أيتها العازبات الحالمات.. مَنْ استطاعت منكن الصمود أكثر فلتفعل، إياكِ أن تضعفي فيكن ظلماً لنفسك وروحك، قبل سنتين إلا بضعة أشهر كنت في عداد العازبات، وقد تعرضت لما تعرضتِ له وأكثر، ومُورس بحقي جميع أشكال بتر الجمال في روحي، صدقيني كل ما في الأمر أننا نعيش في مجتمع يعاني تقرّحات الجاهلية الأولى، لا يتقن إلا فن حياكة عُقَدٍ في قلب كل أنثى، وتتوالى العُقد حتى تشاء ويشاء قدر الله.
بالمناسبة، ليست العزباء مَنْ تعاني مِن هذه الأفكار السقيمة، بل الأنثى منذ طفولتها إلى مراهقتها ثم البلوغ، فالخطوبة فالزواج والإنجاب أو الطلاق، وحتى في مرحلة الشيخوخة وختاماً في قبرها!
فالمجتمع لا يرحمها، تبقى تحت المطرقة، وإن كانت الحقيقة المُرة أن الأنثى هي مَنْ تنكّد حياة غيرها من الإناث أضعاف ما يفعل الجنس الآخر! بالمختصر حتى عندما تتزوجين لن يرحمك المجتمع وسيرمونك بسهام أصعب وأعقد وأشد إيلاماً من سهام ما قبل الارتباط!
صدقيني إن هذه الفترة التي تعانين فيها من ضغوط المحيط والمجتمع لن تتوقف أبداً، ستستمر معك أثناء الخطوبة والزواج والحمل والميلاد وبكل تفاصيل حياتك، لذلك أرجوكِ لا تقبلي الارتباط بإنسان لأجل التخلص من ويلات المحيط، تزوجي عندما تشعرين بأنك مؤهلة لذلك وبأن الإنسان المناسب قد بعثه الله لك كما تستحقين وليس أقل.
صدقيني.. إن الزواج ارتباط عمر كامل وليس يوماً وليلة، ليس صداقة أو علاقة جيرة، الزواج انبثق عن روحين انشطرت نصفين لتكمل بعضها بعضاً، فيكتمل المشهد فنصبح وأنصافنا رواية مدهشة، نشبه كثيراً لعبة التراكيب، حيث لا تكتمل إلا حين تنصهر أجزاؤها وتتداخل، فتتشبث الروح بالروح والجسد بالجسد، حينها فقط تحدث معجزة الله العظيمة "السكينة" وتتلوها المودة والرحمة.
أيتها العزباء الحالمة.. إياك أن تسمحي لهم بأن يوهموك بأن نجاحك وطموحك وأهدافك في الحياة أقل أهمية من الزواج، صدقيني إنهن يحسدنك على كل إنجاز تحققيه، وعلى كل لحظة تسيرين فيها لتحقيق أحلامك، فالزواج سُنة حياة وأؤمن بها، وبعد خوض هذه التجربة عرفت أنها نعمة الله الكبرى التي أهداني إياها في حياتي، ولن تشعري أنت بقيمتها إلا إن كانت مع الشخص المناسب، الذي سيأخذ بيدك لتكملي طموحك وأحلامك، ذلك النصف الذي يؤمن بك وبكيانك ووجودك في الحياة.
صديقتي.. لكي لا تهدري مستقبلك مع الإنسان الخطأ، لذلك فقط أؤمنك مستقبلك وأتوسل لك بأن لا تستسلمي وتضعفي بل انتظري الشخص الذي معه ستصنعين عالماً خيالياً مدهشاً وتكونا خير خلف لله في أرضه، انتظري مَنْ يقول لك لن ننجب إلا قائداً وعالماً ومفكّراً، فأنت تستحقين الرجل الذي يناسب روحك وعقلك وقناعتك وذوقك، لا تصدقي أنه انقرض أو أنه لم يخلق إلا في بلاد الأجانب!
ولا تستعجلي ليصبح اسمك "متزوجة" فما الفائدة إن سبقتك الآلاف إلى هذه الكلمة وهن يعشن الآن حياة البؤساء، أولئك هن اللواتي ينغّصن عليك عزوبيتك، تمتعي بها واعلمي أن هناك قدراً مذهلاً كتبه الله لك سيأتيك به مغلفاً بغلاف السعادة الأبدية.
وعندما تتزوجين في عمر النضوج الحقيقي فكرياً وعاطفياً وجسدياً تأكدي بأنك ستعيشين نعمة الزواج بشكله الحقيقي وصورته المذهلة. لا تعترفي بمصطلح "العنوسة"، ولا تصدقي أن القطار يفوت، فذات القطار يعيد ذات الطريق آلاف المرات بركّاب مختلفين، فلا تجلسي إلا بجانب الحبيب الذي يستحقك.
وفي النهاية صديقتي أوصيك: استأصلي عادات وفكر المحيط وتجاوزيه وإلا لن تكوني إلا قد ظلمت نفسك.
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.
المصدر: هافينغتون بوست