قد يكون العمل لساعات طويلة من الاثنين إلى الجمعة صعباً بغض النظر عن عمرك، ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أنه إذا كان عمرك يتجاوز الـ40 عاماً، فإن العمل لأكثر من 25 ساعة في الأسبوع يمكن في الواقع أن يؤثر على أدائك الإدراكي.
بعد إجراء الاختبارات على أكثر من 6500 عامل في أستراليا، وجد الباحثون بأن العمال الذين كانوا يمتلكون القدرات العقلية الأفضل كانوا هم الأشخاص الذين يعملون لحوالي ثلاث أيام في الأسبوع فقط، في حين أن الأشخاص الذين كانوا يعملون لمدة أكبر من هذه كانوا يعانون من تراجع في الذاكرة والذكاء.
الأمر الآخر الذي كان مثيراً للاهتمام، هو أن الدراسة بينت أيضاً بأن الأشخاص الذين يعملون لأقل من 25 ساعة في الأسبوع حصلوا على درجات معرفية منخفضة، وهذا يشير إلى استنتاج أن هناك نقطة معينة يمكن للذهن خلالها أن يتحفز بالشكل الصحيح بعد سن معين.
لمعرفة ذلك، قام فريق من الباحثين الدوليين بإخضاع 3000 رجلاً استرالياً و 3500 سيدة فوق سن الـ40 لثلاثة اختبارات متفرقة، وهي اختبار الذاكرة، واختبار القراءة، واختبار القدرة الادراكية.
أشار (كولن ماكنزي)، وهو أحد الباحثين من جامعة كيو في اليابان، بأن النتائج بينت بأن المهارات المعرفية لدى الذين كانوا يعملون لمدة تتراوح بين 25-30 ساعة في الأسبوع كانت مضاعفة بالمقارنة مع غيرهم من الأشخاص.
أضاف (ماكنزي) بأنه وبالنسبة للوظائق المعرفية، فقد تبين بأن العمل أكثر مما ينبغي قد يكون أسوأ من عدم العمل على الإطلاق، ففي البداية كان العمل يحفز خلايا الدماغ، ولكن الإجهاد الجسدي والنفسي المرتبط بالعمل يبدأ في مرحلة ما، وهذا يؤثر على الفوائد التي تحصل عليها من العمل.
ولكن كيف يمكن أن يكون الكثير من العمل سيئاً بالنسبة لنا؟ لم ينظر البحث سوى في العلاقة بين ساعات العمل والأداء، ولم يتحقق مما يمكن أن يكون المسبب لهذا التغيير، لذلك فمن السابق لأوانه الجزم بأن العمل كان هو المسبب لهذا الضرر، ولكن مستوى التدهور الإدراكي المرتبط بالساعات الطويلة من العمل كان نفسه لدى كل من الرجال والنساء، وعلى ما يبدو فلا يوجد شيء يفسر هذا الفرق في أداء الاختبارات سوى مقدار وقت العمل.
افترض الباحثون بأن هذا متعلق بأمرين: وهما الإجهاد وقلة النوم.
منذ عقود، كان يعرف بأن الإجهاد يؤثر على وظائفنا الادراكية من خلال إنتاج هرمونات معينة – وقد أظهرت الأبحاث بالفعل بأن التوتر لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى فقدان الخلايا العصبية في الدماغ.
ومن جهة ثانية، فإن لقلة النوم تأثير مماثل، حيث تظهر الدراسات أن المادة البيضاء داخل الدماغ يمكن أن تتغير بشكل ملحوظ بعد قضاء ليلة دون نوم.
بالإضافة إلى ذلك، فقد ركز الباحثون في دراستهم على الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ 40 عاماً، لذلك لا يمكن الجزم بتأثير ساعات العمل على الأشخاص الأصغر عمراً، ولكن الفريق كان مهتماً بشكل خاص بتلك الفترة العمرية لأن الأشخاص في ذاك السن غالباً ما يكون لديهم مهمة الاعتناء إما بأطفالهم الصغار أو كبار السن من أقاربهم، وهو ما يعني أنه عادة ما يكون لديهم وظيفة أخرى إلى جانب عملهم.
رغم كل ذلك التوتر الإضافي، فقد تم تأخير سن التقاعد وأصبحت ساعات العمل في الأسبوع أطول في معظم البلدان المتقدمة، وذلك على الرغم من عدم وجود أي دليل يشير إلى أن ذلك يجعلنا أكثر إنتاجية.
الجدير بالذكر أن هذا البحث قد تم نشره في نيسان/ ابريل، ولا يزال هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات للتأكد من الفترة الدقيقة التي يجب على الأشخاص العمل خلالها حتى يستطيعوا تحقيق الأداء الأمثل، وذلك إلى جانب معرفة كيفية تأثير العمل لفترات طويلة على المستوى العصبي لدينا طوال حياتنا.
وكالات