لم يعد يخفى على أحد أن أسعار العقارات في أوروبا، لاسيما في فرنسا والمملكة المتحدة تتسم بالطابع "الجنوني"، إذ إن وتيرة ارتفاعها تتفوق على ارتفاع متوسط دخل الأسر منذ 15 عاماً، ما تسبب بأضرار اجتماعية كارثية وفي مقدمتها ارتفاع مديونية الأسر.

وتتصدر بريطانيا قائمة الدول الأوروبية من حيث مستويات المديونية، إذ إن الأسر البريطانية المالكة للعقارات تكبدت ديوناً بنحو 82.53 ألف يورو كمعدل متوسط في 2015، بحسب دراسة أجراها البنك العقاري، وهو ضعف المعدل الأوروبي ( 41.1 ألف يورو) بما في ذلك الأسر الفرنسية، حيث بلغ متوسط المديونية لديها 47.1 ألف يورو.

وفي مقارنة بسيطة، يتبيّن أن متوسط فترة الائتمان هو أطول في المملكة المتحدة حوالي 25 عاماً، في حين لا تتعدى 19 عاماً في فرنسا.

وبحسب تقرير نشر في صحيفة "لو موند" الفرنسية واطلعت عليه "العربية.نت"، فإن 25% من الدخل في بريطانيا يندرج ضمن خانة النفقات السكنية، في حين أنها لا تتجاوز 18% في فرنسا، بينما متوسط مساحة المسكن في فرنسا هي أكبر بنسبة 35٪ مقارنة ببريطانيا أيّ 102 متر مربع مقابل 76 مترا مربعا، الأمر الذي يعطي صورة واضحة عن الأسعار الجنونية للعقارات البريطانية لاسيما السكنية منها رغم صغر مساحتها.

11 عاماً لتملك عقار في بريطانيا!

وأوضحت دراسة أجرتها شركة الاستشارات "ديلويت"، نشرت في يوليو الماضي، أن البريطانيين يخصصون ما يعادل 11 عاما من الدخل لتملك عقار بمساحة 70 مترا مربعا، في حين تنخفض المدة الزمنية إلى 8 سنوات في فرنسا، و3 سنوات و3 أشهر في ألمانيا تماماً كالهولنديين والبلجيكيين.

وكانت الزيادة في أسعار العقارات بين عامي 2003 و 2015 ، بنسبة 63% في المملكة المتحدة، مقابل 50% في فرنسا ووصلت إلى حدود 113% في لندن.

ويعزى ذلك جزئيا إلى انخفاض مستوى البناء في سوق العقارات في المملكة المتحدة، التي شهدت إنشاء 167 ألف وحدة سكنية في عام 2014، بينما أنشأت فرنسا حينها نحو 352 ألف وحدة سكنية أي حوالي الضعف، وهذا ما ينطبق على قوانين السوق من حيث العلاقة العكسية بين العرض والسعر.

ومما لاشك فيه أن أسعار العقارات المرتفعة تشكل عائقاً أمام الأسر للتملك لاسيما في المملكة المتحدة، حيث لا تتجاوز نسبة ملاّك العقارات 64%، في 2016 من إجمالي الأسر بعدما وصلت إلى 71% في 2003.

هذا التراجع في عدد المالكين متفاوت بين المدن البريطانية، حيث يتسم بالحاد كما في مدينة مانشستر، حيث انخفض عدد أصحاب العقارات من 72% في 2003 إلى ما دون 58% في 2016، والنسب عينها تنطبق على ضواحي لندن.

تملك المنازل نحو التعثر!

هذه العوامل التي تقف حجر عثرة أمام الأسر في التملك انعكست أيضاً على الفرنسيين حيث لجأ 17% فقط من الأسر إلى الاقتراض بهدف الشراء في 2016، مقابل 23% في عام 1994.

وإذا كانت نسبة المديونية لدى الأسر الألمانية هي في نفس المستوى كالفرنسيين، غير أن الوضع العقاري بلا شك عنصر رئيسي في قدرتها على المنافسة على جميع الجبهات وأفضل حالاً نسبياً.

إذ على الرغم من إنفاق الأسر نحو 27% من ميزانيتها على السكن، مقابل 18% في فرنسا، غير أن مساحة العقارات في ألمانيا تتسم بوسعها إلى حوالي 107 أمتار مربعة، ونسبة المالكين لا تقل عن 53%.

يذكر أن أسعار الإيجار في ألمانيا قفزت ما بين عامي 2004 و 2015، بنسبة 51% في برلين و40% في ميونيخ، في حين أن أسعار المبيعات قد ارتفعت بنسبة 44 % في برلين ، بين عامي 2009 و 2014، و 52% في عاصمة ولاية بافاريا.

ويرجع ذلك إلى النقص الحاد في الوحدات السكنية حيث تم إنشاء 309 آلاف وحدة سكنية فقط في 2015، مقابل 81 مليون نسمة من الكثافة السكنية.

 

 

 

العربية نت