على قدٍم وساق تجري الاستعدادات لإجراء الانتخابات المحلية بعد أن أعلنت "حماس" الجمعة الماضي في بيانٍ لها عن موافقتها على إجرائها في قطاع غزة بالتزامن مع الضفة المحتلة وتعهدت بالعمل على إنجاحها.
ويصل اليوم الأحد إلى قطاع غزة وفد من لجنة الانتخابات المركزية ممثل برئيسها حنا ناصر، وبحسب ما أشار مسئول اللجنة في القطاع جميل الخالدي، فمن المقرر أن يلتقي الوفد بدايًة بنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ومن ثم الفصائل والقوى والأحزاب السياسية وكذلك ممثلي مؤسسات المجتمع المدني من أجل التحضير لإجراء الانتخابات والتوقيع على ميثاق شرف بين الفصائل والأحزاب يُحافظ على نزاهة وموضوعية الانتخابات.
وكشف الخالدي أن الميثاق يحتوي على 18 بندًا تُلزم الجميع باحترام المرشحين والقوى المتنافسة وعدم التشهير بأي منهم وضمان سلامة وموضوعية العملية الانتخابية، لافتًا أنه بعد التوقيع سيتم تشكيل لجنة من الفصائل لمتابعة تنفيذه، مؤكدًا أنه من المقرر عقد الانتخابات المحلية في الثامن من أكتوبر/ تشرين أول المقبل.
تلك الاستعدادات وحالة التوافق التي اختفت منذ آخر انتخابات في العام 2006، قادت مراقبون للتطلع بأن تكون حالة عامة وتُفضي إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية من شأنها أن تُنهي حالة الانقسام وتُعزز وحدة الصف الفلسطيني على المصلحة الوطنية، لكن هل تنجح في ذلك؟ "الحدث" التقت في هذا التقرير بعدد من المُحللين والخبراء الذي أكدوا في أحاديث منفصلة أنها قد تمنح الشعب الفلسطيني الذي عانى طويلًا بعضًا من الأمل في تحقيق الديمقراطية وإنعاش الحياة السياسية.
خطوة على طريق الديمقراطية
ورأى د. يوسف رزقة، الكاتب والمحلل السياسي، أن ترحيب القيادات الفلسطينية مجتمعة بإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة معًا، يُعطي الشعب أملًا ويمنح الديموقراطية جرعة إنعاش، وأضاف أن الانتخابات ضرورة مُلحة في ظل حاجة الضفة والقطاع معًا إلى تطوير الخدمات التي تُقدمها البلديات للسكان وإيجاد حالة تنافسية بين الفصائل والمستقلون لتقديم برامج جيدة وقابلة للتنفيذ، وقال:"التوافق على إجراء الانتخابات احترام لإرادة الشعب كونه يملك وحده الحق في تنصيب من يُمثله في البلدية والتشريعي والرئاسة معًا".
وشدد على أن العودة إلى الديموقراطية والاحتكام لنتائج الانتخابات لا تنتهي عند الموافقة وحسن النوايا بل تبدأ من عندها، مُضيفًا أنه من الضروري إبعاد أصابع الأجهزة الأمنية عن الانتخابات لضمان سيرها والحفاظ على نتائجها بالنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص.
وبيّن أن الكثير من أنصار حماس لن ينزلوا للانتخابات باسم حماس أو اسم كتلة التغيير والإصلاح، رغبًة منهم في منع التداعيات المُعطلة للمشاركة، وقال :"هذا يستوجب على السلطة وقف ملاحقتهم والسماح للانتخابات بأن تكون خدمية بعيدة عن أي دلالات سياسية".
تحسن الواقع السياسي
فيما اعتبر طلال عوكل المحلل السياسي، أن موافقة حماس ومشاركتها في الانتخابات البلدية المزمع عقدها في الثامن من أكتوبر/ تشرين أول القادم، خطوة على طريق تحسين الواقع السياسي والإنساني في قطاع غزة الذي عانى على مدار عشر سنوات ماضية من الانقسام والحصار وما أثمراه من انعدام في الخدمات وفي أفق الحل السياسي، وقال :"إن الأمر يحتاج إلى خطوات أكثر للئم الجرح الفلسطيني عبر استكمال العملية الديمقراطية وإجراء وإنجاح انتخابات برلمانية ورئاسية"، لافتًا إلى ذلك سيُحسن صورة حماس التي بدت المتحكم والمسيطر الأول والأخير بزمام الأمور في غزة على مدار السنوات الماضية، وتوقع "عوكل" أن تكون الانتخابات البلدية بداية لطي صفحة الانقسام والتناحر السياسي بين الضفة وغزة، وتؤسس لمرحلة توافقية بات الفلسطينيون في أمس الحاجة لها لتحسين واقعهم الخدماتي والإنساني والمعيشي، ولم يُخف عوكل تنبؤاته بأن تُحدث الانتخابات القادمة حالة من التنافسية بين الفصائل مجتمعة وداخل فصيل فتح على وجه التحديد، قائلًا:"من المتوقع أن يكون تنافس كبير بين أنصار محمد دحلان والرئيس عباس في تلك الانتخابات لأن كل منهما يُريد أن يعود بقوة للمشهد السياسي في القطاع".
وبدوره اعتبر المحلل حسام الدجني، أن الانقسامات داخل حركة فتح من شأنها أن تنعكس إيجابيًا على حماس في العملية الانتخابية المرتقبة متوقعًا أن تكون سببًا مساعدًا في إنجاحها، وقال :"إن حركة حماس بموافقتها وترحيبها بل وتعهدها بإجراء الانتخابات في قطاع غزة والعمل على إنجاحها والالتزام بميثاق شرف يضمن نجاحها وتذليل كافة العقبات أمام إجرائها سحبت كافة الذرائع من حركة فتح وألقت الكرة في حجرها لتنفيذ تعهداتها"، وشدد على ضرورة إيجاد ضمانات لإجراء الانتخابات بنزاهة وإيجاد حالة من الرقابة الصارمة عليها لدحض أي وسيلة للعب بمصداقية نتائجها لافتًا أن النية الصادقة في إجراء الانتخابات واحترام نتائجها هي الفيصل في الوصول إلى حالة من الوحدة في الصف الفلسطيني.
المصدر: الحدث