"إنت محجبة.. عيب تقرئي هيك كتاب" أذهلتني هذه الجملة التي خاطبني بها أحد بائعي بسطات الكتب في رام الله، نبرة صوته المرتفعة، واحمرار وجهه، وعصبيته المفرطة التي حدثني بها، لم تكن مهمة بالنسبة لي إلا لاستخدامها في العنوان، فعبارته تلك ما كانت لتحول دون قراري في قراءة الكتاب من عدمه، لكن جملتُه تلك كانت مهمة جداً بالنسبة لي لأنها أثارت في ذهني تساؤلين آخرين هما:
هل بائعو الكتب يقرأون؟ ثم لماذا نشتري الكتب عن البسطات؟
طه عثمان، يرى أن لا مانع من شراء الكتب عن البسطات، فهي تتوفر على البسطات بسعر أقل من المكتبات ودور النشر، وعن البائعين يقول: "أحترم كل شخص يعمل لكسب قوته، والبائعون ليسوا نوعا واحدا، فهناك من أجبر على هذا العمل؛ ويتعامل معه كتجارة، ومنهم من يقرأ ما يبيع ويكون مطلعا على ما تحتويه الكتب".
حمزة ابو عياش، لم يشترِ الكتب عن البسطات حديثا، يقول: "لم يستوقفني عنوان كتاب لأشتريه، ومنذ زمن لم أتعامل مع بائعي الكتب، لكنني كنت ألاحظ عدم معرفتهم بمحتوى الكتاب، فمعرفتهم لم تتجاوز حدود عنوان الكتاب".
لونا قسيس، لم يسبق واشترت الكتب عن البسطات مطلقا كما تقول، وسبب ذلك يعود أولاً لأنها لا تقرأ باللغة العربية، والبسطات لا توفر كتبا باللغة الإنجليزية، وثانياً لأنها تخجل الوقوف على البسطات!
أمير أحمد، يرى أن شراء الكتب عن البسطات هو أمر عادي في حال أن جذبه عنوان الكتاب، وعن البائعين يقول: "هم لا يقرؤون، وعلاقتهم بالمشترين غالبا لا تتعدا حدود السؤال عن السعر، والإجابة عليه".
فراس الطويل، يرى أن كل الكتب أصبحت متوفرة على الإنترنت، لذا فلا حاجة لشرائها، أما البائعون بحسب رأيه فهم نوعان: "منهم من يتعامل مع الموضوع كتجارة، ومنهم بالفعل من يقرأون، بل وينصحون بكتب معينة؛ لأنهم طالعوها من قبل".
رهام زيتاوي، تؤكد على ضرورة أن تكون هناك مراقبة أكبر للأسعار، بالرغم من كونها أرخص من أسعار المكتبات ودور النشر، أما البائعون فهم من وجهة نظرها بائعو كلام لا أكثر.
الدكتور أكرم البرغوثي، مدير عام دار البيرق العربي للنشر والتوزيع، يؤكد على ان اختلاف أسعار الكتب بين البسطات والمكتبات، يعود لكون البسطات هي جهة تسويقية بحتة لا تنتج الكتب، كما انها لاتدفع ضرائب وتكاليف كالتي يقوم بدفعها أصحاب دور النشر، كما أن بعض معروضاتها مستعملة مما يعني سعرا أقل، ويقول: "وزارة الثقافة والبلدية هما المسؤولان عن انتشار هذه البسطات، التي تضر بعمل دور النشر والمكتبات".
ويؤكد البرغوثي على الدور السلبي لبعض دور النشر التي تستخدم البسطات كجهة لتسويق منتجاتها، يقول: "هناك ثلاثة أنواع من الكتب التي يمكن أن نجدها على البسطات، الدينية، والروايات ذات السيط العالي، والكتب الاجتماعية مثل كتب الأبراج والطبخ، وهذا أمر طبيعي، فالشعب الفلسطيني لا يمتلك ثقافة اختيار ما يقرأ، بل يقرأ ما يرشحه الآخرون في الغالب".
بسطات الكتب هي جزء من الشارع الفلسطيني شئنا أم أبينا، لكن الحاجة هي لتنظيم ما يُباع عليها، ومن يبيع عليها.
نقلا عن الحدث