مساء الجمعة في الحادي عشر من آب 2006، أصدر رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت الامر بتنفيذ عملية "تغيير الاتجاه 11" بعد تردد طويل حسمه بحث القيادة السياسية عن نصر بحسب ما اظهر لاحقا تقرير فينوغراد.
كان قائد الفرقة 162 غاي تسور أبرز المتحمسين لهذه العملية.
بحسب الخطة كانت مهمة فرقته عبور وادي السّلوقي الذي لا يبعد سوى 15 كيلومتراً عن الحدود الشمالية، ومتابعة التّحرّك غربا حتى الوصول إلى قرية جويّا المشرفة على البلدات الساحلية لقضاء صور، حيث كانت النسبة الأكبر من صليات الكاتيوشا تطلق من هناك.
قررّت قيادة الجيش تعزيز الفرقة 262 بألوية نخبوية، من بينها اللواء 401، المدرع والمزود بدبابات ميركافا من الجيل الرابع، فضلاً عن لواء الناحال بقيادة العميد أدلشتاين، وهو من ألمع القادة الميدانيين في سلاح المشاة.
انطلقت عملية عبور وادي السلوقي عند الساعة السادسة إلاّ عشر دقائق، في هذه الأثناء كان ادلشتاين مشغولاً بمراجعة بعض الخرائط العسكرية بواسطة نظارات تسمح برؤية ثلاثية الأبعاد، فأشار إلى أحد المنحدرات على الخارطة قائلا لقائد الكتيبة 932: " تسلّق هذا المنحدر يجعلك تصل لبلدة الغندورية مع جنودك سالمين, فهذه النقطة غير مرئية للتلال المشرفة ولا يطالها القصف, عندما تصل إليها، لا مشكلة لديّ ان استرحت واحتسيت القهوة".
فجر اليوم التالي؛ السبت عند الساعة الثالثة والدقيقة الثلاثين كانت كل الاستعدادات والاجراءات قد اكتملت لعبور وادي السلوقي والسيطرة على بلدة الغندورية كمقدمة لمواصلة السير منها باتجاه بلدة جويا. آخر هذه الاجراءات كان هبوط مئات الجنود من لواء الناحل خلف بلدة الغندورية غربا لتشكل فكّي كماشة مع القوات المتقدمة من الشرق التي كانت وصلت وادي الحجير.
بدأت كتيبة المدرعات رقم تسعة من اللواء المدرع 401 التقدم، لكنها ما ان وصلت وادي الحجير حتى تم استهدافها من بلدة فرون التي كان الطيران الحربي دمر فيها كل المنازل المشرفة على الوادي، فأصابت الصواريخ المضادة للدروع من نوع كورنيت دباباتين بشكل مباشر.
أمام هذا الموقف قرر قائد الكتيبة ان يتقدّم بدبابته ويناور حتى يقطع المسافة المكشوفة لبلدة فرون، وبالفعل نجح بالعبور ووصل قبل جنود المشاة إلى المنحدر الذي كان أشار إليه قائد لواء الناحال ادلشتاين. وما أن تقدم عدة أمتار حتى انفجرت بدبابته عبوة ناسفة ضخمة مضادة للدروع زرعت بشكل جانبي فأصيب قائد الكتيبة والسائق بحروق بالغة.
شاهد قائد السرية الإنفجار من دبابته التي كانت تسير في الخلف على بعد عشرات الأمتار من دبابة قائد الكتيبة, فخرج على الفور واقترب من الدبابة المصابة وعمل على سحب الجريحين، مستعيناً بجرافة مدرعة شقت له الطريق قرب المنحدر.
وصل قائد السرية إلى وسط الغندورية، من دون أن يعلم ان طريقه أصبحت مكشوفة أمام رماة الصواريخ ضد الدروع من حزب الله المنتشرين في بلدتي يحمر وزوطر الغربية. وبالفعل، أصاب صاروخ دبابة قائد السرية فقتل على الفور مع اثنين من مساعديه.
كانت هذه آخر نقطة تصل إليها دبابات اللواء 401 بعد المنحدر.
لم تكن حال جنود لواء الناحال أفضل، بعد وصولهم الى مزرعة الطويري، باشروا بتسلق المنحدرات الغربية ظنا بأن بلدة الغندورية صارت آمنة لدخولهم.
دخلوا البلدة فجراً وهم يتبادلون النكات، وما ان اقتربوا من أول منزل حتى انفجرت مجموعة من العبوات الضخمة حاصدة عددا كبيرا من الجنود بين قتيل وجريح.
استمرت الاشتباكات حتى الظهر، واعترف الجيش الاسرائيلي بسقوط سبعة عشر قتيلا وأكثر من ستين جريحاً.
امام هذا الوضع الكارثي، إضطر لواء الناحال للانكفاء والتراجع باتجاه وادي الحجير فلاحقته قذائف الهاون من عيار 120 مئة وعشرين مليمتراً من مرابض المدفعية التابعة للمقاومة، على الرغم من التحليق المكثف للطيران في اجواء المنطقة.
لم يستطع لواء الناحال ولا لواء المدرعات 401 إحتساء القهوة عند منحدرات الغندورية.
المصدر: الميادين