في منطقة بيت صفافا الواقعة في قلب مدينة القدس، وتحديداً في حي الشرفات، تتربع تلة مطلة على أجمل مشاهد المدينة، حيث يظهر للناظر من هناك معظم معالم المدينة المقدسة في مشهد بانورامي خلاب يتعانق فيه عبق التاريخ العتيق للمدينة وسحر الجغرافيا الأخّاذ.
في هذا الموقع الإستراتيجي الذي لا يبعد أكثر من خمسة كيلو مترات عن المدينة القديمة، يجري العمل على قدم وساق لتطوير مشروع رابية القدس العقاري الاسكاني، وهو أول مشروع اسكاني فلسطيني تنفذه باديكو القابضة داخل مدينة القدس.
طبيعة المشروع يقول الرئيس التنفيذي لباديكو القابضة، سمير حليله، أن مشروع رابية القدس العقاري هو مشروع اسكاني بالدرجة الأولى يشمل في مرحلته الأولى عشرة بنايات سكنية مصممة وفق أحدث أنماط التصميم المعاصرة، فيما تشمل المرحلة الثانية من المشروع اثنتي عشرة بناية سكنية إضافية. ويضيف حليله بأن رابية القدس تتميز بتصميمها المبتكر، حيث تحتوي على حي متكامل يتضمن منطقة خضراء مشتركة تتيح للسكان العيش ضمن مجتمع محلي يشجعهم على التواصل الاجتماعي، وفي نفس الوقت يحافظ على خصوصية السكان من خلال توفير استقلالية تامة لكل مبنى.
كما يوفر المشروع بيئة ترفيهية للأطفال تمكن الأهل من مراقبة أطفالهم ومتابعتهم أثناء اللعب في الفراغات المعمارية الخضراء المشجرة والمحمية بشكل كامل لتوفير الأمان للأطفال.
سير أعمال المشروع .
وأوضح حليله بأن باديكو القابضة كللت جهودها خلال تموز من العام الحالي بالحصول على جميع التراخيص والموافقات القانونية اللازمة من جميع الدوائر المختصة في بلدية القدس، بما في ذلك تراخيص قِطع الأرض، والشقق، والمياه، وتراخيص شركة الكهرباء، والتراخيص المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، والإطفائية، وشق الطرق، والعمل... وغيرها، حيث يقول حليله " إنه بصدور الرخصة الرسمية من البلدية، تكون الشركة قد استصدرت رُخصاً لبناء 82 شقة؛ حيث ستباشر الشركة أعمال التنفيذ على الأرض بعد استكمال إعداد المخططات التنفيذية ووثائق عطاء التنفيذ.
" خطة عمل المرحلة القادمة
ويضيف حليله بأن الشركة حصلت على جميع التراخيص اللازمة للبنايات العشر التي يتكون منها المشروع، ولديها خيار رفع نسبة البناء ليرتفع عدد الشقق الحالية من 82 إلى 96 شقة بحد أقصى.
وأكد حليله في هذا السياق أنه قد تم الانتهاء من وضع التصاميم الأولية للشقق الإضافية. كما باشرت الشركة بإعداد مخطط تنظيم لباقي أراضي مشروع رابية القدس وعددها 12 قطعة، وبين حليله بأن الشركة عمدت أيضاً إلى استحداث تصنيف جديد للأراضي سيضم: التصنيف التجاري (مكاتب، مقاهي كوفي شوب، سوبرماركت)، والتصنيف السكني؛ الأمر الذي يترتب عليه زيادة عدد الشقق التي سيتم ترخيصها.
وحول الشرائح التي سيستهدفها مشروع رابية القدس، يقول حليله بأن الهدف الأولي هو الوصول إلى أكبر عدد من السكان من حاملي الهوية المقدسية، لا سيما وأنهم يعانون بشكل كبير من النقص الحاد في الشقق السكنية المرخصة التي تتوافق مع الشروط والمواصفات التي تم تحديدها من قبل بلدية القدس، مشيراً إلى أن الشركة تستهدف هذه الشريحة من خلال حملاتها الإعلامية التي تشمل مختلف وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ويضيف حليله بأن الفئة الثانية المستهدفة هم المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل والذين يعملون في القدس أو يرغبون بالاستثمار فيها. أما بالنسبة لعملية البيع، فيبيّن حليله بأنها تدار من خلال مكاتب الشركة في قصر الحمراء في القدس، وذلك من أجل التسهيل على المشترين وتزويدهم بالمعلومات الوافية التي يحتاجونها حول المشروع. تعزيز الوجود المقدسي..
وبصمة استثمارية فلسطينية في مدينة القدس وحول سبب اختيار مدينة القدس لتطوير هذا المشروع الاقتصادي، باعتبارها خطوة جريئة ومعقدة من المنظور الاستثماري، يقول حليله: "إن دافع الاستثمار في القدس يلخص قصة تأسيس باديكو القابضة نفسها، إذ إن المؤسسين الأوائل لباديكو القابضة وضعوا مبكراً رؤية اقتصادية وطنية تقوم على تكريس الجهد الاقتصادي والتنموي في فلسطين لخدمة الأبعاد الوطنية، وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة تكون رافعة للدولة الفلسطينية العتيدة.
وبالتالي كانت مدينة القدس في محور الاهتمام الاستثماري للشركة، ليس فقط بسبب ثقلها الوطني والتاريخي والديني، بل لأنها أيضاً ظلت الحلم الأكبر الذي استحوذ على رجال الأعمال الفلسطينيين الذين كونوا قصص نجاحهم في الشتات وبقي طيف الوطن بشكل عام، وطيف المدينة المقدسة على نحو خاص يلوح في وجدانهم ومخيلتهم، وظل هذا الحلم رهن الخيال حتى مطلع التسعينيات، وهي الفترة التي تداعى فيها نخبة من رجال الأعمال الفلسطينيين في الشتات لتأسيس باديكو القابضة كي تقود العملية التنموية الاستثمارية في أرض الوطن، وبعد أكثر من عقدين من الزمان على تأسيس الشركة فقد نجحت بالفعل في أن تكون رائدة المسيرة التنموية للقطاع الخاص الفلسطيني."
ويضيف حليله بأن مشروع رابية القدس، إلى جانب عدد من المشاريع الأخرى لباديكو القابضة في القدس، مثل فندق السانت جورج، وقصر الحمراء، تستهدف بشكل عام ترك بصمة استثمارية فلسطينية في المدينة المقدسة، وذلك في ظل الواقع الصعب الذي تعيشه المدينة، والذي بات يشكل تهديداً وجودياً للإنسان المقدسي من مختلف النواحي، لا سيما من الناحية الاقتصادية والثقافية، وبالتالي فإن مثل هذه المشاريع تكرس الوجود المقدسي في المدينة وتعزز من عوامل الصمود والبقاء رغم كل العوائق، كما أنها تحافظ على الوعي والذاكرة الفلسطينية من التآكل والذوبان.