يبلغ متوسط استخدام الفرد الأميركي حوالي 20 غالوناً (حوالي 90 لتراً) من معجون الأسنان على مدار حياته،
وأوضحت إحدى الدراسات الحديثة التي أجراها معهد النماء (كونركوبيا)، غير الهادف للربح والذي يعنى بدراسة أفضل الممارسات البيئية، أن علينا القلق بشأن التعرّض للمكونات السامة الموجودة في معاجين الأسنان.
إذ تُمتَص المواد الكيميائية الموجودة في معجون الأسنان بسهولة من خلال الغشاء الذي يبطن الفم (الغشاء المخاطي للفم)، ما يعني أنك تتعرض لقدر من الامتصاص سواء ابتلعت المعجون أم لا، وتزداد الخطورة بالنسبة للأطفال، بسبب ابتلاعهم لمعجون الأسنان عادةً.
حين نستخدم منتجات العناية الشخصية، نفترض أننا اخترناها آمنة ولن تسبب لنا أي أضرار، لكن ذلك قد يكون افتراضاً خاطئاً.
فعلى العكس من المستحضرات الصيدلانية التي تنظمها إدارة الأغذية والأدوية الأميركية، تعمل صناعة التجميل، وما تتضمنه من منتجات العناية الشخصية مثل الشامبو ومعجون الأسنان ومنتجات العناية بالشعر، دون رقابة أو تدقيق من منظمة الأغذية والأدوية، ولا يسمح للهيئة الرقابية لمراقبة المنتجات أو سحبها، ولا تُطالب هذه المنتجات بذكر جميع مكوناتها حتى، وبدلاً عن ذلك، تقوم الصناعة، التي تبلغ قيمتها حوالي 71 مليار دولار، بتنظيم نفسها، وهو ما يسفر عن نتائج رائعة!
يؤدي التنظيم الذاتي إلى فروقات مذهلة بين المنتجات التي تُباع في الولايات المتحدة وتلك المباعة في كندا وأوروبا واليابان حيث تخضع منتجات العناية الشخصية للمزيد من الرقابة.
يقول مارك كاستيل من معهد كورنكوبيا لدينا نظام رقابي ضعيف في الولايات المتحدة، مقارنةً بأوروبا وغيرها من الدول الصناعية، فيما يتعلق بتقييم المركبات الصناعية في طعامنا ومنتجات العناية الشخصية، ويضيف أيضاً أن الدول الأخرى تعمل على اتباع (مبدأ الوقاية)، والتأكد من أمان المواد الكيميائية قبل التصريح باستخدامها.
أما في نظامنا الحكومي، الذي تهيمن عليه الشركات وتمويلها لحملات الكونغرس وتوظيف جحافل من جماعات الضغط والمحامين، فلا نصل لتقييم المواد الكيميائية الخطرة إلا بعد وصولها إلى مجرى الدم لدينا بالفعل.
وعلى سبيل المثال، فمن بين 12 ألف مكون مستخدم في مستحضرات التجميل، -معظم أسمائها غير مفهومة للمستخدم العادي-، يحظر استخدام 11 منها فقط في الولايات المتحدة مقارنة بما يزيد على 1300 مكون في أوروبا.
وفي العام الماضي 2015 اقترحت عضوات مجلس الشيوخ ديان فاينشتاين عن كاليفورنيا وسوزان كولينز عن ماين قانوناً لسلامة منتجات العناية الشخصية، ويقضي بأن تبدأ إدارة الأغذية والأدوية في تنظيم منتجات العناية الشخصية، "لكن حتى في حال إقرار هذا القانون في نهاية المطاف، فستحتاج إزالة المكونات السامة لأعوام طويلة" .
في الوقت نفسه تظهر المواد الكيميائية الممنوعة في الخارج في المنتجات الأميركية التي يستخدمها الأميركيون يومياً.
إذ يستخدم الرجل في المتوسط حوالي 7 منتجات للعناية الشخصية يومياً، من ضمنهم معجون الأسنان، وهي تحتوي على 85 مركباً كيميائياً، بينما تستخدم المرأة في المتوسط حوالي 12 منتجاً تحتوي على حوالي 168 مركباً كيميائياً، وكذلك المراهقة التي تستخدم حوالي 17 منتجاً تحتوي على ما يزيد على 200 مركب كيميائي.
وهو ما يُعد تعرضاً ضخماً لمركبات قد تكون سامة، على الأقل مقارنة بالدول الصناعية الأخرى محل الاهتمام.
ويوضح كاستيل أنه لا يجب أن ينخدع الشخص بعلامات معاجين الأسنان التي تشير إلى أنها "طبيعية"، فهذه العلامات بلا معنى، ولا تستبعد إمكانية وجود المواد الضارة.
في الحقيقة، تعود ملكية بعض معاجين الأسنان "الطبيعية" إلى نفس الشركات المنتجة للمعاجين التقليدية (تمتلك كولجيت على سبيل المثال Tom’s of Maine).
في مطلع القرن الماضي، احتوى معجون الأسنان على ألوان طعام طبيعية مُستخرجة من النباتات، لكن الألوان الصناعية بدأ تطويرها من مصادر نفطية، وجرى التخلص من الصبغات الطبيعية بسبب ارتفاع تكلفتها.
وتحتوى الأصباغ الاصطناعية على ما يصل إلى 10% من الشوائب، ومن ضمنها الرصاص والزرنيخ والزئبق وغيرها من المواد المسببة للسرطان.
كما أشارت بعض الدراسات أيضاً إلى العلاقة بين الأصباغ الاصطناعية والمشاكل السلوكية لدى الأطفال، وحتى معاجين الأسنان الطبيعية التي لا تحتوي على ألوان صناعية، قد تحتوي على أكاسيد بعض المعادن مثل الزنك والتيتانيوم والحديد.
تمتلئ معاجين الأسنان التقليدية و"الطبيعية" بالعديد من المكونات الأخرى المشكوك في أمرها، ومن بينها:
الكاراجينان: مادة مضافة مستخرجة من أعشاب البحر وتستخدم كمكثف، ويتسبب الكاراجينان في التهاب الأمعاء، وهو ما يُحتمل أن يؤدي للإصابة بالسرطان.
داي إيثانول أمين (DEA): مركب يستخدم لصنع رغوة معجون الأسنان.
وتبين أنه يتسبب في تهيج العين والبشرة، كما اكتشف ارتباطه بسرطان الكبد لدى الفئران.
الفلورايد: معدن يستخدم في معجون الأسنان لتقوية مينا الأسنان والمساعدة على منع التسوس.
وعلى الرغم من قدم الجدال حول أمان الفلورايد، إلا أنه من المعلوم سُميَّته، كما يمكنه التسبب في تلون الأسنان ووجود الحفر في طبقة المينا.
وربطت بعض الدراسات بينه وبين سرطان العظام لدى الرجال، والتسمم الهيكلي بالفلور، بل واختلال وظائف المخ.
المواد الحافظة التي تفرز الفورمالديهايد: هناك قائمة طويلة من المواد الكيميائية المستخدمة في حفظ معجون الأسنان.
تطلق هذه المواد كميات صغيرة من الفورمالديهايد الذي يمكن امتصاصه عبر الغشاء الفموي. ويتسبب الفورمالديهايد بتهيج العين والبشرة، كما يمكن أن يؤدي إلى الحساسية، وهو أحد المواد المسرطنة المعروفة.
المواد المستخرجة من الكائنات المعدلة وراثياً: وتتضمن الجلسرين والزيليتول والسوربيتول وليسثين وصمغ الزانثان وحمض الستريك ومالتوديكسترين.
ومثل الفلورايد، لطالما كانت المواد المعدلة وراثياً مثار جدل واسع فيما يتعلق بسلامتها.
البارابين: يُستخدم كمادة حافظة، كما يُستخدم في المنتجات العطرية.
تتصرف هذه المركبات مثل هرمون الإستروجين، ويُشتبَه في تسببها باختلال الغدد الصماء، هو ما يُظَن أنه قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وغيره من مشكلات النمو والصحة الإنجابية.
وتستمر القائمة طويلاً: البولي إيثيلين جلايكول، البروبيلين جليكول، كبريتات لوريل الصوديوم، كبريتات لوريث الصوديوم، التريكلوسان وآخرين، أضف لهذه المواد مختلف المواد الكاشطة والمنظفات والمنكهات والمبيضات التي ترتبط جميعاً، بشكل أو بآخر، بمشكلات صحية محتملة.
ومن المهم الإشارة أيضاً أن لجميع هذه المكونات أنصارها ومعارضيها، سيشير أنصارها إلى أن العديد من الدراسات التي تربط بين هذه المواد الكيميائية والمشكلات الصحية هي دراسات جرت على نطاق ضيق، أو معيبة أو أُسيء تفسيرها.
كما أن استخلاص النتائج المتعلقة بصحة الإنسان من إجراء الاختبارات على الحيوانات لا يتصف باليقين.
أما بالنسبة للمستهلك المهتم، الذي قد لا يرغب في ترك صحته أو صحة أطفاله للصدفة، فهناك طرق لتجنب إدخال المكونات التي يُحتمل سميَّتها إلى مناطق الجسم التي تمتصها بسهولة.
يشير كاستل إلى أن "فرق التكلفة السنوية بين شراء المنتج العضوي الأكثر أماناً مقارنة بالمعجون المتوافر في السوق بكثرة، هو فرق شديد الصغر وأعتقد أنه يستحق الاستثمار فيه".
يمكن لبعض معاجين الأسنان العضوية أن تساعدك في غسل أسنانك دون تعريض صحتك للخطر، أو يمكنك صناعة معجون الأسنان الخاص بك.
الأهم من ذلك هو تعبيرك عن مخاوفك وقلقك، إذ إن شركات العناية الشخصية، بسبب تنظيمها الذاتي، تستجيب للمحصلة النهائية.
فإذا كانت المبيعات جيدة، فما من سبب لتغيير طريقتها، لكن لو اشتكى المستهلكون من الأمور التي تقلقهم، داعمين شكواهم بعدم شراء المنتج إلى أن يتم تغييره، فمن المؤكد أن الشركات ستستجيب.
وكالات