لم يعد عمل المرأة في مصر يقتصر على الأعمال الخفيفة أو المنزلية، أو الوظائف الحكومية والقطاع الخاص فقط، لكنها امتدت لتزاحم الرجل في العديد من المهن الشاقة، والتي كان الرجل يحتكرها منذ وجودها.

في مصر فقط بين دول المنطقة العربية، تزاحم المرأة في مهنة النجارة وتشارك في تصنيع الأثاث والديكورات، والحدادة التي تعتبر من المهن الشاقة، وربما لم يكن يتخيل الرجل أن تزاحمه المرأة في هذه المهنة الصعبة.

حيث وجدت السيدة "أمل" نفسها لا تملك أي اختيار عقب وفاة زوجها الذي كان يمتلك ورشة حدادة بإحدى المناطق الشعبية بالقاهرة، سوى الوقوف في ورشتها لتصنع أشكالا متنوعة من الحدادة تبدأ بالسكين وكيفية سنه وصقله، ورغم صعوبة هذه المهنة لكن "أمل" تمكنت من أن تدير ورشتها وتواصل حياتها في تربية أبنائها وتعليمهم من خلال عائد هذه المهنة.

الغريب أن تزاحم المرأة في مهنة الجزارة، وهي المهنة الأكثر صعوبة ومشقة وتحتاج إلى مجهود كبير لكن هناك من سيدات مصر من التحقن للعمل بهذه المهنة خلال الفترات الماضية.

والأغرب من ذلك أن يصبح أشهر جزار بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة هو فتاة لم تبلغ عامها العشرين بعد، وحصلت على لقب "عبد الشافي" بسبب عملها في الجزارة وهي في سن الثانية عشرة بعد أن ورثتها أبا عن جد، حيث يعد والدها من أكبر الجزارين في منطقة المغربلين في حي الدرب الأحمر بالقاهرة.

أيضاً في مصر مثلما يوجد سباك يقوم بتجهيز الوحدات السكنية الجديدة بالأدوات الصحية والمطابخ، هناك سيدات يقمن بهذا الدور، بل إن أشهر سباك في حي الجمالية الذي يعد من الأحياء الشعبية بالقاهرة هو سيدة تدعى الحاجة أم أحمد والتي يتوافد عليها الزبائن بسبب دقة عملها وحرصها على تطوير أدواتها، وأصبحت من ملاك أكبر محال الأدوات الصحية بالمنطقة على مدار نحو 20 عاماً عملت فيها كسباكة.

بخلاف هذه المهن، تمكنت المرأة المصرية من أن تعمل في مجال إصلاح السيارات، بل إن فتاة عشرينية التحقت بهذه المهنة، والغريب أنها تنتمي لإحدى محافظات صعيد مصر التي لا يلقى عمل المرأة فيها قبولاً، لكن "لقاء الخولي" تمكنت من أن تصبح من أشهر من يعملون في مجال إصلاح أعطال السيارات بمحافظة الأقصر.

ومثلما عملت المرأة كسائقة سيارة، أيضاً أصبحت سيدات وفتيات بمصر يعملن كسائقات "توك توك"، وهو الوسيلة السهلة في الانتقال في المناطق الشعبية والتي انتشرت بنسب كبيرة خلال الأعوام الأخيرة، لتصبح هذه المهنة بديلاً عن البطالة لملايين الشباب.

بدأت مهنة "سائقة توك توك" من منطقة حدائق القبة بالقاهرة، ثم انتقلت إلى أحياء شعبية أخرى مثل منطقة فيصل والطالبية، والغريب أن هناك سيدات منتقبات التحقن بهذه المهنة رغم صعوبة تعاملها مع وسط السائقين سواء من أصحاب سيارات الأجرة أو الشباب العاملين كسائقي توك توك.

ومثلما تنتشر مهنة "ماسح الأحذية" في شوارع القاهرة، بدأت السيدات يزاحمن الرجال في هذه المهنة خلال السنوات الماضية، ولم يعد الأمر يقتصر فقط على الرجال ولكن اقتحمت السيدات هذه المهنة مؤخراً وأصبحت "أم حسن" من أشهر ماسحي الأحذية بمنطقة إمبابة بالجيزة.

ورغم أن "أم حسن" من أصول صعيدية لكن ظروف الحياة بعد وفاة زوجها أجبرتها على البحث عن عمل، ولم تجد أمامها سوى هذه المهنة التي تمكنت من خلال عائدها تربية أبنائها الخمسة وتعليمهم ليتخرج ابنها الأكبر من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والثاني كلية سياحة وفنادق، والثالث حصل على بكالوريوس هندسة، والرابعة حصلت على معهد تمريض، والأخير يدرس بالثانوية العامة.

ونظراً لانتشار عربات الفول التي تشتهر بها شوارع القاهرة والجيزة بعد منتصف الليل، اقتحمت المرأة هذا المجال، وأصبحت "عائشة" من أشهر ملاك عربات الفول بمنطقة الطالبية بالجيزة، والتي أصبحت من علامات المنطقة التي تتواجد بها.

أيضاً أصبحت مهنة البائع المتجول من نصيب الفتيات، حيث تعمل في هذه المهنة العديد منهن لا تتجاوز أعمارهن العشرين عاماً، حيث يتجولن ببعض البضائع والمنتجات الخفيفة على المقاهي بحثاً عن "الرزق".

 

 

 

العربية نت