عندما رصد فلاديمير بوتين ميزانية هائلة فاقت 50 مليار دولار لاستضافة الأولمبياد الشتوية في مدينة سوتشي قبل عامين، كان الرئيس الروسي كمن يقول لأولئك الذين يطمحون في إضافة اللقب إلى سجلهم: "انظروا كم أنفقنا على أبرز حدث رياضي في العالم!".

لكن، وسط موجات ركود متتالية جرفت معها بوادر التفاؤل حيال آفاق الاقتصاد العالمي، بات الرقم الروسي القياسي في تاريخ ميزانيات الأولمبياد، صعب المنال.

والليلة حينما تضاء أرجاء ملعب "ماراكانا" الشهير في "ريو دي جانيرو" بأضواء حفل افتتاح الدورة الحالية للأولمبياد الصيفية، سيستحضر البرازيليون 4 مليارات دولار خصصت لتنظيم المنافسات، رغم هزالتها مقارنة بـ "البذخ الروسي"، في وقت تعيش فيه البلاد على وقع فضائح الفساد وتراجع مؤشرات النمو الذي نال من حماس الحكومة تجاه الحدث.

وفي العام 2009، عندما ظفرت "ريو" بفرصة استضافة منافسات الألعاب الأولمبية 2016، كان اقتصاد البرازيل في أفضل حالاته، ينعم بحزمة من حوافز التعافي من الأزمة المالية العالمية، ونما بـ 7.5% في العام 2010، ما شكل أسرع معدل نمو منذ عقود.

أما اليوم، تدشن منافسات 2016 على وقع أسوأ ركود لاقتصاد البرازيل منذ أكثر من 100 عام، أوقد شرارته انهيار في سوق السلع العالمية. وبحسب ما أعلنته حكومة المدينة، كلف تنظيم الحدث4.1 مليار دولار، كنفقات مباشرة على إنشاء الملاعب وقرى الرياضيين، وهي لا تشمل تكاليف البنى التحتية والنقل وغيرها، وفقاً لما نقلته صحيفة "فاينانشال تايمز".

ولم تذع اللجنة الأولمبية الدولية، المشرفة على تنظيم الحدث الرياضي، سراً عندما أقرت بأن ارتفاع تكاليف التنظيم أصبح يهدد مستقبل أضخم حدث رياضي في العالم، حيث كشفت أن مدينة بعد أخرى بدأت تنسحب من التنافس على تنظيم نسختي 2022 الشتوية و2024 الصيفية، متخلية عن طموحاتها الأولمبية بسبب جدالات داخلية حول عبء تكلفة التنظيم.

وفي العام 1976، أوشك تنظيم أولمبياد مونتريال أن يجلب الإفلاس للمدينة الكندية، وبات مثالا يضرب كلما بدأ الحديث عن مخاطر تنظيم منافسات مكلفة على الاقتصاد. وقتها لجأت اللجنة الأولمبية الدولية إلى زيادة حملات التسويق، وتحصيل مليارات الدولارات من حقوق الرعاية والبث، وتقسيم العائدات مع المدن المضيفة، لتخفيف العبء المالي.

غير أن حسابات الحقل اليوم لا تتطابق وحسابات البيدر، فالأزمة العالمية حولت مسار الأولويات لدى الحكومات المثقلة بالديون، وجعلتها أكثر حذرا في الإنفاق. وقد علقت مدن في بولندا وألمانيا وسويسرا والسويد وأوكرانيا عرضها لاستضافة الحدث على الرف، قائلة إنها لم تتمكن من تبرير النفقات لشعوبها، بحسب الصحيفة البريطانية.

وبعدما تحولت آمال اللجنة الأولمبية صوب أوسلو، التي قدمت مقترحا جيداً، بدأت بوادر التردد تصدر عن الحكومة النرويجية التي تكافح لإقناع شعبها بأن الألعاب الأولمبية تستحق إنفاق مليارات الدولارات.

وإذا ما لحقت أوسلو بركب المعتذرين، لن يبقى للجنة أمل سوى في ألماتي الكازاخستانية وبكين الصينية، اللتين ستصبحان المتنافستين الوحيدتين على لقب الاستضافة.

وفي ظل ذلك، تسعى اللجنة الأولمبية الدولية حالياً إلى إجراء إصلاحات لخفض التكاليف وفتح الباب أمام مدن أخرى في مناطق جديدة مثل إفريقيا وجنوب شرق آسيا، بعدما بات همها الأوحد إقناع الدول بأن تنظيم الأولمبياد على أراضيها "إرث دائم يستحق هذا الإنفاق الضخم".

 

 

 

العربية نت