غزة – فلسطين اليوم - يواجه الشباب الموهوبون في قطاع غزة أزمات عدة أبرزها قلة الاهتمام والإدارة والتمويل وغياب رعاية كافية من الهيئات الحكومية والمؤسسات الأهلية, ورغم تلك المعوقات التي أثرت على شريحة كبيرة منهم إلا أن غزة لازالت ولادة بكثير من المبدعين.
الفتى الفلسطيني عمر النجار (16عام) من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة, بإمكاناته البسيطة, التي اقتناها من مصروفه الشخصي المتواضع استطاع ابتكار طائرة "هليوكبتر" صغيرة وتشغيلها لاسلكيا بأبسط التقنيات.
النجار في حديثه لـ"فلسطين اليوم" يقول: "القصة بدأت عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن معرضها الأول بعنوان: (علماء من تحت الركام), فتوجهت لمعلمي في المدرسة وطرحت عليه فكرة عمل طائرة هليوكبتر فوافق عليها, خاصة أننا في منهاجنا ندرس مبدأ (بارنولي) وهو المرتكز الحقيقي في فكرة عمل الطائرة".
تصميم الطائرة العمودية جاء وفقاً لمبدأ (بارنولي)
يشار أن مبدأ (بارنولي) يرتكز المصممون عليه في ابتكار الطائرة, وتقوم فلسفة المبدأ على أنه كلما زادت السرعة قل الضغط؛ الأمر يزيد من فعالية تحليق الطائرة بشكل ذاتي، وتستخدم القاعدة عند البدء بتصميم أجنحة الطائرة، بحيث يعطى انحناءة عند السطح العلوي للجناح، بحيث تجعل الهواء ينساب على السطح بسرعةٍ أكبر من سرعة الهواء عند السطح السفلي له، وبالتالي يكون الضغط للهواء في الجزء الأسفل للجناح أكبر من الجزء الأعلى منه، وهنا تحلق الطائرة للأعلى بسهولةٍ ويسر.
ولفت الفتى النجار أنه بعد اكتمال الفكرة في عقله, بدأ بالبحث عن طائرة صغيرة والموجودة في محلات ألعاب الأطفال لمقارنتها والاستفادة منها, ثم جمع أدوات بسيطة ومتاحة في السوق, والتي من بينها قطع الفيلين كمادة أساسية في بناء هيكل الطائرة, وبعد التصميم الهيكلي كانت مهمته ليبدأ بتصميم أجنحة للطائرة وفق حسابات دقيقة جداً؛ لافتاً أن أي خلل في الحسابات سيعمل على إفشال الهدف المرجو.
وتعد مادة الفلين إحدى المواد التي تستخرج من لحاء شجر (بلوط الفلين)، وهي مادّة إسفنجية خفيفة الوزن، ومن ميزاتها مقاومة الماء وعدم تسربه للداخل, ويمكن ضغطها إلى حد كبير، غير أنها تعود إلى حالتها الأولى بعد أن يزول الضغط.
وأضاف النجار: "بعد تصميم الطائرة عرضناها في المعرض, والذي حضره لفيف كريم من الشخصيات المهمة في خانيونس, وعدد كبير من طلبة الجامعات, ولاقت هذه الفكرة الإعجاب الشديد, خصوصاً أنها طائرة بسيطة قمنا بتسييرها في المعرض ونجحت في مهمتها!".
النجار: غزة مقبرة المبدعين وفئة الشباب بحاجة إلى من يدعم طاقاتهم ومواهبهم
وأكد النجار في خضم حديثه أن الطائرة صممت بإمكانات متواضعة, لعدم وجود دعم أو تمويل أو اهتمام لمثل هذه الأفكار؛ واصفاً الوضع في غزة بـ"مقبرة المبدعين".
ودعا النجار في ختام كلمته مؤسسات المجتمع المدني والمحلي, ومن قبلهم الحكومة ومؤسساتها إلى البحث عن الموهوبين ودعمهم وتوفير الدعم الكافي لهم, فهذه الأفكار بحاجة إلى تبني حتى تلاقي النور, وهي في النهاية ستفيد البلد.
والمثير للاهتمام طموح ذلك الفتى الذي قال حول إمكانية تطوير الفكرة "مستعدون لعمل طيارة هيلوكبتر بأحجام أكبر من التي صُنعت".
وتُعرف الموسوعة العالمية "ويكبيديا" طائرة الهليكوبتر الحربية والمدنية أنها عبارة عن آلة ميكانيكية لديها القدرة على الطيران والارتفاع عن الأرض بمساعدة ريشتين أو أكثر من الريش المثبتة أعلى بدنها والتي تمنحها القدرة بدورانها حول محورها على الارتفاع والتحليق في الجو, وتعرف بأسماء عدة منها الحوّامة أو الطائرة العمودية أو الطوافة أو الطائرة السمتية.
وكانت خزاعة والتي ينتمي لها الفتى النجار, تعرضت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع لمجزرة بشعة، أدت لاستشهاد العشرات من أبناء البلدة، وإصابة المئات واعتقال العديد من سكانها، حيث نفذت قوات إعدامات ميدانية بحق المواطنين واستخدمت السكان المدنيين دروعا بشرية لتغطية على جرائمها البشعة؛ مع الإشارة ان سلاح الجو الإسرائيلي كان أبرز المشاركين في الجريمة.