وحدهما في الغرفة، فقد التصقت به ولم تتركه، أو بالأحرى هو من تمسك بها طيلة السنوات الماضية، حتى أصبحت جزءا منه تسري بها دمائه.
سنوات مرت عليه ولم يجد مؤنسا لروحه مثلها، رغم صمتها المطبق وما تثيره من توتر أحيانا، إلا أنه لم يفكر يوما بانتزاعها، تحديدا كما لم يفكر يوما أنها ستكون سببا بانتصاره بمعركة لم يعتقد أنه سيخوضها.
وفي 15 حزيران، ضبط بلال كايد (34 عاما)، ساعته من نوع "Casio" البلاستيكية السوداء ذات الأصول اليابانية، وهي بالمناسبة الساعة الوحيدة التي تسمح إدارة سجون الاحتلال للأسرى باقتنائها.
لتصبح "Casio" تعد لبلال أيام إضرابه، حتى لو تدهورت صحته أو فقد وعيه لفترة طويلة، أو حتى بدأ ينسى، تفطنه هي.
"كلما عدت له الساعة 10 أيام، يقوم بإعادتها للصفر، وما أن تعد له 10 أيام جديدة حتى يعيد الكرة .. فقد كان كل 10 أيام يجدد لنفسه نيته بالاستمرار بالإضراب"، تروي فرح ديابسة محامية بلال من مؤسسة الضمير، التي انتزعت قرارا يمكنها من زيارته كل يومين.
وما أن كانت تدخل الغرفة، كانت تتفاجأ فرح بعزيمة بلال وإصراره وكأنه لتوه دخل الإضراب عن الطعام، "في اليوم 71 على إضرابه، كان يظهر على ساعته أنه مضرب منذ 18 يوما … بلال كان حريصا أن يحافظ على نفسيةٍ متماسكة ومعنويات عالية" تقول فرح، فبلال وجد هذه الطريقة كمحفز له على الاستمرار في إضرابه حتى تحقيق مطالبه.
واضافت فرح، "لم أقلق على بلال سوى مرة واحدة عندما نقل إلى العناية المكثفة.. فقد كان في كل الأيام قويا ثابتا وواثقا وأنه سيصل لمطالبه ولم يهتز لتهديدات مخابرات الاحتلال وتخويف الأطباء المتعمد".
واشارت فرح انه بعد إعلان بلال الإضراب عن الطعام تهرب الاحتلال من مفاوضته، كوسيلة لكسر عزيمته ليعرض عليه بعد 14 يوما من إضرابه، الإبعاد خارج الوطن للأردن حتى أربع سنوات، وهو ما رفضه بلال حتى آخر يوم من إضرابه.
"بدا واضحا أن قضاة الاحتلال يوم الاثنين الماضي ضغطوا على المخابرات والنيابة الإسرائيلية التوصل إلى اتفاق، حيث أن قضية بلال غير مسبوقة ولا يوجد قرارات قانونية تعتمد عليه المحكمة للبت في قضيته"، مؤكدة فرح على أنه تم انتزاع قرارا جوهريا يمنع تمديد الاعتقال الإداري لبلال الذي سيعانق الحرية في 12 كانون أول القادم.
المصدر: شبكة القدس الاخبارية.