ايرين كيلة - الاقتصادي - اذا كنت ممن يرغبون في التعرف على جنة عدن فهذه هي أهم ما ستلتفت إليه فيها...ما ان تفتح بابها وتدخل ستشم رائحة الطبيعة تفوح هنا وهناك ولون الخضار الذي يشع في المكان بفعل 22 صنفا من الأعشاب الطبية، واذا تمعنت اكثر حولك سترى عمالا وعاملات يعملون بجد واخلاص منذ الصباح حتى العصر،أما عن العقل المدبر للجنة ستتعرف إليه في السطور التالية.
قبل 10 سنوات وضع حجر الأساس لجنة عدن في قرية "التياسير" التي تتبع لمحافظة طوباس في الأغوار الشمالية كمشروع بسيط يستهدف التصدير لشركات صغيرة في البداية وفيما بعد أصبح شركة تقوم على زراعة وتجارة الأعشاب.
الإرادة الصلبة بذرة النجاح
لم يجلس موسى ضراغمة 49 عاما العقل المدبر لجنة عدن ويضع رجل على رجل بعد عدم تمكنه من استكمال دراسته في الجامعة نظرا للظروف الصعبة آنذاك،لكنه انطلق لسوق العمل وبدء دوامه كعامل في الأعشاب في مستوطنات الاحتلال التي استمر فيها لمدة 20 عاما حتى تمكن من اكتساب الخبرة اللازمة التي تؤهله من افتتاح مصلحة خاصة في ذات المجال،وفعلا أسس شركة أصبحت تنافس على مستوى عال في جودة المنتج والكفاءة.
"ان الارداة الصلبة والتخطيط الدقيق في الحياة يقود الانسان لكل طموحاته وأهدافه ولا شيء مستحيل"هذا ما قاله ضراغمة عند سؤاله عن أساس نجاح شركته رغم الصعوبات التي يواجها وأهمها الاحتلال الذي يشكل له تهديدا مباشرا له.
تهتم الشركة بكل مراحل تصنيع 22 صنفا من الأعشاب بدءا من الزراعة في البيوت البلاسيكية أو بدونها بحسب حاجة النباتات نفسها حتى بلوغها الطول المناسب وقصها يدويا وتخزينها وتعبئتها في الصناديق ومن ثم تجميعها لشحنها وتصديرها للخارج.
يذكر انه يتم اسبوعيا تصدير 20 طنا و700 سنويا من الاعشاب المختلفة منها:الريحان النعنع والزعتر والمرمية والبقدونس والكزبرة والجرجير وغيرها الكثير إلى دول العالم أهمها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 40% ودول أوروبا بنسبة تبلغ 30% وما تبقى لروسيا وأكرونيا.
"يزداد الطلب على الشركة يوما بعد يوم وهذا مشجع لنا على تلبية رغبة الزبائن وطلابتهم الأمرالذي يعود بالفائدة في المقام الأول على الاقتصاد الفلسطيني ودعم المنتج المحلي ومنافسة منتجات الإحتلال".يضيف ضراغمة.
جنة بلا رعاية
رغم النجاح الذي تحققه الشركة والاسم الذي ذاع صيته عبر سبعة معارض دولية مختلفة مثل برلين وروسيا وجورجيا، الإ انها تفتتقد إلى الرعاية الحقيقية والداعمة لها من قبل وزارة الاقتصاد والزراعة بحسب ما يرى ضراغمة الذي قال "ان دور ضعيف في دعمنا والوقوف إلى جانبنا"وناشد بالتطلع لما حققته الشركة وخاصة انها استطاعت الانتقال إلى السوق العالمي قبل المحلي، وبذل جهد أكبر ودعا لتفعيل دور القنصليات في الخارج وخاصة في ما يخص ادخال منتجات الشركة عبر الدول المختلفة وحل بعض العراقيل التي تواجهها.
وعن مستقبل الشركة يؤكد ضراغمة انه يستثمر في أكثر من خمس مناطق زراعية تمتد من أريحا حتى طولكرم وقلقيلية وحسب الخطة بعد سنوات ستغطي هذه الاستثمارات كل الضفة، واضاف انه يسعى لتصدير المنتجات لكل دول العالم دون استثناء ويعتبر ان شركته لا تعرف حدود معينة.
مطبات
من الطبيعي ان يمر كل مشروع في صعوبات تشكل عقبة أمام تحقيق أهدافه وجنة عدن أحد المشاريع التي تأثرت بتحديات حسب ما وصفها ضراغمة بالطبيعية والمتمثلة في "الطقس"وأثره على زراعة الأعشاب، والعقبة الاكبر هو الاحتلال الذي يغلق المعابر ويمنع دخول وخروج البضائع هذا عدا عن تهديدات المستوطنين.
يذكر ان المستوطنين يستغلون الأرض زراعيا في منطقة البقيعة ويمنعون المواطنين من ذلك.
تغيب منتجات الشركة عن السوق المحلي الفلسطيني عقبة أخرى بنظر ضراغمة باعتبار ان سعر البضائع فيه رخيصة مقارنة بالخارج وكون الاحتلال ، يحتكر مجال تجارة الأعشاب.
يد واحدة لا تصفق
تشغل الشركة نحو 300 إلى 400 عامل وعاملة وتوفر لهم مصدر دخل اذا يقول ضراغمة ان املك 400 دونم وكل دونم يزرع فيه أعشاب يحتاج عاملا.
طلال القاضي 21 عاما طالب جامعة يدرس تخصص التربية سنة ثالثة في طوباس يعمل في مصنع "جنة عدن" ليجمع مصروفه اليومي.يقول،"انه يحب العمل في المصنع ويوفر من خلاله مصروفه الذي يحتاجه أي طالب جامعة ما زال يلتحق في صفوف الدراسة من ناحية ويخفف عبء على الأهل وفي ذات الوقت الاعتماد على النفس".
أما هنية فارس 52 عاما وهي عاملة في المصنع منذ 6 سنوات، مهمتها الأساسية في المصنع تختص في قسم تعبئة الأعشاب المختلفة وتغليفها قبل شحنها للدول العالم.
تقول هنية "انها اختارت العمل في هذا المصنع كونها بحاجة لدخل اضافي تساعد زوجها من خلاله في تعليم أولادها الخمسة وتشجع كافة النساء غير عاملات على الانخراط في سوق العمل في أي مجال كان لاثبات نفسها وتطوير قدراتها".