تعجّ العاصمة المكسيكية، مكسيكو سيتي، بالحيوية والنشاط، مشكّلة مزيجًا نابضًا بالحياة يجمع ما بين الماضي والحاضر. غالباً ما تدهش المدينة زائريها الجدد، فهي تمثل مركزًا أساسيا للمال والأعمال، كما أنها تعد مقصدًا سياحيًا رائعًا.

«إنها بستان مفعم بالحياة» كما يقول غاري هووفر، وهو أحد رواد الأعمال المؤسسين لشركات ومشاريع متعاقبة في تلك المدينة، وهو من مدينة أوستن في ولاية تكساس الأميركية، ومن معتادي السفر إلى العاصمة المكسيكية.

تقع المدينة في المرتفعات الوسطى للبلد (2.240 متراً فوق سطح البحر)، وهي مدينة عالمية مترامية الأطراف، تزخر بتاريخ عريق من الفنون والثقافة والعمل، وتذوق وصفات الطعام الشهية. كما أنها من بين أكثر المحاور الاقتصادية أهمية في أميركا اللاتينية. لذا، لم يكن من المستغرب أن تسميها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية «وجهة السفر الرقم واحد» لعام 2016، وذكرت أن «لا مكان يضاهيها في العالم».

وجهة السفر الرقم واحد في العالم

مدينة التجارة
يقيم في مدينة مكسيكو الكبرى أكثر من 21 مليون نسمة، وتستضيف المدينة حوالي 12.5 مليون شخص سنوياً، ويسافر إليها الكثيرون بغرض التجارة والأعمال إلى مكاتب شركات كبيرة متعددة الجنسيات تعمل هناك في مجالات متنوعة، مثل القطاعات المالية، وصناعة الطيران، والفضاء، والسيارات، والأدوية. أما أسماء الشركات الكبرى فتشمل عمالقة صناعة الأدوية، مثل «ميرك»، و «باير»، و «استرازينيكا».

وتُعتبر المؤتمرات والأحداث الهامة من بين النشاطات التجارية الكبرى. فاستضافت مدينة مكسيكو «المؤتمر العالمي للفيفا» أوائل أيار، كما حضر «المؤتمر الدولي لطب القلب» آلاف الزائرين في شهر حزيران. كذلك عادت مسابقة «فورمولا وان» إلى المدينة بعد انقطاع دام عقدين من الزمن، ما سيشد انتباه أعداد إضافية من المتحمسين للسيارات في شهر تشرين الأول المقبل.

ما تزال مدينة مكسيكو سيتي تعاني من الضباب الدخاني بصورة متكررة، وقد صنفتها الأمم المتحدة في العام 1992 أكثر المدن تلوثاً على الكرة الأرضية. غير أن المدينة تحاول قلب صفحة جديدة والعمل بمسؤولية أكبر. وقد بدأ العمل في «المشروع الأخضر»، وهو عبارة عن استراتيجية بيئية طموحة، في العام 2007 لتحسين نوعية الهواء والتقليل من حركة مرور المركبات.

يشير السائح هووفر، الذي زار 45 بلداً حول العالم، إلى مبالغة البعض في المخاوف المتعلقة بالسلامة في مدينة مكسيكو، مؤكدًا أنه يشعر فيها بأمان أكثر من بعض المدن الأميركية مثل ديترويت، أو نيوأورلينز، أو العاصمة واشنطن. ورغم تطمينات هووفر، تظل الجريمة أحد المخاوف في المدينة. ويُنصح المسافرون إليها بأن يكونوا حذرين، وأن يتجنبوا المناطق الخطرة.

مودّة لكسب الثقة
مطار «بينيتو خواريز» الدولي لمدينة مكسيكو هو أكثر مطارات أميركا اللاتينية ازدحاماً، حسب رأي ماجدا سانشيز، مديرة الأنشطة الكبرى في هيئة سياحة المدينة. تغادر من المطار أكثر من 150 رحلة دولية يومياً، وتُضاف وجهات جديدة من مدن وإليها في أوروبا وأميركا الشمالية. ويقع المطار على بعد ثمانية أميال فقط عن وسط المدينة، ويسهل الوصول إليه بوسائل النقل العامة. غير أن معظم زائريها بغرض التجارة والأعمال يستقلون سيارات الأجرة. وتستغرق الرحلة إلى المدينة قرابة 30 و60 دقيقة، وتكلف ما بين 50 و100 دولار أميركي أو أكثر، وفقا لازدحام حركة المرور.

بفضل انحسار قيمة البيزو مقابل الدولار الأميركي (كل 18 بيزو تعادل دولاراً أميركياً واحداً)، توفر مدينة مكسيكو للمسافرين بغرض التجارة والأعمال أشياء تستحق المال المنفق عليها. واستناداً إلى تقرير صادر من شركة «إكسبيرت ماركت» لخدمة توفير الخبراء ما بين الشركات، فإن المعدل اليومي لتكاليف رحلة تجارية الى مدينة المكسيك هو 252 دولارا أميركيا. وتشمل هذه التكاليف تأجير محل للسكن، وسيارة، وطعاما. وبالمقارنة، نجد أن المعدل اليومي للنفقات هو 508 دولارات أميركية في لندن، و443 دولارا أميركيا في نيويورك.

«تعد المودة من الأمور القيّمة جداً بالنسبة لنا. إنها أمثل وسيلة لكسب الثقة»، حسبما تقول سانشيز. فعندما تقابل أحداً للمرة الأولى، فالتحية هي بالمصافحة ومخاطبته بلقبه. «أما إذا تعمّقت العلاقة، فنستعمل في العادة أسماءنا (الأولى) ونتصافح ونتعانق». ويعد تناول الوجبات المشتركة أمرًا مهما أيضا لبناء علاقات تجارية جيدة. وعند تناول وجبة مع زملاء، توقع أن يبدأ الغداء قرابة الساعة الثانية بعد الظهر، وأن يستمر على الأقل لساعة ونصف أو ساعتين، ويمكنك فيها تناول عدة أطباق. أما موائد العشاء فينبغي أن تُحجز لما بعد الثامنة مساءً. تقول سانشيز: «المدهش عن مدينة مكسيكو سيتي أنه يمكنك إيجاد أماكن لتناول العشاء حتى منتصف الليل».

(بي بي سي)