رام الله - الاقتصادي - بغرض فحص بيئة النزاهة والشفافية والمساءلة في إجراءات وتدابير حماية المستهلك الفلسطيني من الأغذية الفاسدة، عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان جلسة استماع لمدير عام دائرة حماية المستهلك في غزة السيد زياد أبو شقرة، بهدف توفير مساحة التقاء للمواطنين وجهات الاختصاص للرد على استفسارات المواطنين وبحث وجهة نظر ائتلاف أمان التي قدمها في ورقة حقائق أعدها حول الموضوع.
جهود دائرة حماية المستهلك حثيثة ومتعثرة في آنٍ واحد بسبب ضعف الإمكانات
مدير عام حماية المستهلك السيد زياد أبو شقرة استهلّ حديثه بالتطرق للمرجعية القانونية لعمل دائرة حماية المستهلك والتي أوكلت لها مهمة الرقابة والاشراف على سلسلة الإمداد الغذائي لدائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد، بموجب قانون حماية المستهلك رقم 21 لسنة 2005 ولوائحه التنفيذية، مستعرضاً أهداف الدائرة التي تتسق مع أهداف قانون حماية المستهلك وتشمل حماية وضمان حقوق المستهلك بما يكفل عدم تعرضه لأية مخاطر صحية أو غبن أو خسائر اقتصادية، فضلا عن توفير السلع والخدمات ومنع الاستغلال والتلاعب في الأسعار، وحماية حقوق المستهلك في الحصول على سلع وخدمات تتفق مع التعليمات الفنية والإلزامية.
وبين أبو شقرة أن الدائرة تلتزم بتنفيذ كافة الإجراءات المترتبة على نصوص القانون، وتبذل جهدها في تنفيذ كافة مهامها وتحقيق أهداف حماية المستهلك العامة من خلال التنسيق مع دائرة المختبرات، ودائرة الموازين والمكاييل والدائرة القانونية، واستعرض آلية عمل الدائرة في الرقابة والتفتيش على المواد والسلع المستوردة والتي تبدأ من المعبر ومن ثم على المخازن والسوق المحلي. مشيراً إلى أن عمليات الإشراف والضبط الميداني تنفذ بشكل مستمر من قبل طواقم دائرة حماية المستهلك، التي تضبط كميات كبيرة من الأغذية الفاسدة المعروضة في المحلات التجارية والمنشآت التجارة المخالفة للمعايير والمواصفات القانونية، إلا أنها لا تستطيع ضبط كافة المواد الغذائية الفاسدة بسبب محدودية طاقم التفتيش في الوزارة وضعف الإمكانات المتوفرة لدائرة حماية المستهلك التي لا يتعدى عدد موظفيها 70 موظفاً على مستوى كافة المكاتب الرئيسية والفرعية في القطاع.
(التصالح الجنائي) من شأنه أن يفتح الباب للرشوة والمحسوبية والمحاباة في تطبيق الحكم
من الجدير ذكره أن ائتلاف أمان قدم ورقة حقائق عرضت فيها الخلفية القانونية لحماية حقوق المستهلكين مبينة موادها، ولوائحها التنفيذية التي أوضحت مهام دائرة حماية المستهلك التي تتمثل في متابعة الشكاوى التي يقدمها المواطنون، ومتابعة عمليات الرقابة والتفتيش على المواد الاستهلاكية ومراقبة الأسعار ومحاربة الغش وحالات الاحتكار والاستغلال، إضافة إلى القيام بدور إشرافي على سلسلة عمليات الإمداد الغذائي، والعمل على نشر الوعي بثقافة حماية المستهلك.
ورصدت ورقة أمان عدم التزام دائرة حماية المستهلك بكافة المهام المذكورة منها قيام وزارة الاقتصاد بنشر رقم مجاني يستقبل شكاوى المواطنين الخاصة بقطاع الأغذية لمعالجتها والرد عليها، إلا أن هذا الرقم غير مفعل وفقا لمدير عام الدائرة، ما يعكس ضعف جاهزية الوزارة للاستجابة للمواطن وضعف نظم المساءلة في الدائرة. من جانب آخر لم تقم دائرة حماية المستهلك بنشر تقارير دورية توضح آلية عملها، واكتفت بنشر تقارير انجاز غير دورية مرتبطة بمواسم الأعياد، فضلا عن عدم التزامها بتنظيم حملات توعية للمواطنين بشكل مباشر بهدف تفعيل دورهم في الابلاغ عن الأغذية الفاسدة أو المخالفات العامة من التجار، علاوة على ذلك فإن آلية عمل الدائرة لم تتضمن إجراء تقييم لموظفيها يقضي بتدريب وتطوير قدرات مفتشي حماية المستهلك إضافة إلى عدم بذل اية جهود تهدف إلى اعتماد أو تطوير مدونة سلوك أخلاقية تنظم عمل موظفي دائرة حماية المستهلك.
وتطرقت الورقة إلى التعديلات القانونية التي طرحتها اللجنة القانونية في المجلس التشريعي بقطاع غزة، في ورشة عمل شاركت في وزارة الاقتصاد وجهات الاختصاص الأخرى معتبرين أن النصوص القانونية السارية تعيق عمل حماية المستهلك ولم تعد تتلاءم مع ظروف غزة التي أفرزها الحصار. وبينت الورشة أن مضمون التعديلات استهدف الحد من احتكار التجار للسلع الأساسية وتغليظ العقوبات على جرائم الغش وبيع السلع الفاسدة ومنتهية الصلاحية، إضافة إلى منح الوزير المختص صلاحيات اتخاذ تدابير احترازية ضد التجار المخالفين ضمن ضوابط ومعايير قانونية، تتمثل في نص قانوني يقضي بمنح صلاحية تصالح وزارة الاقتصاد مع التاجر المتهم بإحدى الجرائم ضد المستهلك (بعقد تسويات مالية) ضمن محددات ومعايير قانونية وإجرائية تكفل الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
وفي هذا الصدد رأى ائتلاف أمان أن القانون الفلسطيني لم ينص إطلاقاً على مبدأ التصالح في مواد الجنح، وأن استحداث هذا النوع من العقوبات (التصالح الجنائي) من شأنه أن يفتح الباب للرشوة والمحسوبية والمحاباة في تطبيق الحكم إضافة إلى كون العقوبات غير رادعة.
وخلال رده على ما جاء في الورقة أكد أبو شقرة أن عدم تنفيذ الدائرة لكافة مهامها يرتبط بالدرجة الأولى بضعف إمكانيات الدائرة في تنفيذ حملات توعية للمواطنين، مقراً بضرورة تفعيل وحدة الشكاوى في الدائرة. وفيما يتعلق ببند التصالح الذي منحه التشريعي لوزارة الاقتصاد، بين أبو شقرة أن هذا المبدأ يتم اتخاذه من قبل الوزارة بناء على اختيار التاجر، وأن الوزارة تقوم بالتنسيق مع النيابة العامة فيما يتعلق باتخاذ قرار التسوية كقوبة رادعة، وبالتنسيق من جهة أخرى مع وزارة المالية لإيداع إيرادات التسوية المالية لديها.
فيما اوضح القانوني في وزارة الاقتصاد منذر صبيح في مداخلة له، كافة الإجراءات العقابية التي يكفلها القانون لحماية حقوق المستهلكين مؤكدا أن عقوبة التسوية المالية يتم فرضها بحد أدنى 500 شيقل وبحد أقصى 2000 شيقل وذلك بموجب حجم المخالفة الواردة من وحدة الضبط والتفتيش.
توصية بإفساح المجال للمجتمع المدني للتدخل في حماية المستهلك
من جهته اتفق السيد يوسف أبو سليمة عن ديوان الرقابة المالية والإدارية في قطاع غزة مع الملاحظات التي أثارها ائتلاف أمان مشيرا إلى أنها تتفق مع ملاحظات وتوصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية التي قدمها في تقريره الشهري لدائرة حماية المستهلك، واهمها أن الديوان لا يقبل باعتبار بند أو عقوبة التسوية المالية عقوبة رادعة وكافية في المخالفات الكبرى التي تمس شرائح كبرى من المواطنين كفساد اللحوم وفساد الدقيق.
بدوره أثار منسق العلاقات العامة في الاتحاد العام للصناعات الفسلطينية السيد محمد المنسي، نقطة تتعلق باتخاذ الوزارة لعقوبة تقع على التاجر في حال استيراد مواد غذائية ذات تواريخ في الثلث الأخير من صلاحيتها، إذا تسحب الوزارة كمية المواد الغذائية من التاجر وتقرر تحميله غرامة مالية ولكنها تعيد توزيع هذه المواد نفسها في السوق المحلي ليتم بيعها للمواطنين، أو توزيعها من خلال جمعيات خيرية دون أن ترفق بها نشرات توعية للمواطنين وأصحاب المحلات التجارية أو الجمعيات الخيرية لضرورة استهلاكها خلال أيام وذلك ما ينتج عنه بيع كميات من الأغذية الفاسدة منتهية الصلاحية، كما أوضح المنسي أن بند التصالح قد يكون مدخلا للرشوة وتضارب المصالح بالإضافة الي أنه قد يكون مدخلا لابتزاز التجار من قبل موظفي الوزارة.
ومن جانبه أكد مدير عام التخطيط في وزارة الاقتصاد بغزة الأستاذ أسامة نوفل أن طاقم حماية المستهلك بحاجة ماسة للتطور وأن ملف حماية المستهلك لا بد من ادارته باستقلالية تامة في العمل من قبل حماية المستهلك مع ضرورة استحداث هيئة عامة أو مجلس أعلى يجمع كافة الأطراف ذات العلاقة بالرقابة على قطاع الأغذية في جسم واحد ويفعل آليات الرقابة فيها.
وفي ختام الجلسة تركزت التوصيات على ضرورة تفعيل الدور الاشرافي والرقابي على سلامة الأغذية لضمان حماية المستهلكين، مع ضرورة خلق مساحة إيجابية تسمح للمجتمع المدني بتقديم توصياته بشكل مستمر لذوي العلاقة بحماية المستهلك والتي من شأنها أن تساهم في تطور إمكاناتها وقدراتها، واتفق المشاركون على توصية تقضي بتنسيق ائتلاف أمان مع كافة الأطراف الرسمية ذات العلاقة بالرقابة والاشراف على قطاع الأغذية لضمان التعاون مع المجتمع المدني وذلك بالتأسيس لتشكيل لجنة مجتمعية مدنية تتكون من المؤسسات الوطنية والأهلية التي تعمل في مجال حماية سلسلة الأغذية بشكل عام، بحيث تشارك في كافة الجهود التي تعزز حماية المستهلك على شاكلة المجلس الأعلى أو المجلس التنسيقي لحماية المستهلك.