في عام 1991، اختبر العالم الرسائل القصيرة عبر تقنية الـ2G والتي شكّلت في بداية التسعينيات بداية تطوّر التواصل بين الناس. وما هي إلا سنوات قليلة حتى ظهر الإنترنت، الشبكة الإلكترونية التي ساهمت وبشكل كبير بالتحضير لثورة في مجال التواصل عبر ربطها ملايين الناس حول العالم بعضهم ببعض.
وبعد 10 سنوات على ظهور تقنية الـ3G، ساهم التطوّر الملحوظ عام 2008 باختراع تقنية الـ4G والتي أدخلت الاتصال المصوّر عبر الانترنت إلى جميع الأجهزة الذكية وغيّرت بذلك حياة الملايين من محبّي ومستخدمي التكنولوجيا والأجهزة الذكية حول العالم. ومع الوقت تحسّنت التقنية حتى بات بإمكان الجميع القيام باتصال ڤيديو بسهولة، بسرعة تامة، عبر مئات التطبيقات المختصّة بالاتصال المرئي ومن أي مكان في العالم.
لكن ماذا عن تقنية الـ5G وهل سيتغيّر أسلوب الحياة معها؟ الجميع في عالم صناعة الاتصالات اللاسلكية يوافق على أن 5G قادم بحلول نهاية العقد الحالي. بالطبع ستزيد معه سرعة الإنترنت على الهواتف الذكية بشكل ملحوظ، لكن هذا فقط 1 في المئة من قدرته. هذا، وقد أعلنت شركة "نوكيا" منذ أيام انها تعتزم تقديم نموذج عن 5G في المؤتمر العالمي للجوال في وقت لاحق من هذا الشهر، مؤكّدةً أنّها ستعلن خلاله عن رؤيتها المستقبلية للخدمة.
وتتضمّن توقعات "نوكيا" بعض من القدرات المثيرة للدهشة، كجعل السيارات أكثر أماناً، التخلّص إطلاقاً من مدة الانتظار البسيطة عند إعادة تشغيل المقاطع الصوتية والمرئية، وقدرة الأطباء على إجراء عمليات جراحية باستخدام الروبوت والتحكّم به كلياً عن بعد. وشدّدت "نوكيا" في تصريحها على السرعة قائلة: "نعم، 5G سيكون أسرع بكثير".
السرعة
لا شكّ أنّ شركة "نوكيا" تهدف إلى أن تكون واحدة من أكبر اللاعبين عند ظهور الخدمة في العالم، وقد تُرجم ذلك بعد ادّعائها أنها اختبرت اتصالا عبر الخدمة المنتظرة مع سرعات تحميل وصلت إلى 30 جيغا بايت في الثانية. وهذا أسرع بـ1000 مرة من السرعة المتوسطة لاتصال عبر خدمة الـ4G المتاحة حالياً. لكن الأمر مختلف في العالم الحقيقي، فهنالك فرص ضئيلة جداً للحصول على سرعة مماثلة لتلك التي تحدّثت عنها "نوكيا" واختبرتها في أحد مختبراتها. فوجود الأشجار، المباني والمسافة التي تفصل المستخدم عن برج الخلية، إلى جانب المستخدمين الآخرين الذين أيضاً يتّصلون في الوقت نفسه بالخلية عينها، كلّ ذلك يشكّل عائقاً ويعمل على إبطائها بشكل كبير عما كانت "نوكيا" قادرة على تحقيقه واختباره في مختبرها الخاص. رغم ذلك، فإنّ 5G في أسوأ حالاتها أسرع بـ10 مرات من 4G، وذلك وفقاً لمدير المعايير الحكومية في شركة AT&T الأميركية، برايان دالي. وكان دالي قد تحدّث عن مستقبل سرعات الاتصال بالإنترنت في حلقة نقاش حول التقنيات اللاسلكية التي عقدتها الجمعية اللاسلكية CTIA في واشنطن، الثلاثاء الماضي. بهذه السرعات الجديدة، سيتمكّن عدد أكبر بكثير من المستخدمين من الاتصال في الوقت عينه بالخلية نفسها وإجراء اتصالات بجودة ممتازة ودون أي انقطاع. إذاً، نحن على دراية مطلقة بأنّ الخدمة ستزيد من سرعة الاتصال والتصفّح على الأجهزة اللوحية، الهواتف والحواسيب وبشكل ملحوظ، لكن ماذا ستغيّر أيضاً؟
اتصال مباشر حي
يتمّ تجهيز معظم الملاعب الرياضية بشاشات عملاقة والتي تساعد الناس على متابعة المباريات بدقّة ووضوح في مختلف الأقسام. لكن ماذا لو كان بالإمكان الحصول على بث حي من المباراة أو حفلة موسيقية في الوقت الحقيقي، على الهاتف الذكي، الحاسوب أو الجهاز اللوحي؟ الأمر، بحسب شركة "نوكيا"، ممكن، حتى أنّ الشخص يمكنه تبديل زوايا كاميرا البث والتبديل فيها لاختيار الزاوية المناسبة له، بالإضافة إلى إمكانية الإعادة الفورية حقاً وليس كما هي الآن مع بعض الانتظار عبر خدمة الـ4G. بث الڤيديو على الهواتف الذكية سيكون بتقنية 4K الفائقة الدقة مع صوت واضح جداً، بالإضافة لوضوح في الصورة 4 مرات أكثر من الموجودة حالياً عبر 4G. كما أنّ البث الحي عبر "فيسبوك"، وتطبيق "Periscope" سيصبح مذهلاً وسيساهم بوصول الخبر بطريقة أسرع، لا سيما أنّ خدمات البث المباشر أصبحت مستعملة جداً من قبل المراسلين المتجولين والذين يجاهدون في إيصال الخبر بدقّة وأمانة.
المصدر: العربي الجديد