يحتل الطعام الحار مكانةً خاصةً على مائدة الفلسطينيين، وتحديداً سكان قطاع غزة، الذين يفضلون إضافة الفلفل الحار للأطعمة المختلفة، سواءً كأحد مكونات الوجبة، أو كطبق إضافي يضيف تلك اللسعة المميزة على الأطباق اليومية.
لذا يقبل الغزيون على زراعة الفلفل بأنواع متعددة من ناحية الحجم والشكل واللون والطعم وكذلك درجة الحرارة، بالإضافة إلى تصنيعه بأشكال مختلفة كالفلفل المهروس “الأحمر"، أو المخلل، أو المطحون، أو الأسود وغيرها، حتى كادت أسواق غزة لا تخلو من روائحه القوية والمميزة.
في السوق تتجول أم علي القاضي لشراء بعض حاجيات منزلها، وكالعادة للفلفل مكان خاص في سلة مشترياتها، فهو من "الخضروات التي لا يمكن الاستغناء عنها في المنزل"، على حد قولها.
وتضيف أم علي أن الطعام الحار يحظى بإجماع أفراد عائلتها، فهم يفضلون مذاقه في أكلاتها، كما أنها تضعه على المائدة كطبق إضافي، خاصة في الأطباق الخفيفة باعتباره فاتحاً للشهية.
أما عن أكثر الأكلات التي يدخل الفلفل كعنصر أساسي في تكوينها، فعددت أم علي السلطات بمختلف أنواعها كسلطة الخضروات وسلطة الباذنجان، بالإضافة إلى المعجنات والأرز المنكّه.
وتلجأ السيدة الغزيّة إلى طبخ الفلفل كالمهروس والمخلل مؤونة أساسية لمتطلبات مائدتها على مدار السنة.
أما المطاعم، فعمدت إلى تطوير أصناف طعام تتشابه جميعاً في مذاقها الحار بهدف تلبية حاجة الزبائن، كما أن قوائم الطعام يغلب عليها عبارة "حار" بجانب غالبية الأطباق.
ناهض حمودة، صاحب مطعم لبيع المشاوي، أكد أن غزة تشتهر بتناول الطعام الحار منذ القدم، الأمر الذي دفعه إلى إضافة الفلفل للوجبات المعروضة.
وأضاف حمودة أن مطعمه يعتمد على طبخ الطعام الحار بشكل شبه كامل، فالمشاوي - كما يقول - لا يمكن أن تلقى قبولاً دون أن يطغى الطعم الحار عليها.
هذا الإقبال على الطعام الحار كان المحرك لافتتاح مصانع مختصة بصناعة الفلفل، لتنتشر رويداً في كافة مناطق قطاع غزة.
أبو أحمد الحلو، صاحب أحد هذه المصانع، روى لـ "هافينغتون بوست عربي" كيف أنه ورث هذا العمل أباً عن جد، فإقبال الغزيين على الطعام الحار ليس وليد اللحظة بل عادة غذائية قديمة.
ويضيف أبو أحمد أن مصنعه يختص بصناعة الفلفل المهروس الأحمر والفلفل المخلل والمخللات الحارة، موضحاً أن إنتاجه يحظى بإقبال كبير سواءً من المطاعم أو المحال التجارية أو المواطنين أو حتى من المغتربين الفلسطينيين الذين يطلبون كميات منه لاصطحابها معهم خلال سفرهم كنكهة أصلية من الوطن.
وجه إقبال الغزيين على الفلفل اهتمام الأطباء وأخصائيي التغذية لذكر فوائده والتحذير من كثرته.
وبدورها رجحت أخصائية التغذية د. مرفت حماد كفة فوائد الفلفل على مضاره، مستشهدةً بدراسات أثبت أن تناول الطعام الحار يساعد الجسم على الوقاية من مرض السرطان، خاصة سرطان البروستاتا، كما أنه يساعد على حرق الدهون، ما يساعد في مواجهة السمنة.
وتضيف حماد أن الطعام الحار يساعد أيضا في تنشيط الدورة الدموية، الأمر الذي يتجسد في كثرة التعرق بعد تناول الفلفل.
ورغم هذه الفوائد، إلا أن حماد ربطت الاستفادة منه بتناول بمعدلات معقولة دون إفراط، خاصة وأن الإكثار منه يتسبب في التهابات في المعدة واضطراب الجهاز الهضمي وصولاً للإصابة بالبواسير، ناصحةً بضرورة ضبط تناول الطعام الحار خاصة للأطفال.
المصدر :هافينغتون بوست عربي