أظهرت دراسة أعدها معهد "كولونيا" للأبحاث الاقتصادية في ألمانيا، أن الدول الأوروبية ستخسر جزءاً كبيراً من رفاهها وثروتها، إذا ما تم استثناء مساهمة عواصم تلك الدول في الناتج المحلي الإجمالي.

وتعد العواصم شريان الاقتصاد كما السياسة بالنسبة للدول الأوروبية، والأرقام التي كشفت عنها الدراسة الألمانية تعتبر ذات دلالة كبيرة على مدى الثقل الاقتصادي لأنشطة العواصم الأوروبية، إذا ما علمنا أن ربع الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا هو نتاج الحركة الاقتصادية للندن، أما في فرنسا فمساهمة باريس أكبر، حيث يتم إنتاج ثلث ثروة البلاد في العاصمة الفرنسية وحدها، وفقاً لما نقلته صحيفة "La Tribune" الفرنسية.

الدراسة التي استندت إلى بيانات مركز الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، أظهرت أيضاً أن اليونان أكثر بلد أوروبي يعتمد على عاصمته اقتصادياً، إذ توقعت الدراسة أن يتراجع نموه الاقتصادي بواقع 20%، إذا ما أزيلت مساهمة أثينا في الناتج المحلي الإجمالي، نظراً لاعتماد الاقتصاد اليوناني على التجارة الخارجية وبالتالي الموانئ الرئيسية التي تنفرد بها العاصمة.

وتأتي فرنسا في المرتبة الثانية بانخفاض متوقع يقدر بـ15% من الناتج المحلي الإجمالي إذا ما أزليت باريس، حيث يعيش خمس سكان البلاد، من حسابات الاقتصاد، ثم تليها جمهورية التشيك دون عاصمتها براغ بـ14%، فالبرتغال دون لشبونة بـ13.7%، تتبعها 3 عواصم لدول اسكندنافية هي الدنمارك وفلندا والسويد، فيما تأتي بريطانيا في المرتبة الثامنة بخسارة متوقعة تفوق 11%، مع وجود مدينة أخرى رافدة للاقتصاد هي برمنغهام التي تحتل المرتبة الثانية من حيث الأهمية في بريطانيا.

المفاجأة الوحيدة في التصنيف، كانت ألمانيا، التي أظهرت البيانات أن عاصمتها برلين لا تساهم سوى بـ4% من الناتج المحلي الإجمالي، حتى إن إلغاءها من حسابات الدخل سيؤدي بالعكس إلى زيادة الثروة الألمانية بواقع 0.2%، بحسب الدراسة، الأمر الذي يفسر بتقليص مصاريف ذات علاقة بالتعديل الضريبي والهبات التي تقدمها الحكومة الفيدرالية لدعم الاستثمارات في العاصمة.

وإن كشفت الدراسة عن ضعف الثقل الاقتصادي للعاصمة الألمانية التي تشكل استثناءً أوروبيا، فإنها تلقي الضوء في المقابل على النموذج الفيدرالي للاقتصاد الألماني الذي تلعب فيه الشركات العائلية المعروفة بـ mittelstand والمشهورة بولائها للمصالح الألمانية، ثقلاً يفوق ثقل المدن الكبرى.

 

 

 

 

العربية نت