تفاصيلا عن صندوق التقاعد والمعاشات، ومستوى الاقتراض من الصندوق من قبل الحكومة، فضلا عن أهمية تعزيز شفافية صندوق التقاعد، ونشر التقارير السنوية الخاصة به، خاصة بعد ما ورد في تقرير للبنك الدولي في سبتمبر الماضي على ان نسبة اقتراض الحكومة من صندوق التقاعد بلغ (1.6) مليار دولار.
في سياق متصل شددت زيدان على أن مخصصات الامن ما زالت تستحوذ على حصة الاسد من الموازنة العامة، حيث استحوذت خلال النصف الاول من موازنة العام 2016 على نفقات تقارب مجموع كل من وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة الفلسطينية، كما ما يزال بند الرواتب والاجور فيها يستهلك ويستنزف الحصة الاكبر من نفقات الامن ويفوق بكثير «مجموع موازنات» وزارتي الصحة والتنميّة الاجتماعية معا.
وفي ختام حديثها طالبت زيدان نيابة عن الفريق الأهلي بضرورة الالتزام باحترام أحكام القانون الاساسي في إعداد الموازنة العامة الفلسطينية بكافة مراحلها، مع إتاحة الفرصة لنقاش مجتمعي حول الموازنة العامة قبل اقرارها، واحترام الحكومة لالتزاماتها بنهج الشراكة مع المجتمع المدني، مرورا بأهمية إتاحة الفرصة لمشاركة الفريق الأهلي لشفافية الموازنة العامة في مراجعة مشروع الموازنة، موصية بضرورة اعتماد برنامج مخطط للترشيد مع توفير شفافية كاملة في بند النفقات التحويلية، والاستمرار في تنقية بند الرواتب والأجور.
التحويلات الطبية خارج مؤسسات وزارة الصحة، وضرورة اصلاح نظام التأمين الصحي الحالي
أولى جلسات المؤتمر تركزت حول جزئية النزاهة والشفافية في التحويلات الطبية خارج مؤسسات وزارة الصحة، حيث أكد مدير الجلسة وليد أبو راس- عضو الفريق الأهلي على أهمية هذا الموضوع لأسباب متعددة أهمها استهلاكه ما نسبته 32% من ميزانية وزارة الصحة، مشددا على أن الأهم هو البحث في مدى شفافية هذه التحويلات ومدى العدالة التي يحققها نظام التحويلات الحالي للمواطنين فضلا عن العلاج في المستشفيات الإسرائيلية التي وصفها أبو راس بالسرقة المفوترة والتي تبلغ نسبتها 12% من اجمالي عدد التحويلات وتستنزف 22% من موازنة الوزارة.
الباحث جهاد حرب بدأ استعراض الورقة الخلفية ذات العلاقة بالموضوع بالتطرق إلى جزئية التأمين الصحي الذي يسمح بدخول سهل للمواطن فيما يكلف خزينة الدولة مبالغ كبيرة، وعدم توفيره لاستمرارية التمويل، حيث وصلت قيمة رسوم التأمين الصحي التي تمت جبايتها في العام 2015 حوالي 165 مليون شيكل وهي تشكل حوالي 30% من الانفاق على التحويلات الطبية (561 مليون)، وحوالي 10% من نفقات الوزارة لنفس العام.
وأشار حرب إلى أن وزارة الصحة نجحت في عملية توطين الخدمة بما نسبته 82% عام 2014 الى 86% في العام 2015، فيما بلغت تكلفة العلاج في العام 2015 حوالي 561 مليون شيكل بانخفاض 9 مليون شيكل عن العام السابق، رغم ارتفاع عدد التحويلات بحوالي 13000 تحويلة عن العام السابق.
وفيما يتعلق بالتحديات أكد حرب أنها تتمثل بعدم وجود معايير شفافة لمستحقي الخدمة، وغياب التحديد الواضح لرزمة الخدمات الصحية بشكل شفاف، فضلا عن كثرة مزودي الخدمة الخارجيين المعتمدين وضعف شفافية الترتيبات التعاقدية معهم إضافة إلى عدم وجود مؤشرات تقييم جودة الخدمة معتمدة من قبل وزارة الصحة ما أدى إلى ضعف قدرات المتابعة والتقييم.
فيما تواجه التحويلات الطبية تحديا يتمثل بضعف شفافية إجراءات التحويل التي تتمثل بغياب معايير محدثة وذات خصوصية لبعض الامراض والضعف في متابعة وتدقيق المطالبات المالية والمحاسبة، إضافة إلى ضعف جودة توثيق وإدارة المعلومات والتسجيل وعدم اعتماد الأتمتة في المعاملات، فضلا عن ضعف نظام الشكاوى في ظل غياب استراتيجية قطاعية لدى وزارة الصحة تبين الأدوار المتوقعة من القطاعين العام والخاص والمنظمات الاهلية.
وأوصى حرب في ختام استعراضه بضرورة تبني سياسة عامة شفافة تحدد ما يمكن أن يقدمه القطاع الصحي العام مع وضع ترتيبات واضحة لتقييم العروض التعاقدية مع المستشفيات والمراكز الصحية المزودة للخدمات الصحية، واهمية أتمتة الإجراءات المتعلقة بالتحويلات خارج وزارة الصحة، مرورا بتعزيز قدرات الموارد البشرية والفنية لتطوير أدوات الرقابة والمتابعة والتقييم في وزارة الصحة، وانتهاءً بتطوير نظام الشكاوى لتعزيز المساءلة وزيادة الثقة بالنظام الصحي الفلسطيني وأداء وزارة الصحة وبخاصة دائرة شراء الخدمة "التحويلات في الخارج".
من جهته أكد وكيل وزارة الصحة د. اسعد الرملاوي على ان وزارته تؤمن بمبدأ الشفافية والمساءلة كنهج للعمل الصحي، مرجعا اسباب زيادة عدد التحويلات الطبية في الأعوام الأخيرة إلى اختلاف طبيعة الامراض وطرق علاجها فضلا عن الوضع السياسي الصعب الذي تعيشه كل من الضفة وقطاع غزة الذي قد يضطر المواطن في بعض الحالات الى الاقدام على دفع الرشوة او استخدام الواسطة للحصول على الخدمة.
واعتبر الرملاوي ان المسؤولية عن التحويلات الطبية هي مسؤولية عامة وشاملة ولا تتمثل في الوزارة فقط، والتي بذلت جهودا عديدة في توطين الخدمة وتصفير فاتورة التحويلات (الى إسرائيل والى الخارج) وكان اخرها العمل على انشاء المركز الوطني للسرطان بعد ان كانت حصة مرضى السرطان تتجاوز ما نسبته 50% من التحويلات، مشددا على ان نظام التأمين الصحي الحالي هو قضية سياسية بحتة تثقل كاهل وزارة الصحة ويكلفها مبالغ باهظة مع الإشارة إلى أنه يتم حاليا العمل على انشاء نظام تأمين صحي جديد يحل المشكلات الحالية ويتجاوزها.
من جهته وصف رئيس اتحاد المستشفيات الاهلية والخاصة د. ياسر أبو صفية نظام التأمين الصحي الحالي بغير العادل كونه يتم استقطاع قيمة التأمين من راتب موظف القطاع العام سنويا فيما يقوم غيره من المواطنين بالتأمين في حالات المرض فقط مشددا على أهمية خلق نظام صحي شامل يحمي فيه الغني الفقير والصحيح العليل لتحقيق العدالة في الاستفادة من هذا التأمين.
واعتبر أبو صفية ان نظام التحويلات الطبية الحالي أرهق الخزينة العامة وموازنة وزارة الصحة، فضلا عما يشوبه من ثغرات تتعلق بعدالة التحويل ليس فقط بين المستشفيات الوطنية والأخرى الإسرائيلية، وانما بين المستشفيات الفلسطينية نفسها، مشيرا إلى أن تكلفة العلاج في إسرائيل يبلغ 3 اضعاف العلاج في المستشفيات الفلسطينية ما يعني ان توطين الخدمة سيعكس نتائج إيجابية من حيث انخفاض ثمن الخدمة المقدمة والتزام المستشفيات بدفع الضرائب للسلطة.
وشدد أبو صفية على ضرورة بدء الوزارة بنهج يضمن احترام التوازن والتعادل في توزيع الحالات على المستشفيات من خلال اعتماد التنافس بينها عبر جسم طبي قادر على اعتماد الترخيص الطبي (الوطني ومن ثم الدولي) فضلا عن ضرورة وجود نظام تأمين صحي محوسب تتمكن من خلاله الوزارة الاطلاع على وضع المرضى المحولين لحظة بلحظة بهدف ضبطك المصروفات التي تتم في هذه المستشفيات.
التحويلات النقدية للمساعدات الاجتماعية وضرورة توحيد مسارات وقنوات هذه المساعدات
افتتح ثاني جلسات المؤتمر مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان د. عزمي الشعيبي بالإشارة إلى التحويلات النقدية تمثل البرنامج الذي تقوم فيه وزارة التنمية الاجتماعية بتوزيع المساعدات على من يوصفون بأفقر الفقراء والذي يكلف الوزارة مبالغ كبيرة في ظل تزايد الطلب على هذه المساعدات ما دفع البعض الى مطالبة الوزارة بإعادة النظر بالمعايير التي يجب ان تنطبق على المستفيدين، فضلا عن أهمية توحيد الجهات المشرفة على توزيع المساعدات وتحديد مستحقيها لضمان الشفافية وعدم ازدواجية الاستفادة من التحويلات النقدية.
من جانبه استعرض عضو الفريق الأهلي مؤيد عفانة الورقة الخلفية حول التحويلات النقدية مشيرا إلى دراسة الوضع الحالي للمساعدات بينت عدم وجود إطار تشريعي ناظم للمساعدات النقدية، وعدم وجود ربط فعلي واضح ما بين القوانين ذات الصلة بالشأن الاجتماعي مع برامج المساعدات النقدية الحالية بشكل منهجي، فضلا عن تعدد الجهات التي تقدّم المساعدات النقدية في فلسطين، وعدم وجود ربط حاسوبي كامل فيما بينها ما خلق حالة يمكن وصفها ب"فوضى التحويلات النقدية".
وفيما استطاعت وزارة التنميّة الاجتماعية تطوير العمل المؤسساتي والتنظيمي الخاص بالمساعدات النقدية، وعملت على تخفيض خطأ الاستبعاد من خلال اعتماد آلية للأسر الفقيرة ما بين خط الفقر المدقع وخط الفقر الوطني مع وجود عامل تهميش، الا أن الكوادر البشرية العاملة في مجال المساعدات النقدية بحاجة الى تدريب وتأهيل فضلا عن عدم اعتماد دليل اجراءات خاص بالمساعدات النقدية في وزارة التنمية الاجتماعية.
اما فيما يتعلق بالشفافية في التحويلات النقدية فأكد عفانة ان وزارة التنمية الاجتماعية عملت على اصدار موازنة المواطن للعام 2016 الخاصة بالوزارة، في خطوة متقدمة تجاه الشفافية، واطلاع المواطنين على المعلومات والبيانات المتعلقة ببرامج الوزارة، بينما ما زالت الشفافية في نشر اعداد المستفيدين من المساعدات النقدية بحاجة الى تطوير أكبر في حين توجد تكاليف وتعويضات محملة على النفقات التحويلية لوزارة التنمية الاجتماعية منذ اكثر من 10 سنوات، لا تمتلك الوزارة اي معلومات عنها ولا تخضع لبرامجها.
وأوصى عفانة في ختام عرضه بضرورة وجود استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر في فلسطين، تصدر وتُعتمد من مجلس الوزراء مع اهمية ايجاد الإطار القانوني الناظم لبرامج المساعدات النقدية في فلسطين، مع ضرورة قيام وزارة التنمية الاجتماعية بتطوير وتحديث معادلة الاستهداف، وادواتها، مع قيام الوزارة بتفعيل الربط الحاسوبي بين مختلف الجهات الرسمية والاهلية التي تعمل في مجال المساعدات النقدية والاجتماعية، مع نشر التقارير حولها من اجل تعزيز الشفافية، من قبل كافة الجهات العاملة في هذا المجال.
من جانب آخر اقترح عفانة عددا من الحلول المتمثلة باطلاق البوابة الالكترونية للمساعدات النقدية والاجتماعية، والتي من شأنها تنسيق المساعدات، ومنع الازدواجية وتحقيق العدالة في التوزيع، واعتماد الدليل الوطني لمنع الفساد في المساعدات الإنسانية، إضافة إلى استمرار وزارة التنمية الاجتماعية في العمل على تعزيز الشراكات في المساعدات النقدية، وفي مجمل عملية التنمية الاجتماعية وقيام وزارة «المالية والتخطيط» بإخراج نفقات "تعويضات تفريغات عام 2005" من بند التحويلات الاجتماعية على مركز مسؤولية وزارة التنمية الاجتماعية مع ضرورة العمل على توفير الامكانات اللوجستية (سيارات وغيرها) اللازمة لتمكين الباحثين في وزارة التنمية الاجتماعية من زيارة الاسر وتحديث البيانات والتحقق منها.
من جهته نوه القائم بأعمال مدير عام مكافحة الفقر في وزارة التنمية الاجتماعية خالد البرغوثي إلى أن عمل وزارة التنمية الاجتماعية لا يقتصر على المساعدات النقدية وانما يتفرع لجوانب كثيرة غير معلنة تضع الوزارة في مقدمة الجهات التي تعمل في قطاع الحماية المجتمعية بكافة اشكاله، معتبرا ان الوزارة مظلومة تاريخيا من حيث حجم الموازنة والطواقم واللوجستيات، رغم حجم الجهود التي تقوم بها مقارنة بالوزارات الأخرى.
وأشار البرغوثي إلى ان المساعدات تشكل 65% من موازنة الوزارة، رغم تقليص موازنة المساعدات في السنوات الأخيرة لينخفض عدد العائلات المستفيدة من 119000 إلى 111000 الف اسرة فقط، معتبرا ان عملية الربط الالكتروني هي الطريقة الوحيدة التي تكفل الشفافية بهدف الكشف عن ازدواجية الاستفادة من المساعدات، ما دفع الوزارة إلى العمل منذ عام 2008 على محاولة تأسيس نظام وتطوير برنامج يعمل على تحديد مدى حاجة المواطن من خلال برامج تدرس المعطيات والأرقام بعيدا عن العامل البشري، ويتم بناء عليها محاسبة وزارة التنمية على اختياراتها للمستفيدين.
وزيرة الشؤون الاجتماعية سابقا ماجدة المصري اعتبرت ان برنامج التحويلات النقدية عرف تاريخيا كعنوان للشؤون الاجتماعية، وتحول لاحقا ليصبح واحدا من التدخلات الرئيسية للوزارة ضمن برنامج الحماية الاجتماعية، مشيرة إلى ان طبيعة النظام السياسي يؤشر لها من خلال مدى التزامه بتوفير هذا النوع من الحماية للمواطن والتي تعتبر في الحالة الفلسطينية عنصراً من عناصر الصمود على الأرض.
وأكدت المصري انه على الرغم من أهمية تدخلات الوزارة التي تندرج ضمن برنامج المساعدات إلى أن هذه المساعدات لا تؤمن أي استمرارية لحصول المستفيدين عليها فضلا عن انها لا تعطي شعورا بالأمان والكرامة، لكونها مساعدات تأسيسية أكثر من قدرتها على الانخراط في التنمية، مشيرة إلى ضرورة تطوير إطار قانوني يكفل الاستمرارية والكرامة للمواطن بما يضمن الشفافية ويمنع الازدواجية.
ضرورة ضبط العقود المؤقتة بما يمنع استغلال الثغرات ذات الصلة في قانون الخدمة المدنية
افتتح عضو الفريق الأهلي د. عصام عابدين الجلسة الأخيرة التي تناولت التطورات على التعاقد المؤقت في القطاع الحكومي متسائلا عن عدد موظفي العقود المؤقتة في القطاع الحكومي 2015 – 2016، وان كان هذا التعاقد يعتبر استغلالا للثغرات التي تعتري قانون الخدمة المدنية فضلا عن كيفية اتخاذ القرار المتعلق بوظائف العقود المؤقتة للوظائف العليا ومعايير اختيار شاغليها.
من جهته أشار الباحث د. احمد مصلح في الورقة الخلفية التي استعرضها إلى ابرز الإشكاليات التي تعتري التعاقد المؤقت في القطاع الحكومي بدءاً بعدم التفريق في تنظيم العقود بين الخبراء من جهة والموظفين الموسميين والطارئين من جهة ثانية والموظفين لشغل وظيفة دائمة بصفة مؤقتة من جهة ثالثة واستمرار سياسة تعيين موظفي العقود في وظائف دائمة، مرورا بارتفاع رواتب العاملين بعقود مقارنة بنظرائهم من موظفي الخدمة المدنية واستمرار ظاهرة التعاقد مع المتقاعدين كحالات استثنائية، وانتهاءً بعدم الالتزام بالعديد من الأحكام الإجرائية التي تضمنها نظام تعيين الخبراء وعدم الوضوح في البيانات الخاصة بالعقود خاصة عقود الخبراء والمستشارين الممولين خارجيا.
واقترح مصلح عددا من الحلول للخروج من هذه الإشكاليات تتمثل بوضع تشريع شامل يعالج كافة القضايا المتعلقة بالعقود المؤقتة مع التمييز بشكل واضح بين الأحكام القانونية الناظمة لتعيينات عقود الخبراء والمستشارين وتلك المتعلقة بالوظائف الطارئة والموسمية ووضع معايير واضحة ومحددة ونماذج جاهزة تتعلق بالعقود موصيا بوقف سياسة التعيينات لأصحاب العقود المؤقتة في وظائف دائمة بشكل تام وتشديد الرقابة من قبل الجهات المعنية (وزارة المالية، ديوان الموظفين، ديوان الرقابة المالية والإدارية) على الإجراءات المتعلقة بتعيينات العقود المؤقتة للتأكد من الالتزام بالشروط والمعايير المعتمدة ووقف التجاوزات التي أشار لها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في هذا المجال.
مدير عام التخطيط الوظيفي وجداول التشكيلات في ديوان الموظفين العام وائل الريماوي أشار إلى ان عدد العقود التي تم توقيعها منذ بداية العام وصل الى 1826 عقدا بلغت حصة وزارة التربية والتعليم منها ما عدده 1125 عقدا وذلك انطلاقا من ايمان الوزارة بأن التعاقد المؤقت يعطي فرصة لتقييم الموظفين قبل تثبيتهم لضمان مساهمتهم في تحقيق استراتيجية الوزارة، مرجعا الأسباب الأخرى للتعاقد المؤقت إلى تعهدات الحكومة للمانحين في ظل الوضع المالي غير المستقر إضافة إلى عدم وجود شواغر وظيفية رغم الحاجة إلى موظفين لاسيما في وزارة التربية والتعليم فضلا عن عدم القدرة على إحلال الموظفين إلا في حالات المتقاعدين.
وأشار الريماوي إلى ان اهم إنجازات الديوان تمثلت في تخفيض عدد الوظائف الدائمة من 2394 عام 2013 الى 1640 وظيفة عام 2016 فضلا عن مطابقة بيانات الموظفين في الخدمة المدنية بين ديوان الموظفين والدائرة الحكومية ووزارة المالية وفق جدول تشكيلات الوظائف، مؤكدا على تشكيل لجنة عليا مكونة من مجلس الوزراء والديوان ووزارة المالية وان التعاقد المؤقت لا يتم الا تبعا لاحتياج الدائرة الحكومية بحيث يتم اعداد بطاقة وصف وظيفي للوظائف المدرجة على الجدول.
من جهتها اتفقت الباحثة القانونية بثينة سالم مع ما جاءت به الورقة بالحاجة الماسة الى مراجعة شمولية لما ينظم عملية التعاقد المؤقت، إضافة إلى ضرورة تخطيط الحكومة لضم موظفي العقود إلى قانون الضمان الاجتماعي في حال عدم انطباق قانون التقاعد العام عليهم
ووصفت سالم التطورات التي طرأت على واقع التوظيف المؤقت بالمتواضعة، مرجعة ذلك لعدة أسباب أهمها الفهم الخاطئ للتعاقد المؤقت، والعلاقة المشتتة وغير المتكاملة بين التشريعات، إضافة إلى الإصلاحات الحكومية التي ليس لها علاقة بالترشيد الامر الذي لم يؤسس لتدخلات تراكمية تبني سياسة سليمة للتعاقد في المستقبل.