لا تقف حدود الإبداع داخل سجون الاحتلال, بل تخرج لُتبحر في هذا العالم الواسع وليتخطى الأسير تلك المعاناة التي تعرض لها خلال فترة التحقيق, حيث تُعد مرحلة التحقيق مرحلة مفصلية وحساسة عند كل أسير ودائما ما تترك آثارها على نفسية وجسد الأسير, لذلك ابتدع الأسرى " فيس بوك " على طريقتهم الخاصة وصفحة خاصة لكل أسير يقوم بنشر العديد من المواضيع السياسية والثقافية من خلالها.
التحقيق.. المرحلة الأصعب
يقول الأسير المحرر أحمد العاروري " التعافي من آثار التحقيق يختلف من أسير لآخر وحسب نوعية التحقيق, في حين أن التحقيق لا يتم اعتباطًا من قبل مخابرات الاحتلال ولكن يتم دراسته وتطويره من قبل خبراء وأطباء نفسيين ومختصين وتبعا لشخصية كل أسير يكون التحقيق بوسائل مختلفة".
ويوضح أن الأسير بعد التحقيق لا يُترك وحيداً منذ اللحظات الأولى لدخوله المعتقل من بقية الأسرى وخاصة القدامى منهم, حيث يبدأ الأسرى بمساعدته والحديث معه والسهر معه في الغرف حتى يتجاوز هذه المرحلة.
وقال "يبتدع الأسرى داخل المعتقلات العديد من الوسائل للدفاع عن ذواتهم وأفكارهم وطموحهم بما لا يدع مجال للشك عن عملية إبداعية حقيقية جديرة بالاهتمام والتوثيق والفخر".
إبداع رغم قيود السجان
وكشف العاروري أن الأسرى داخل المعتقلات ابتدعوا " فيس بوك " خاص بهم من خلال الاستعانة بدفتر كبير وتخصيص صفحة لكل أسير ومجموعة خاصة به يقوم بنشر المواضيع السياسية التي تهم الأسير ويستفيد منها في حياته داخل السجون, عدا عن الشعر والمواضيع الثقافية المنتشرة داخل السجون.
وبيّن العاروري أن هذا الدفتر يتنقل بين الأقسام المختلفة للتعليق على هذه المواضيع المنشورة داخل " فيس بوك" السجن, من جهة أخرى يسعى كثير من الأسرى لصناعة بعض المشغولات اليدوية من المواد المتوفرة داخل السجن.
وأضاف أن الأسرى يلجؤون إلي "بزرة الأفاكادو" لنحت ذكرياتهم عليها وحفر الأسماء لتبقى لهم ذكرى, وصناعة المسبحة من عجم الزيتون تأكيداً منهم أن الأسير لا يعدم الوسيلة داخل السجن ولا يتوقف إبداعه رغم قيود السجان.
الأسير المحرر قتيبة عازم والذي أبدع في نحت صابون " DOVE" أوضح أن النحت على الصابون داخل سجون الاحتلال هو ما ميَّز الأسرى عن غيرهم من العاشقين، الكثير من المحبين يتسابقون لشراء الدمى والجوري والعِطر لأحبتهم، أما الأسرى ولعدم تمكنهم من اقتناء مثل هذه الهدايا صيَّروا من العدم شيئًا، فأخدوا ينحتون على الصَّابون بإحساسهم، وبكلّ ما أوتي كل منهم من حب، وجسَّدوا مشاعرهم على صفحة بيضاء لا تشوبها شائبة دلالة على عمق الحب والفقد الذي يعاني منه الأسير داخل السجون.
ولو تحدَّثنا قليلًا عن طريقة النحت ونحن نعلم بأن حياة الأسير تفتقر لأبسط الأشياء، فقد تطرقوا لعدة خامات يصعب الاستغناء عنها داخل الأسر كـ (نكاشة الأسنان، قشَّارة البطاطا ) أدوات جدُّ غريبة، ولا تخطر على بال بشر، وفي ذات الوقت فإن نحتها يأخذ من الأسير الواحد عدة أيام قد تتجاوز الثلاثة.
الأسيرات.. وملء وقت الفراغ
من جهة أخرى قالت الأسيرة المحررة بشرى الطويل "بعيداً عن الروتين الممل داخل سجون الاحتلال تلجأ الكثير من الأسيرات لشغل المشغولات اليدوية من التطريز وصناعة البراويز حيث تملأ هذه المشغولات أوقات الفراغ لدى الأسرى وتكون سبباً في فرحة الأسيرة لما أنجزته من هذه الأشياء".
كما أشارت إلى أن الأدوات الخاصة بهذه المشغولات تصل للأسيرات بواسطة مؤسسه تهتم بوضع الاسيرات وتسمح إدارة السجون بإدخالها بكميات محدودة .
يذكر أن إدارة السجون، تعمل بشكل مستمر ودوري على التضيق على الأسرى والتنغيص عليهم، فإنها تقوم غالبًا بمصادرة مثل هذه المقتنيات التي يعمل الأسير على إرسالها مع أسير آخر قد منّ الله عليه بالحرية أو تقوم بالمماطلة لحظة الإفراج عن الأسير نفسه مما يؤدي إلى اشتباك بين الأسير و "النحشون".
المصدر: فلسطين الآن